رويترز: إسرائيل تقصف غزة بالقذائف وحصيلة القتلى لدى الطرفين تواصل الارتفاع
واصلت إسرائيل قصف قطاع غزة اليوم الأحد بعد يوم من أدمى هجوم تشهده في عقود اجتاح خلاله مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عددا من البلدات الإسرائيلية وقتلوا 600 إسرائيلي واختطفوا العشرات، مما يهدد باندلاع حرب كبرى جديدة في الشرق الأوسط.
وشنت إسرائيل ضربات جوية وقصفا عنيفا على أبراج سكنية وأنفاق ومسجد ومنازل لقادة في حماس في قطاع غزة وهي هجمات أودت بحياة أكثر من 370 من بينهم 20 طفلا، إذ توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بانتقام ساحق لهذا اليوم الأسود".
وفي مؤشر على أن الصراع قد يمتد خارج القطاع، تبادلت إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران نيران المدفعية والصواريخ، فيما قُتل سائحان إسرائيليان في الإسكندرية بمصر وكذلك مرشدهما المصري.
وفي جنوب إسرائيل، لا يزال مسلحو حماس يخوضون اشتباكات ضارية مع قوات الأمن الإسرائيلية بعد مرور أكثر من 24 ساعة على بدء حماس هجومها المفاجئ بإطلاق وابل من الصواريخ وباجتياح مسلحين قواعد عسكرية واقتحام بلدات حدودية.
وقال يوني آشر، الذي شاهد مقطعا مصورا لمسلحين يأسرون زوجته وابنتيه الصغيرتين بعد أن أخذتهما لزيارة والدتها، "ابنتاي الصغيرتان مجرد طفلتين. إحداهما عمرها خمس سنوات والثانية ثلاث".
وقال الجيش الإسرائيلي، الذي يواجه أسئلة صعبة تتعلق بإخفاقه في منع الهجوم، إنه استعاد السيطرة على أغلب النقاط التي تسلل إليها المسلحون وقتل المئات من الفلسطينيين وأسر العشرات.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي في إفادة للصحفيين "سنهاجم حماس بكل قوة وستكون تلك جولة عمليات مطولة للغاية".
وقال الجيش إنه نشر عشرات الآلاف من الجنود في المنطقة المحيطة بقطاع غزة، الذي يقطنه 2.3 مليون فلسطيني، ويعتزم إجلاء كل الإسرائيليين الذين يعيشون حول حدود القطاع.
وقال قصاب العطار، وهو فلسطيني معاق في غزة حمله إخوته إلى مأوى عندما قصفت القوات الإسرائيلية منزلهم، إن هذه خامس حرب يشهدها وإنه يتعين وقفها، موضحا أنه لا يريد أن يستمر إحساسه بالحرب.
وشكل هجوم حماس فجر أمس السبت أكبر توغل في إسرائيل وأسقط أكبر عدد من القتلى والمصابين في يوم واحد منذ أن شنت مصر وسوريا هجوما مفاجئا في يوم الغفران في حرب عام 1973.
وأفادت تقارير تلفزيونية إسرائيلية أن 600 إسرائيلي على الأقل قُتلوا. ولم تصدر إسرائيل حصيلة رسمية بعد.
وقد يقوض الصراع الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لتشكيل تحالفات أمنية في المنطقة وتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل والتي يمكنها أن تهدد طموحات الفلسطينيين في إقامة دولة فضلا عن طموحات إيران الداعم الرئيسي للحركة.
وخاض حزب الله وهو حليف أخر لطهران في المنطقة حربا مع إسرائيل في 2006 ويتصاعد التوتر بين الجانبين بشكل متكرر منذ ذلك الوقت.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي "نوصي حزب الله بعدم التدخل في ذلك ولا أعتقد أنه سيفعل".
رهائن
ما زال الحطام الناجم عن هجوم السبت يتناثر صباح اليوم في بلدات جنوب إسرائيل ومستوطنات وتجمعات على الحدود ويحاول إسرائيليون استيعاب الصدمة ومشهد الدماء والجثث الملقاة في الشوارع والسيارات والمنازل.
وتمكن المسلحون من العودة إلى قطاع غزة ومعهم عشرات الأسرى من المدنيين والعسكريين. وقالت حماس إنها ستصدر بيانا في وقت لاحق اليوم الأحد عن عدد الأسرى لديها.
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن نحو 30 مفقودا إسرائيليا كانوا في حفل راقص استُهدف خلال هجوم حماس أمس السبت خرجوا من المخابئ اليوم الأحد.
وجاء أسر هذا العدد الكبير من الإسرائيليين الذين تم تصوير بعضهم أثناء اقتيادهم أو جرهم وهم ينزفون عبر نقاط التفتيش الأمنية إلى قطاع غزة، ليزيد من تعقيدات الموقف المتأزم الذي يواجهه نتنياهو في التعامل مع الموقف بالنظر إلى عمليات تبادل سابقة للأسرى بالعديد من المعتقلين الفلسطينيين.
وأطلقت حماس المزيد من زخات الصواريخ صوب إسرائيل اليوم الأحد ودوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في أنحاء جنوب إسرائيل وقال الجيش الإسرائيلي إنه سيخلي المناطق الحدودية ويمشطها بحثا عن مزيد من المسلحين.
وبدأت إسرائيل في شن ضربات جوية على قطاع غزة بعد فترة قصيرة من هجوم حماس وواصلت تلك الضربات خلال الليل وصباح اليوم الأحد وقالت إنها دمرت مقرات ومعسكرات تدريب تابعة للحركة لكن القصف دمر أيضا منازل وأبراجا سكنية ومنشآت أخرى.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة إن 370 قُتلوا و2200 أصيبوا جراء الضربات الإسرائيلية التي جاءت ردا على الهجوم.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) إن أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة لجأوا إلى المدارس التي تديرها المنظمة الدولية.
وفي خان يونس جنوب القطاع، بحث سكان في أنقاض مسجد في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد. وقال أحد السكان ويدعى رامز حنيدق "أنهينا صلاة العشاء وفجأة تم قصف المسجد. أفزعوا الأطفال والمسنين والنساء".
تصعيد
ويأتي التصعيد في غمار تصاعد العنف بين إسرائيل ومسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل والتي تتمتع فيها السلطة الفلسطينية بقدر محدود من الحكم الذاتي. وتدهورت أوضاع الفلسطينيين في ظل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة مع تزايد عدد المداهمات الإسرائيلية واعتداءات لمستوطنين يهود على القرى الفلسطينية ودعت السلطة الفلسطينية إلى عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية.
وتوقفت عملية السلام منذ سنوات. وخيمت الخلافات الحادة المتعلقة بالتعديلات القضائية على المشهد السياسي في إسرائيل.
قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إن الهجوم بدأ في غزة وسيمتد إلى الضفة الغربية والقدس. ويعيش سكان قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي منذ 16 عاما.
وأضاف "كم مرة حذرناكم أن شعبنا الفلسطيني يعيش منذ 75 عاما في مخيمات اللجوء وأنتم لا تعترفون بحق شعبنا؟".
ونددت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة بالهجوم وتعهدت بدعم إسرائيل.
وفي البيت الأبيض ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن على شاشة التلفزيون ليقول إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها وأصدر تحذيرا صريحا لإيران والدول الأخرى المعادية لإسرائيل. وقال "هذه ليست اللحظة المناسبة لكي يستغل أي طرف آخر يعادي إسرائيل هذه الهجمات لتحقيق مكاسب.".
وخرجت احتجاجات دعما لحماس في أنحاء الشرق الأوسط، بينما أشادت إيران وجماعة حزب الله بهجوم حماس.
ومع طبيعة الهجوم الذي أخذ قوات الأمن الإسرائيلية على حين غرة، يعد هذا أحد أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية في تاريخ إسرائيل، كما أنه يمثل صدمة في دولة تتباهى بقدرتها الكبيرة على مراقبة واختراق الجماعات المسلحة.
وهبط مؤشرا بورصة تل أبيب الرئيسية (تي.إيه 125) و(تي.إيه 35) بما يصل إلى ستة بالمئة اليوم الأحد، ويتوقع مستثمرون أن يتسبب العنف في الإسراع بشراء الذهب وغيره من الأصول التي تمثل ملاذات آمنة.