في تحليل التضليل الغربي
تستحق اللغة المستخدمة في وسائل "اللاإعلام" المسمومة دراسةً متأنّية، إذ يصبح فيها قصف الصهاينة للفلسطينيين في غزة "عملية دفاع عن النفس" من قبلهم. أمّا الشهداء الفلسطينيون فهم "أضرارٌ جانبية". كانت هذه المصطلحات هي نفسها التي استخدمتها قوات الاحتلال الأنغلو - أميركية في غزو العراق وتدميره. ولا تتوانى نشرات الأخبار عن تسمية "الكيبوتز"- وهو أهمّ مؤسّسات الاستيطان الصهيوني في فلسطين ووجه العملة الآخر للمستوطنات اليمينية المتطرفة - بـ"المزرعة Granja" التي يقطنها مدنيون آمنون يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات!
وحول متابعة الحرب الصهيونية على غزة، يُعلن عنها في الأخبار المقروءة والمكتوبة بـ"الحرب في الشرق الأوسط"، لتجنّب ذكر "إسرائيل"، كما يُطلق على قطعان المستوطنين المتطرفين "الضحايا المدنيين"، ويصبح ضحايا الحفل الموسيقي المنظّم في مناسبة دينية يهودية "ضحايا حفل موسيقي أقيم من أجل السلام"!
دحض الأكاذيب الصهيونية وإيصال صوت الإنسان الفلسطيني المقاوم
وأمّا الصراع الصهيوني - العربي الذي تحوّل منذ سنوات إلى صراع إسرائيلي - فلسطيني؛ وقد كُرّست التسمية هذه حتّى في الإعلام العربي، فقد بات يدعى بـ"صراع حماس - إسرائيل"، وبهذا تنحسر مساحة الصراع لتصبح بين إسرائيل "الديمقراطية" و"منظمة حماس الإرهابية". فكيف لا يساندها الغرب؟
وهكذا يمكن المضي في تحليل الخطاب التضليلي للإعلام الغربي الذي يصوّر الوقائع وفقاً للإملاءات الصهيونية لكسب تعاطف الرأي العام الغربي ودعمه. لذا، فإن المثقف العربي الذي يعيش في الغرب مطالبٌ بالكثير: إذ فضلاً عن البحث عن حلفاء مؤثرين يتفاعلون وينشطون لصالح القضية الفلسطينية، لا بدَّ له من استثمار منصات التواصل التي امتلأت بفيديوهات وتقارير إخبارية وشهادات حيّة من غزة، وأغنتنا بمواقف إنسانية مشرّفة من كل أنحاء العالم، دعماً للشعب الفلسطيني المقاوم وإدانةً لوحشية الصهاينة.
هذا على الرغم من إجراءات التقييد والحجب التي امتدت إلى هذه المنصات على نحو متزايد، لأنها أولاً وأخيراً، تخضع للهيمنة الإمبريالية وقوانينها. واجبنا الأخلاقي كمثقفين وناشطين يملي علينا السعي لنشر الحقائق، ودحض الأكاذيب الصهيونية، وإيصال صوت المقاومين الفلسطينيين، وفضح عمليات الإبادة التي نفّذها الكيان الصهيوني العنصري، ولا يزال يرتكبها ضد أهل غزة المقاومة التي تنزف في أثناء كتابة هذه الكلمات، إذ تناضل وحيدةً بلا دعم عربي رسمي أو حماية دولية، في حين يحظى العدو الصهيوني بأقصى دعم توفّره له الإمبريالية الغربية وحلفاؤها.
* كاتبة وأكاديمية عراقية مقيمة في إسبانيا