البحر الأحمر يُغرق التجارة الدولية: البدائل مكلفة
تستمر تبعات استهداف الحوثيين للسفن التجارية المتوجهة إلى إسرائيل أو القادمة منها عبر البحر الأحمر، في التصاعد، مع تفاقم أزمة واسعة في الشحن التجاري الدولي وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين في ظل بدائل وخيارات مكلفة في الالتفاف حول أفريقيا والمرور عبر رأس الرجاء الصالح.
وأدى ذلك إلى تشكيل عملية بحرية متعددة الجنسيات تقودها الولايات المتحدة الأميركية، ما اعتبرته سلطة صنعاء مساعي أميركية لعسكرة البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، داعيةً كل البلدان المشاطئة للبحر الأحمر للتحرك ضد التحالف الأميركي لما له من أضرار على الملاحة الدولية.
وقال معهد IfW Kiel الاقتصادي الألماني، الخميس، إن التجارة العالمية تراجعت 1.3 في المائة في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول 2023، إذ أدت الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر إلى انخفاض أحجام البضائع المنقولة في تلك المنطقة الرئيسية.
وقال جوليان هينز، مدير مركز أبحاث السياسة التجارية التابع لـ IfW Kiel، إن عمليات التحويل ردًا على الهجمات أدت إلى زيادة الرحلات بين مراكز الإنتاج الآسيوية والمستهلكين الأوروبيين بما يصل إلى 20 يومًا.
وقالت البحرية البريطانية، الخميس، إنها تلقت تقريرا عن حادثة تبدو محاولة اختطاف سفينة على بعد 50 ميلا بحريا شرق ميناء صحار العماني، مع عدم تمكنها من التواصل مع السفينة.
أما شركة إمباير نافيجيشن ومقرها اليونان، فأكدت، الخميس، أنها فقدت الاتصال مع إحدى سفنها لدى إبحارها قرب صحار العمانية. وأضاف المتحدث أن السفينة، سانت نيكولاس، على متنها 19 من أفراد الطاقم أحدهم من اليونان و18 من الفليبيين.
وأشار إلى أنها تحمل شحنة حجمها 145 ألف طن متري من النفط من البصرة في العراق وأنها متجهة نحو ميناء في تركيا.
وفي الوقت الذي يرى فيه محللون دوليون أن ما يحدث في باب المندب والبحر الأحمر هو خطر كبير على التجارة الدولية، يرى خبراء اقتصاد في اليمن أن هناك نتائج إيجابية لافتة لما يقوم به الحوثيون حيث أصبح البحر الأحمر من خليج العقبة حتى باب المندب محرماً على السفن التجارية الإسرائيلية من العبور فيه، سواء بسفن تابعة للاحتلال أو بشركات متعاملة معها أو أي سفن وبواخر تمتلكها شخصيات إسرائيلية.
وشدد الباحث الاقتصادي اليمني، رشيد الحداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أهمية ما يجري في البحر الأحمر والقرار المستمر تنفيذه والذي يتركز في استهداف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل، ونتائجه الإيجابية في إيقاف كافة واردات الاحتلال الإسرائيلي وصادراته عبر باب المندب. ويعتبر الحداد، أن ما يجري بمثابة فرض معادلة الحصار مقابل الحصار.
وتؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تسببت في تعطيل أكثر من 20% من الشحنات الدولية.
وحذر برلمانيون يمنيون موالون للحكومة المعترف بها دولياً، من أن أي استهداف لليمن من قبل أميركا وبريطانيا الهدف منه حماية الكيان الصهيوني وليس حماية الملاحة الدولية كما يدعون.
النائب عبدالعزيز جباري، قال في تغريدة له على موقع "إكس": "نحن في اليمن مهما كان الخلاف والصراع في ما بيننا إلا أننا لا نقبل مطلقاً بمثل هذه الاعتداءات التي تطاول الفلسطينيين.
الخبير الاقتصادي والاستشاري اليمني في الموارد الطبيعية عبدالغني جغمان، يقول لـ"العربي الجديد"، إن هناك نتائج محققة مما يجري في البحر الأحمر حيث علقت شركات شحن عمليات مرور ناقلات النفط والغاز، كما تدرس بعض شركات التكرير النفط طرقا غير البحر الأحمر لنقل النفط الخام إلى شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
ويشير جغمان إلى أن البدائل المتاحة عن باب المندب مكلفة للغاية من حيث المدة الزمنية وما تطلبه من احتياجات في الوقود والخدمات اللوجستية. وتشير تقارير اقتصادية إلى أن إمدادات وقود الطائرات ستكون الأكثر تعطلاً، بسبب توقف السفن التي تعبر البحر الأحمر مع وجود ضغط على السوق وزيادة الطلب على وقود الطائرات بسبب التحركات العسكرية الكبيرة أخيراً.
المحلل الاقتصادي صادق علي، يرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه توجد أزمة عالمية كبيرة بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب، وهناك صدى واسع واهتمام دولي لافت في ظل مخاوف اقتصادية من استمرار الخسائر بالتوسع مع بدء سريان التكاليف الجديدة المرتفعة على فواتير الشحن والتأمين التجاري الدولي.
ويستبعد أن تكون هناك تبعات كبيرة على اليمن أكثر مما قد يصيب الأسواق الدولية الأخرى، وذلك بالنظر إلى وضعية البلاد التي تعيش على وقع تبعات الأزمة الداخلية التي أثرت على الشحن والنقل التجاري سواء على المستوى الخارجي أو الداخلي.
وبينما يشدد معهد التصدير والتجارة الدولية على تعطيل في سلاسل التوريد العالمية بسبب هجمات البحر الأحمر، أعلنت شركة "ميرسك" للشحن الدنماركية عن تغيير مسار أربع سفن حاويات من أصل خمس كانت عالقة في البحر وتبحر في رحلة طويلة عبر طريق الرجاء الصالح.
ويلفت علي إلى أن هناك صعوبات وتحديات جسيمة تعترض السفن في حالة العبور من طريق الرجاء الصالح بسبب طول المسافة وكثرة النتوءات الصخرية وعدم توفر ميناء يقدم الخدمات اللوجستية للسفن.
ويحاول العديد من سفن الشحن منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تجنب العبور من الممر الرئيسي الذي يقلل أوقات النقل بين آسيا وأوروبا، وهذا يعني قطع مئات الأميال الإضافية، ودفع تكاليف أعلى.
وأكدت المنظمة البحرية الدولية في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي أن 18 شركة عالمية قررت وقف المسار في البحر الأحمر، بينما ساهم الاتجاه الإجباري للسفن إلى جنوب أفريقيا ومنها إلى أوروبا والعالم في رفع تكاليف النقل البحري.