العراق: عام دراسي جديد في ظل نقص أعداد المدارس
ينطلق العام الدراسي الجديد في العراق في 30 سبتمبر/ أيلول المقبل، في حين تعاني البلاد من نقص كبير في أعداد المدارس يقدّر بحوالي 9 آلاف مدرسة، وتفيد أرقام وزارة التربية والتعليم العراقية بأن عدد المباني المدرسية العاملة حالياً هو 16 ألفاً و800، علماً أن أعداد المدارس المصرح لها هو أكثر من 25 ألف مدرسة.
تكتظ غالبية المدارس الحكومية بالطلاب، ما يدفع الكثير من العائلات المقتدرة إلى إلحاق أطفالها بالمدارس الأهلية، هرباً من مشكلات عدة مثل الدوام المزدوج، وتدني المستوى التعليمي، وعدم توفر البيئة التعليمية المناسبة، ونقص الكوادر التعليمية والكتب، وهي مشاكل أثارتها نقابة المعلمين في أكثر من اجتماع لها مع رئاسات الوزراء المتعاقبة.
يؤكد المتحدث باسم نقابة المعلمين ناصر الكعبي لـ"العربي الجديد"، أن "النقابة قابلت جميع رؤساء الحكومات، وتحدثت مراراً عن انهيار المستوى التعليمي، واكتظاظ الصفوف، وانتشار المدارس الأهلية التي تقف وراءها طبقات متنفذة وجهات سياسية. المحاصصة الحزبية هي أساس فشل التعليم العراقي، والتي بنيت على أساس الولاءات وليس الكفاءات، ما أدى إلى انتشار مدارس أشبه ببيوت صغيرة مستأجرة الهدف منها الاستثمار، ووصل عدد المدارس الأهلية إلى أكثر من 3000 مدرسة، وهذا بحد ذاته يشكل فشلاً متراكماً للحكومات".
ويشير الكعبي إلى أن "جميع خطط الحكومات السابقة، وحتى تلك الحالية، لم تحقق النجاح في قطاع التعليم، ولم تعط للكفاءات استحقاقاتها لصالح المتحاصصين. العراق بحاجة إلى 20 ألف مدرسة، علماً أن الحكومة لم تباشر بعد في إنشاء 10 آلاف مدرسة في إطار مشروع بناء المدارس الصينية. لكن هناك نوايا نود أن تكون صادقة، وكنقابة نشد على أيدي الحكومة لرفع المستوى التربوي، وإنجاز وعدها، وإعطاء المعلم حقوقه المادية والمعنوية".
ويلفت إلى أن "المدارس الأهلية تخلق فوارق طبقية، وتؤثر في مستقبل الأجيال، وتولد في داخلهم نفوراً من الطبقة الفقيرة، وتعود بنا إلى صراع الأجيال. الحلول المفترض على الحكومة اتباعها هي اختيار قيادات قادرة على أن تقفز قفزات نوعية في قطاع التعليم، وتوفير الأموال اللازمة للنهوض بالقطاع، والجدية في قرارها الاستراتيجي الوطني، والبعد عن المحاصصة".
من جهته، يقول أستاذ مادة اللغة العربية في إحدى المدارس الحكومية، علاء حيدر، لـ"العربي الجديد"، إن "المدارس الأهلية لم تقدم الإضافة المطلوبة للارتقاء بالمستوى الفكري للطلاب، ويجب أن تكون آليات تحديد الأسعار صادرة عن وزارة التعليم. هذه المدارس عبارة عن مشاريع استثمارية لجني الأرباح على حساب المواطن، ومصروفاتها مرتفعة، ولا تناسب الكثير من العائلات ذات الدخل المتوسط".
في المقابل، يقول أحمد علي، وهو والد لتلميذين، إن "المدارس الأهلية أصبحت ضرورية بسبب اكتظاظ الحكومية"، ويؤكد لـ"العربي الجديد": "هناك مخاطر ناتجة عن غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية على المدارس الأهلية، وخصوصاً في ما يتعلق بجودة التعليم. الجميع ينجح بماله وليس بجهده، والمصروفات بدأت تضاهي الجامعات".
وتشير مديرة مدرسة الأمل الأهلية، ماجدة سعد، إلى أن انتشار المدارس الأهلية يعد خطوة جيدة. وتقول لـ"العربي الجديد" إن "هناك نقصاً كبيراً في المدارس الحكومية وهذا يعلمه الجميع. لذلك، يلجأ بعض الأهالي إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية للحفاظ على مستواهم التعليمي، وضمان مكان مناسب لهم. تضم مدارسنا قاعات للحاسوب ومختبرات، فضلاً عن حصص الرياضة والرسم التي اختفت في المدارس الحكومية، وتحديداً ذات الدوام المزدوج بسبب ضيق الوقت".
وتبين أن "العائلات تدفع ما بين 700 إلى 1500 دولار للطالب الواحد بحسب المرحلة الدراسية، وهذا المبلغ يمكن أن توفره أكثر من 30 في المائة من العائلات العراقية ذات الدخل المتوسط، كونه يسدد على شكل أقساط، وليس دفعة واحدة".
وأعلن وزير التربية والتعليم، علي فرحان الدليمي، في وقت سابق، أن الوزارة "توجهت نحو التعليم الأهلي بسبب نقص المباني المدرسية، وعلى الرغم من أن التعليم الأهلي يحتاج إلى دعم حكومي لتوفير مساحات مناسبة للمباني التي تعد المشكلة الأكبر، اضطرت الوزارة إلى قبول فتح مدارس أهلية في عقارات ومبان بعد تغييرها وتأهيلها".
وفي ما يتعلق بالأجور والمصروفات، أوضح الدليمي أن "تلك الأرقام تختلف بحسب الخدمات المقدمة، بمعنى أن المؤسسة التربوية الأهلية هي التي تحدد ذلك بالتوافق مع الأهالي، لكن مناهجها هي نفسها مناهج وزارة التعليم، وكل ما تفرضه الوزارة يسري على المدارس الأهلية أيضاً".