لا الصحافيون ولا عائلاتهم في مأمن من الاحتلال
لا يكاد يمر يوم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا ويسجل شهداء في صفوف الصحافيين الفلسطينيين، خلال عملهم الميداني، أو حتى خلال وجودهم مع عائلاتهم داخل منازلهم في مختلف المناطق في القطاع.
وركز الاحتلال الإسرائيلي، منذ الأيام الأولى للعدوان، على استهداف الإعلام، عبر قتل الصحافيين، وقصف الأبراج والمكاتب التي يوجدون فيها، فضلاً عن استهداف البنية التحتية الخاصة بالاتصالات، في سعيه للتعتيم على جرائمه المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف منازل الصحافيين والناشطين الإعلاميين وعائلاتهم، وبينهم مراسل قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، الذي قتل الاحتلال أفراداً من عائلته، بينهم زوجته ونجله وابنته، بقصف استهدف منزلاً نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط القطاع.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يحرض الاحتلال الإسرائيلي، عبر وزرائه أو حتى عبر المراسلين العسكريين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، على الصحافيين الفلسطينيين، منذ السابع من أكتوبر حين نفذ مقاومو "القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس، عملية طوفان الأقصى التي قتل فيها أكثر من 1200 إسرائيلي.
وتعرّض الكثير من الصحافيين الفلسطينيين للتهديد المباشر وغير المباشر، على خلفية تغطيتهم للحظات الأولى لعمليات المقاومة الفلسطينية، ما سبّب إيقاف بعضهم عن العمل، ولا سيما من يعمل منهم مع وسائل إعلام دولية.
وإلى جانب هذا الأمر، يعاني الصحافي الفلسطيني أصلاً من الملاحقة الإسرائيلية وغياب أدوات الحماية، فضلاً عن العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال أمام إدخالها، وهو ما يتعزز أكبر خلال العدوان وجولات التصعيد مع المقاومة في غزة.
وعلى الرغم من أن الصحافيين يرتدون ستراً تشير إلى هويتهم الصحافية، فإن الاحتلال تعمّد في أكثر من مناسبة قصف الأماكن التي يوجدون فيها، أو استهدفهم، في سياراتهم، فضلاً عن تلقي بعضهم تهديدات عبر هواتفهم ليتوقفوا عن ممارسة عملهم.
في الوقت نفسه، تلعب مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة "فيسبوك" الأكثر انتشاراً، دوراً في قمع الصحافيين والناشطين الإعلاميين، عبر حظر الحسابات أو إغلاق الصفحات والتضييق على المحتوى الفلسطيني.
وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن الجيش الإسرائيلي "لم يتوان ولو للحظة واحدة عن استهداف الصحافيين والناشطين الإعلاميين الفلسطينيين الذين نجحوا باقتدار في تصدير الرواية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، ولا سيما في غزة".
وأضاف الثوابتة، لـ"العربي الجديد"، أن عشرات الصحافيين والناشطين الإعلاميين قتلتهم القوات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر، ما يعكس الاستهداف المباشر الذي يتعرضون له، لافتاً إلى أن الاستهداف لا يقتصر على ميادين العمل، بل إن الاحتلال يغتال هؤلاء داخل منازلهم ومع عائلاتهم.
وقال: "الاحتلال يعتقد أنه بقتل الصحافيين سينجح في طمس الحقيقة وإخراس الكلمة الفلسطينية أو منع الصورة واللقطة من الوصول إلى العالم، وهو أمر لن يتحقق، خصوصاً أن المئات من الصحافيين يواصلون عملهم وأداء دورهم المهني".
وطالب الثوابتة المؤسسات المعنية بحرية العمل الإعلامي بشطب عضوية الاحتلال منها، كإجراء ضاغط وموقف أولي في ظل هذه الجرائم المرتكبة بحق عشرات الصحافيين الذين يضافون إلى كوكبة كبيرة من الصحافيين الذين قتلهم الاحتلال على مدار سنوات المعاناة مع الاحتلال.
ووفقاً لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، قتل الاحتلال الإسرائيلي 57 صحافياً منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر (أعلنت النقابة ليل الثلاثاء اسشهاد الصحافي عاصم البرش والذي يعمل في إذاعة الرأي الفلسطينية، والصحافي محمد نبيل الزق العامل في قناة قدس اليوم)، وأكثر من 250 من أفراد وعائلات الصحافيين عقاباً لهم على دورهم. كذلك نزح نحو 1200 صحافي من بيوتهم، ويبيتون في ساحات المستشفيات. ووفقاً لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، دمرت قوات الاحتلال 61 مقراً إعلامياً منذ بدء العدوان. وارتفع عدد الصحافيين الفلسطينيين المعتقلين في محافظات الضفة إلى 32 صحافياً. وكانت النقابة قد شددت على أن هذه الجرائم "تؤكد أن الاحتلال قد وضع الصحافيين ضمن بنك أهدافه لإسكات صوت الحقيقة الذي بات يصدح في كل أرجاء الأرض".
ويفتقر الصحافيون الفلسطينيون هذه الأيام إلى وسائل الحماية إلى جانب عدم وجود أية أماكن آمنة تمكنهم من ممارسة عملهم أو التغطية في ضوء القصف العشوائي الإسرائيلي الذي طاول المؤسسات الدولية والأممية والمستشفيات، ولم يراعِ الخصوصية الدولية لها. وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال قتلت ثلاثة صحافيين في لبنان، منذ بدء العدوان، هم عصام العبدالله وريم عمر وربيع المعماري.