علاقات دول الخليج بالصين على طاولة منتدى الخليج والجزيرة العربية
بدأت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم السبت، أعمال الدورة العاشرة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية الذي ينظمه المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات، ويبحث في "علاقات دول الخليج بـ الصين: استمرارية أم تحوّل؟"، و"السياسات الثقافية في دول الخليج العربية"، بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وخبراء وباحثين عرب وأجانب.
وعرض الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون الخليجي، عبد العزيز العويشق، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى واقع الشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين، وأبعادها الاستراتيجية، استنادا إلى أول قمة عقدت على مستوى قادة دول مجلس التعاون والصين في الرياض في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، وإعلان الجانبين تأسيس شراكة استراتيجية بين منظومتيهما، وهي الشراكة التي تلت سنوات من الحوار الاستراتيجي المنتظم الذي بدأ في مايو/أيار 2010، موضحا الأبعاد والفرص التي توفرها هذه الشراكة، والتحديات المحتملة التي تواجه تنفيذها.
وقال أستاذ الدراسات الصينية ومدير معهد لاو الصين في كينجر كوليدج في لندن، كيري بروان، إن الصين في عام 2023 ما زالت تتخبط في كيفية تحديد دورها العالمي بطريقة تحقق التوازن بين مصالحها مع الولايات المتحدة الأميركية، وطموحاتها في منطقتها، والعلاقات التي تربطها بالقوى الأخرى، حيث تعد دول الخليج الأكثر أهمية بين هذه الدول، باعتبارها لا توفر لبكين فرصا أساسية في مجالات الاستثمار والطاقة والتجارة فحسب، بل تقدم لها أيضا مساحة تتيح لها اعتماد شكل جديد من الدبلوماسية، لافتا إلى أن الاقتراح الذي تقدمت به الصين في أوائل عام 2023، بشأن خطة سلام بين إيران والسعودية أول تعبير عن تلك الدبلوماسية، تبعه اقتراح مماثل لروسيا وأوكرانيا، وهي المبادرات التي تكشف وعي الصين بضرورة تبنيها دورا أكبر، وبأنها ما زالت تعمل تحت الرقابة الدقيقة للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها.
وبحث المنتدى في يومه الأول العلاقات الخليجية-الصينية (المرتكزات والتحديات)، حيث عرض الباحث عبد العزيز صقر مرتكزات العلاقة الخليجية الصينية، فيما قدم الباحث عبدالله الشايجي ورقة عمل عن علاقات دول الخليج بالصين والولايات المتحدة الأميركية (التوازن الصعب)، كما قدم الباحث عبدالله باعبود شرحا للعلاقات المتنامية بين دول الخليج العربية والصين، وتطرق الباحث أسعد الشملان للعلاقات الخليجية الصينية في ظل التنافس الأميركي الصيني، وقدم الباحث روري ميلر ورقة حول "العلاقات الأمنية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي: البعد البحري"، وعُرضت ورقة عمل عن "توازن الرهانات والتحديات في علاقة دول الخليج بالصين" قدمها الباحث جونثان فولتون.
وعرض الباحث والكاتب محمد المسفر في ورقة عمل قدمها "العلاقات القطرية -الصينة "1988 2023"، فيما قدمت الباحثة العنود الصباح ورقة عمل عن "العلاقات الثقافية بين الصين والكويت"، وقدم الباحث هادي مشعان ناصر ورقة بحثية عن "مستقبل العلاقات الاقتصادية العراقية- الصينية".
وناقش المنتدى في القسم الثاني، السياسات الثقافية لدول الخليج العربية، ففي ندوة "الدولة والشأن الثقافي في بلدان الخليج" عرض الباحث والكاتب محمد الرميحي السياسات الثقافية لدول لخليج العربية، وقدم الباحث أوليركه فريتاغ ورقة عمل عن تطور السياسات الثقافية في السعودية، فيما قدم 3 باحثين هم بلية لحبيب ومحمد رضا سلطاني وإبراهيم بو الفلفل، ورقة عمل ناقشت "تدبير الشأن الثقافي في البنية التشريعية والسياسية في دولة قطر: في سياق تحديات التنوع الثقافي والعولمة"، وحول "السياسات الثقافية في دول الخليج في سياق التحولات السياسية والفكرية"، قدم الباحث زيد علي الفضيل ورقة عمل عن "التحولات الثقافية السعودية: قراءة في السياسات المعاصرة"، كما قدم الباحث عبدالله ابو لوز ورقة عمل عن "رؤية 2030 وبناء مواطن سعودي جديد"، فيما عرض الباحث جاسم حسن الغيث ورقة عمل تناولت "السياسات الثقافية لدول الخليج العربي في مواجهة تحديات العولمة".
وقدم الباحث يعقوب الكندري ورقة عمل عن "التماثل والاختلاف بين الثقافتين الحضرية والقبلية في المجتمع الخليجي وأثرهما في الاندماج الاجتماعي: الكويت أنموذجا"، فيما عرض الباحث محمد بن سالم المعشني "التكوين الثقافي للمواطن الخليجي.. بين سلطة الدول والدين".
ويبحث المنتدى على مدى ثلاثة أيام طبيعة علاقة دول الخليج العربية بالصين، وهل يجري الحديث عن "علاقات خليجية - صينية" أو عن "علاقات مفردة لدول الخليج بالصين"، وتعرض الورقة المرجعية للمنتدى عدة إشكاليات في هذه العلاقة، منها إن كانت "علاقة دول الخليج بالصين رد فعل على جفاء علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية؟ وهل ثمة جانب اقتصادي في هذه العلاقة يعدّ أكثر متانة من منطق ردود الأفعال؟ وهل يمكن أن يؤدي العامل الاقتصادي النفطي إلى علاقات استراتيجية سياسية؟"، كما تعرج الورقة على سؤال الأبعاد الثقافية والاجتماعية في علاقة الخليج بالصين بعيدًا عن الأبعاد السياسية والاقتصادية.
ويناقش المنتدى الإشكاليات التي تواجه الدولة الخليجية في تعاملها مع المسألة الثقافية وإدارتها للمجال الثقافي، منها حدود التماثل والتشابه بين ثقافة بلدان الخليج وثقافات أخرى تجمعها بها العديد من القواسم المشتركة، وحدود خصوصيتها واختلافها عن سائر الثقافات، والتعبيرات الرمزية (والسياسية) التي تستعملها في ذلك؛ فضلًا عن إظهار الخصوصية الخليجية في مجتمعات باتت حاضنة لحركة هجرة واسعة من مختلف الثقافات؛ إضافة إلى انفتاح مجتمعات الخليج على العولمة، واستعادة بعض من هذه الدول لرموز البادية بوصفها رأس مال ثقافيً يمثل الأصالة في مواجهة العولمة، علاوة على الهوية الوطنية وتعبيراتها الثقافية، وتتساءل الورقة المرجعية عن السياسات التي تتخذها الدول الخليجية في مواجهة هذه الإشكاليات.