تصعيد تركي ضد "قسد" في شمال شرق سورية
صعّد الجيش التركي من عملياته التي تستهدف مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، ولـ"قوات سورية الديمقراطية" في شمال شرق سورية، ردا على مقتل جنود أتراك، في استمرار لحرب جوية تشنها أنقرة ضد هذه القوات التي تعتبرها تشكل تهديدا لأمنها القومي.
وأعلن وزير الدفاع التركي يشار غولر، في بيان نقلته وكالة "الأناضول"، "تحييد 25 إرهابيا من تنظيم حزب العمال الكردستاني خلال يومين شمالي سورية والعراق"، مشيرًا إلى أن العمليات "ستستمر بغض النظر عمن يدعمها، حتى تطهير المنطقة من الإرهابيين".
وجاءت العمليات التركية عقب مقتل 12 جنديا تركيا وإصابة 13 آخرين يومي السبت والأحد في شمال العراق.
وأوضحت وزارة الدفاع في بيان، ليل السبت الأحد، أن غولر قاد وأدار العمليات الجوية التي أسفرت عن تدمير 29 هدفا شمالي العراق وسورية، "تشمل مخابئ وملاجئ تضم قياديين إرهابيين ومنشآت نفطية ومستودعات يستخدمها التنظيم الإرهابي الانفصالي"، وفق البيان.
وقال إن الغارات "جاءت بهدف القضاء على الهجمات الإرهابية التي تستهدف الأهالي وقوات الأمن انطلاقا من شمال العراق وسورية، ولضمان أمن الحدود، بما يتماشى مع حقوق الدفاع عن النفس المنبثقة عن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".
وتتعامل أنقرة مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على شمال شرق سورية بكونها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره التهديد الأهم لأمنها القوم.
"الإدارة الذاتية": القصف التركي استهدف منشآت كهربائية
وفي السياق، أعلن مكتب الطاقة في إقليم الجزيرة (محافظة الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية)، التابع للإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، الأحد، أن القصف التركي استهدف منشآت كهربائية، مشيرا في بيان إلى أن محطات التحويل ومنشأة غاز السويدية بريف الحسكة خرجت عن الخدمة بسبب تعرضها للقصف التركي.
وأشار إلى توقف المنشآت الغازية والنفطية التي تقوم بتأمين الغاز الضروري من أجل توليد الطاقة الكهربائية.
وتداول ناشطون مقاطع مصورة وصورًا تظهر حجم النيران المشتعلة في عدة محطات نفط بريف القامشلي الشرقي ليل السبت - الأحد.
دوافع التصعيد التركي
ورأى المحلل السياسي هشام جوناي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التصعيد التركي في شمال العراق وشمال شرق سورية "يأتي في سياقين، حيث هناك انتخابات بلدية في تركيا في مارس/آذار المقبل، والحكومة تلعب بورقة الإرهاب في كل استحقاق انتخابي لتستميل الأصوات القومية في البلاد.
وتابع: "حزب العمال الكردستاني يمضي قدما نحو إعلان كيان كردي في شمال شرق سورية، وهناك معطيات على ذلك منها الإعلان عن دستور مؤخرا يخص المنطقة التي يسيطر عليها، لذا تحاول الحكومة التركية عرقلة هذا المسعى كمقدمة للقضاء عليه مستقبلا".
من جانبه، رأى المحلل العسكري رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التصعيد التركي الذي يستهدف منشآت وشخصيات عسكرية "يدل على تقدير تركي بالقدرة على خلق واقع جديد لا يمكن لقسد رده في ضوء ما تعانيه من تهديدات داخلية، أبرزها القتال مع عشائر عربية بريف دير الزور".
ولم يستبعد الحوراني أن تلعب تركيا دورا في دعم هذه العشائر، معربا عن قناعته بأن "واشنطن، وهي الداعم لقوات قسد، تتعامل ببرود مع القصف التركي نظرا إلى حاجتها لموافقة أنقرة على ضم السويد إلى حلف الناتو"، مضيفا: هذا ما التقطته تركيا وذهبت باتجاه إضعاف قدرات قسد".
وتشن تركياً حرباً من خلال المسيّرات على "قسد" في ظل رفض موسكو وواشنطن أي عملية برية في شمال وشمال شرق سورية. وحيدت أنقرة الكثير من قياديي الصف الثاني في "قسد"، كما حاولت تصفية القائد العام لهذه القوات مظلوم عبدي، إلا أنها فشلت.
"حرب المخدرات"
في شأن آخر، اغتال مجهولون تاجر مخدرات مرتبطا بفرع الأمن العسكري التابع للنظام، وذلك بإطلاق الرصاص عليه بعد اقتحام منزله في حي المنشية بدرعا البلد.
وذكر الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو محمود، لـ"العربي الجديد"، أن محمد ياسين المكحل المسالمة اغتيل بالرصاص بعد اقتحام منزله من قبل مجهولين، الليلة الماضية، في حي المنشية بدرعا البلد، مشيرا إلى أن المسالمة يعمل في تجارة المخدرات في المنطقة، ويعرف بارتباطه الوثيق مع فرع الأمن العسكري بدرعا، وهو من أقارب مصطفى المسالمة الملقب بـ"الكسم"، الذي قتل في أغسطس/ آب الماضي بتفجير سيارته.
وأوضح أبو محمود أن عمليات الاغتيال المرتبطة بتجارة المخدرات في تصاعد مستمر، سواء تلك التي تستهدف أشخاصاً منخرطين في تجارة وتهريب المخدرات، أو تصفية حسابات بين أطراف متصارعة ممن ينشطون في هذا الميدان، فضلا عن تأثير تفشي المخدرات في رفع معدلات الجرائم واستخدام السلاح لتسوية الخلافات بين الأفراد.
وكانت القوات المسلحة الأردنية أعلنت، الثلاثاء الماضي، عن مقتل ثلاثة من مهربي المخدرات بعد محاولتهم نقل شحنة من الحدود السورية باتجاه الأردن، فيما شنت طائرات حربية يعتقد أنها أردنية غارات في المنطقة، استهدفت أشخاصاً مرتبطين بتجارة المخدرات أو مواقع مفترضة لإنتاجها وتخزينها.
اشتباكات في دير الزور
وفي شرق سورية، أسفرت اشتباكات شهدتها مدينة دير الزور بين قوات النظام السوري ومليشيا "الدفاع الوطني"، التابعة نظريا للنظام، عن وقوع قتلى وجرحى بين الطرفين، وذلك نتيجة خلاف على تجارة المخدرات.
وذكر مراسل "العربي الجديد" أن عنصرين من "الدفاع الوطني قتلا"، وأصيب عناصر آخرون من الطرفين، بعد اندلاع اشتباكات مع عناصر من جهاز مكافحة المخدرات التابعين لقوات النظام في دير الزور.
وكان عنصر من "الدفاع الوطني" قد قتل الأسبوع الماضي نتيجة اشتباك مماثل مع قوات النظام داخل مدينة دير الزور.