في حالة غزّة العالم أعمى
نوزاد حسن
كمتابع دبغت الحرب الطويلة جلده أجلس امام نشرات الأخبار قلقًا جدا حين أشاهد آثار القصف على غزّة.
وأكثر ما يثير انتباهي وجود مراسل قرب مستشفى، حيث أعداد كبيرة من البشر يتجمعون لمتابعة أوضاع ذويهم في مستشفى يعاني من نقص في الاحتياجات الطبيَّة، ناهيك عن إنهاك العاملين فيه من أطباء وممرضين.
أحاول في الواقع أن أتخيل كل ما يفكر فيه أولئك البشر، الذي يقصفون منذ أيام بصورة وحشية.
ربما أعرف نوعية خوفهم، لأنني أخزن في ذاكرتي خوفا شبيها، بما يعاني منه الفرد الغزّاوي في هذه الأثناء.
ومن الممكن تسمية الخوف، الذي أتحدث عنه بأنه نوعٌ من الشعور بانعدام الحلول المتاحة أمام الناس.
وأكثر ما يحطم أعصاب الإنسان منظر الأطفال، وهم يتعرضون للموت والحرمان.
هذا ما أقصده بالخوف الطبيعي الذي يعتري الإنسان، وهو يواجه حربًا قاسية، كالتي يتعرض لها أهالي غزّة الأبرياء.
نحن إذن أمام سيل من الصور المباشرة لموت يومي لا يتوقف, وهناك حديث عن غزو بري لغزّة، ربما يقوم به جيش الكيان الصهيوني.
ومهما يكن من شيء، فهناك احتمالات مفتوحة, ولا شك أن الوضع المأساوي سيشهد مزيدا من الدمار، على الرغم من مرور أكثر من عشرة أيام على قصف الأبراج السكنية, والمدارس والجوامع ثم قصف مستشفى المعمداني، الذي أنكر الكيان الغاصب مسؤوليته عنها.
ولا أعرف كيف تنصل هذا الكيان من هذه الجريمة بهذه السرعة, ودون تقديم أدلة تثبت أنهم أبرياء من دم الضحايا في مستشفى يقدم العلاج لعشرات الجرحى.
أظن أن اقسى ما في هذه الحرب أنها عقاب لأبرياء، معظمهم من الأطفال والنساء, حرب انتقام قد تطول بعض الشيء.
وفي ظل موت يومي تنعدم كذلك خدمة الكهرباء, والماء والمساعدات الطبية.
لنقل إذن أنها حربٌ عقابيَّة يدفع الأبرياء ثمنها في كل الأحوال.
ومن ثم يطالبون بترك منازلهم نحو جنوب غزّة، ذلك المسرح الصغير، الذي يواجه بين وقت وآخر حربا لا ترحم.
شخصيا لا أطيق فكرة الحرب أبدا. أكره هذه البدعة، التي تقتل الأطفال وتحرمهم من متعهم البريئة. وأكثر ما يثير استغرابي أن يقف سياسي عجوز كبايدن، وهو يتحدث عن إتباع سياسة قواعد الاشتباك وأطفال غزّة يقتلون بالعشرات.