اخبار العراق الان

ليست مقارنة

ليست مقارنة
واع

نرمين المفتي  

تدفعني الحرب المتوحّشة ضد غزة والتي يرتكب مجرموها على مدار الساعة منذ شهرين تقريباً جرائم ضد الإنسانيّة هدفها إبادة الشعب الفلسطيني، إلى متابعة الحوارات المرئية سواء على الفضائيات العراقيّة والعربيّة والأجنبيّة وقنوات اليوتيوب والبودكاست أو المكتوبة. 
كشفت لي هذه المتابعة، وهنا لا أدعي بأنّني أتابعها كلها، انما تلك التي تقدمها أو تكتبها أسماء معروفة سواء في التقديم أو الكتابة، لا أقول تبسيط العمل الصحفي المرئي، خاصة وأن غالبية المتلقين يتابعون الفضائيات واليوتيوب أكثر مما يتابعون الصحف.. لا أقارن بين البرامج الحواريّة العراقيّة والتي اشرت اليها، لان ببساطة لا مجال للمقارنة. 
فالحرب التي اندلعت مع طوفان الأقصى في السابع من تشرين الاول الماضي، ليست الاولى وقطعاً لن تكون الاخيرة وهي في هدفها العميق ليست لأجل (الدفاع عن النفس) كما يدّعي متوحّشو الكيان إنما لتحقيق تنبؤات جاءت في أسفار العهد القديم، خاصة سفر أشعياء، الذي أشار اليه الارهابي نتانياهو ومن معه في ادارة حربه، وكذلك أشار اليه من يساندونهم من المسؤولين والسياسيين الأمريكيين والاوربيين.
إذن لا بد من تسليط الضوء على على هذا الجانب المهم ليستوعب المتلقي، خاصة الشباب منهم، جذر هذه القضية الممتدة مما قبل نبوخذ نصر-597 قبل الميلاد، وحتى الآن، مستندة إلى أساطير كان روجيه غارودي قد أشار إلى بعضها في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيليّة) والذي صدر في 1995 والذي بسببه تعرض إلى حملة صهيونية شرسة اتهمته بأنّه (ضد السامية) وتمكنت من تحويله إلى محكمة فرنسيَّة حكمت عليه بالسجن لسنة واحدة مع وقف التنفيذ.
استمرت البرامج العراقية على مختلف الفضائيات التي تابعتها باستضافة الوجوه نفسها التي تظهر في كل مناسبة وقضية ولا تتغير إلا نادراً وكل يتبع جهة معينة ويعبر عن أجندتها، عدا شخصيات معدودة مستقلة وليس ذنبها أنّها تدور في حلقة مفرغة، فالذنب كما قلت في المعدّين خاصة والمقدمين عامة والذين أما يبسطون الفكرة أو أنهم لا يعرفون جذورها، هنا هذا التبسيط ينطبق ايضا على القضايا العراقية.
استمرت البرامج العربية وحتى الاجنبية المنصفة، على إلقاء الضوء على جذر القضية من خلال معد ذكي يجتهد في عمله كثيراً ومحاور مثقف يعرف كيف يلتقط سؤالاً لم يفكر فيه المعد من خلال اجوبة الضيف وضيوف على مستوى عالٍ من العلم والمعرفة والسياسة يناقشون بهدوء، سواء ان كانوا أكاديميين أو سياسيين، لا أقول إنّ العراق يفتقر إلى هكذا شخصيات، لكنّها في الظل أو في الجامعات، بمعنى ان البحث عنها ليس بأمر صعب.
إنَّ مناقشة المقاومة المسلحة مهمّة لضرورتها ولكن تسليط الضوء عليها بعيداً عن جذر القضية يربك المتلقي خاصة وان عدد الشهداء والجرحى في غزة يفوق الخيال (مع كتابة هذا المقال بلغ عدد الشهداء خلال يومين فقط بعد انتهاء الهدنة 700، نصفهم من الأطفال)، فضلا عن الخسائر المادية، وللمثال وليس الحصر، فإنَّ غزة فقدت
60 % من وحداتها السكنية. في مقال سابق قلت إن برنامج (الاتجاه المعاكس) ليس نموذجا يُقتدى، لكن يبدو أنّ غالبية مقدمي البرامج الحواريّة السياسيّة العراقيّة يصرون على الاحتذاء به، مع الأسف.. المتلقي بحاجة إلى فهم إشارة الصهاينة إلى سفر اشعياء وبحاجة إلى فهم سبب استخدام الصهاينة مرة أخرى مصطلح وهو (هيكل الجبل وأحيانا معبد الجبل) حين يشيرون إلى المسجد الأقصى والى التهمة الجاهزة (معاداة السامية) علما أنّ العرب ايضا ينحدرون من سام لكن حملات الابادة ضدهم لا تعد جريمة معاداة السامية.