مؤتمر "الديمقراطي التقدمي": انقسام جديد في الحركة الكردية بسورية
بدأ "الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي" في سورية، مؤتمره الـ16، أمس الجمعة، في مدينة عامودا بريف محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، بعد حوالي شهر ونصف من انعقاد مؤتمر مشابه لجناح آخر في الحزب، ما يشير إلى انشقاق في صفوفه، وسط مؤشرات عن إمكانية انضمام الجناحين إلى الهيكلين الرئيسيين للأكراد شرقي سورية، وهما "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) و"المجلس الوطني الكردي".
ويعد "الحزب الديمقراطي التقدمي" أكبر الأحزاب الكردية السورية بعد "المجلس الوطني الكردي" و"الإدارة الذاتية"، وهو من أقدم الأحزاب الكردية في سورية، تأسس رسمياً عام 1976، بقيادة عبد الحميد درويش الذي انشق عن الحزب الكردي الأول، الذي تأسس في 14 يونيو/ حزيران 1957.
وقد بدأ الجناح المقرب من "الإدارة الذاتية" مؤتمره، الجمعة، بحضور المرشحين من أعضاء المؤتمر، إضافة إلى الأعضاء القدامى والشخصيات الاجتماعية، ومجالس المجتمع المدني، بينما ترأس صلاح درويش، شقيق عبد الحميد درويش مؤسس الحزب الذي توفي عام 2019، المؤتمر الأول الذي عقد في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في مدينة القامشلي، معتبراً نفسه الممثل الشرعي للحزب، وجرى انتخاب سكرتير للحزب و27 عضواً للجنة المركزية.
وخلال مؤتمر، ألقى أحمد بركات عضو المكتب السياسي للحزب كلمة قال فيها إنّ انعقاد المؤتمر يأتي في ظل ظروف داخلية وإقليمية متوترة، لافتاً إلى أنّ القضية السورية باتت قضية هامشية لدى المجتمع الدولي.
وشدد على ضرورة الوصول إلى "تفاهم سياسي كردي – كردي يرتكز على استقلالية القرار السياسي الكردي السوري والشراكة الحقيقية بين جميع الاحزاب السياسية الكردية". كما حث بركات على ضرورة معالجة "السلبيات والأخطاء التي ترافق عمل مؤسسات الإدارة وتفشي ظاهرة الفساد والتسيب، وإلا فإن الأمور ستسير نحو الانهيار". وقال إنّ "الدولة السورية لا تملك مشروعاً أو رؤية للحل في البلاد".
خلافات داخل الحزب
بعد وفاة مؤسس الحزب عبد الحميد درويش، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بعد نحو 60 عاماً من الحراك السياسي الكردي المعارض للنظام السوري، شهد الحزب خلافات تنظيمية وسياسية، وبرزت كتلتان متصارعتان على منصب السكرتير العام، وعلى أملاك الحزب، إضافة إلى التوجهات السياسية.
يقود الكتلة الأولى صلاح دوريش، شقيق السكرتير السابق للحزب، بينما يقود الثانية مجموعة من قياديي الحزب. ويتهم جناح صلاح دوريش مجموعة من قياديي الحزب بمحاولة جرّ الحزب إلى التحالف مع "الاتحاد الديمقراطي" وفتح قنوات تواصل مع النظام السوري، فيما يتهمه هؤلاء القياديون بتحويل الحزب إلى ورثة عائلية والتقرب من "الديمقراطي الكردستاني" بقيادة مسعود البارزاني والمجلس الوطني الكردي المعارض.
ويقول المحلل السياسي الكردي فريد سعدون، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحزب "يعاني من مشكلة الانقسام بين تيارين؛ يمثل الأول الدكتور صلاح درويش الأخ الشقيق للراحل مؤسس الحزب عبد الحميد حاج درويش، والآخر تمثله أكثرية اللجنة المركزية والسياسية ممثلة بأحمد سليمان وأحمد بركات".
وأضاف "هذا الانقسام يؤثر بشكل سلبي كبير جداً على تيار كان ملتزماً بالمبدأ الوطني، فكان الحزب التقدمي ممثلاً لتطلعات الشعب الكردي في سورية، يلتزم بالوحدة الوطنية، ويحمل القضية الكردية على أساس أنها إحدى ركائز الحل الوطني السوري".
ولاحظ سعدون أنّ المؤتمر الحالي للحزب التقدمي يشهد حضوراً كثيفاً لمختلف المكونات من العرب والأكراد والمسيحيين، وحتى الشيشان وغيرهم، و"هذا شيء يحسب لهذا المؤتمر ويتماشى مع شعاراته بأنه يمثل التيار الوطني السوري". ورأى سعدون أن الحزب "سيحافظ على استقلالية قراره والتزامه بالقضايا الوطنية، واعتبار المشكلة الكردية مشكلة وطنية سورية".
عودة إلى المجلس الوطني الكردي
الناشط الإعلامي الكردي جان علي قال، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك جانبين للانشقاق في الحزب؛ سياسي وتنظيمي"، لافتاً إلى أنّ الجانب السياسي يعود لقرب أحمد سليمان وأحمد بركات من النظام السوري، و"هذا كان واضحاً خلال زيارتهما للإدارة الذاتية بشكل جماعي وبشكل فردي واجتماعهما بشكل متواصل مع مسؤول الأمن القومي علي مملوك وبعض القادة الآخرين في النظام السوري، وكانا من عرّابي اللقاء الأول الرسمي بين الإدارة الذاتية والروس في مطار حميميم".
وتابع أنه كان للرجلين "دور رئيسي في خروج الحزب الديمقراطي التقدمي من المجلس الوطني الكردي قبل وفاة عبد الحميد درويش الذي وازن بشكل أو بآخر بين خروجه من المجلس والابتعاد نوعا ما عن النظام في دمشق". أما تنظيمياً، فكان "لآل درويش، ولزوجته وعائلته، دور كبير في دوام سيطرة العائلة على الحزب".
ولفت إلى خلافات على ممتلكات الحزب، من مكاتب وعقارات، سواء الموجودة في سورية أو في السليمانية في إقليم كردستان العراق، مشيراً إلى أن الكثير من أعضاء الحزب اصطفوا مع جناح صلاح درويشـ مضيفاً أنّ "درويش تلقى أيضاً دعماً كبيراً من الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، ومن المجلس الوطني الكردي، وهناك توقعات بعودة جناح درويش إلى المجلس الوطني الكردي دون قيد أو شرط".