جدل عراقي بعد ضبط شاحنة تحمل منصة إطلاق صواريخ في الأراضي السورية
أثار ضبط شاحنة بلوحات تسجيل عراقية وتحمل منصة إطلاق صواريخ داخل الأراضي السورية، كانت قد نفذت هجوماً على قاعدة الشدادي في الحسكة، الأربعاء الماضي، جدلاً أمنياً وسياسياً واسعاً في العراق.
ويدور الجدل حول قدرة الحكومة على ضبط إيقاع الفصائل المسلحة، ونتائج الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى طهران، وأيضاً الفكرة من تبني الجماعات العراقية بشكل صريح الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية داخل سورية، وهو الأمر الجديد في ملف مواجهة تلك الفصائل مع القوات الاميركية.
وتبنت جماعة "المقاومة الإسلامية" في العراق الهجمات الأخيرة على القوات الأميركية في سورية، خاصة بمنطقة التنف والحسكة، ضمن ردها على الانحياز الأميركي للاحتلال الإسرائيلي في الحرب على غزة.
وقال أمين عام "حركة النجباء"، إحدى أبرز الفصائل الحليفة لإيران، أكرم الكعبي، والذي يترأس تشكيل "المقاومة الإسلامية"، في بيان، أمس الخميس: "لن نتوقف (في الهجمات على المصالح الأميركية) ولن نهادن، لن نتراجع، كنا وما زلنا مقاومة إسلامية عراقية".
وأضاف الكعبي أنّ "من يفكّر أنّ الحلول السياسية يمكن أن تنفع فهو واهم وليفتح عينيه جيداً ويرى الإجرام الأميركي الصهيوني في غزة وقتل الأطفال والمدنيين ومحاصرتهم وتجويعهم والانتهاك الصارخ للإنسانية".
وقال مسؤول أمني عراقي رفيع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ نقل منصات الصواريخ يتم عبر سيارات تابعة لهيئة "الحشد الشعبي" عبر أرتال عسكرية تدخل بعض المناطق القريبة من الحدود السورية، وكذلك القريبة أيضاً من إقليم كردستان لشن الهجمات على القوات الأميركية الموجودة هناك.
وبيّن المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "الشاحنات التي تقوم بعمليات القصف يتم إعدادها مسبقاً داخل العراق، بتنصيب منصة إطلاق صواريخ محلية الصنع، وبالعادة لا تعود إلى داخل العراق ويتم تركها هناك"، مبيناً أنّ "الشاحنات بلا أوراق رسمية، واللوحات المرورية المثبتة عليها مزورة، ولهذا يصعب التعرف إلى أصحابها، كما يتم تسهيل مرورها عبر النقاط الأمنية عن طريق بعض الفصائل المنضوية في هيئة الحشد الشعبي".
وأضاف المصدر الأمني المسؤول أنّ "هناك صعوبة أمنية في قضية السيطرة على مرور الصواريخ ومنصات إطلاقها ومرورها ما بين المدن العراقية، بسبب وجود حماية لها من قبل أرتال عسكرية تابعة للحشد الشعبي، كما أن النقاط الأمنية لا تفتش أرتال الحشد، ضمن قواطع العمليات، التي هي في الأصل تمسك الأرض فيها".
وقال قيادي بارز في "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل تحركات وجهود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في إيقاف هجمات الفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية في العراق وسورية أخفقت، وهناك حالة من التمرد على توجهاته من قبل تلك الفصائل، خصوصاً غير المشاركة في حكومته".
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "إيران أبلغت السوداني بشكل صريح بأنها لن تمارس أي ضغوطات على الفصائل العراقية الحليفة لها من أجل إيقاف الهجمات العسكرية ضد القوات الأميركية، وهذا ما دفع تلك الفصائل إلى تصعيد هجماتها خلال الفترة الحالية، وربما تتصاعد خلال الأيام القليلة المقبلة".
ويقول الخبير في الشأن الأمني مؤيد الجحيشي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الفصائل التي تسيطر على الأراضي في المدن المحررة من قبضة تنظيم "داعش"، هي التي تعمل على تسهيل دخول منصات إطلاق الصواريخ والمركبات التي تقوم بهذه العمليات، مشيراً إلى أن هناك عدم سيطرة حقيقية من قبل القوات الأمنية على الكثير من النقاط الرئيسية بسبب هذه الفصائل.
وأضاف الجحيشي "لهذا كنا ننادي بضرورة إخراج كل الفصائل المسلحة من المدن المحررة، فهذه الفصائل هي التي تتحكم بالوضع الأمني هناك وتستخدم تلك المدن لتمرير أجندات لها، سواء أمنية أو سياسية أو حتى اقتصادية، من خلال أخذ المشاريع المهمة عبر قوة السلاح المنفلت في تلك المناطق".
وبحسب قوله، فإنّ الأحداث الحالية أثبتت أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني غير قادر على ضبط إيقاع الفصائل المسلحة، وهو لا يختلف كثيراً عن رؤساء الوزراء السابقين، ولهذا هجمات الفصائل مستمرة ضد المصالح الأميركية، رغم كل وعود السوداني للجانب الأميركي وللمجتمع الدولي بإيقاف تلك الهجمات، وهذا ما يجعله في موقف حرج جداً، وهذا قد يؤثر على تعامل دول العالم معه، بسبب عدم التزامه بالتعهدات التي يطلقها".
وتعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بملاحقة المسؤولين عن الهجمات بما في ذلك الهجمات على قواعد عسكرية في العراق تستضيف مستشارين للتحالف الدولي، ومن بينها قاعدة عين الأسد في غرب العراق، وقاعدة عسكرية بالقرب من مطار بغداد الدولي.
وأعلنت جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي خليط فصائل مسلحة حليفة لإيران، أبرزها "حركة النجباء"، و"أنصار الله الأوفياء"، عن البدء بمرحلة جديدة في "مواجهة الأعداء، نصرة لفلسطين"، مؤكدة أن المرحلة ستكون الأوسع على قواعدهم في المنطقة.
وخلال الأسابيع الماضية، شنت الفصائل المسلحة العراقية هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ كاتيوشا، على قاعدتي حرير وعين الأسد، ومعسكر فيكتوريا، الملاصق لمطار بغداد، غربيّ العاصمة العراقية، رداً على الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، والدعم الأميركي لها.
وتضم تلك المواقع الثلاثة المئات من العسكريين الأميركيين وقوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرزها البريطانية والفرنسية.