هيئة علماء المسلمين في العراق تندد بتزايد عمليات الإعدام
نددت هيئة علماء المسلمين في العراق، أبرز الواجهات الدينية في البلاد، بارتفاع وتيرة تنفيذ السلطات العراقية عمليات الإعدام خلال الفترة الماضية، مؤكدة تنفيذ عمليات إعدام أخرى غير معلنة داخل السجون، فيما اعتبرت أن الحكومة تسعى من خلال ذلك لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي العشرين من الشهر الماضي، كشفت مصادر أمنية وحقوقية عراقية عن تنفيذ السلطات عمليات إعدام غير معلنة بحق مدانين بعد توقيع رئاسة الجمهورية على تلك الأحكام، من بينهم كبار في السن ومرضى يحظر القانون العراقي تنفيذ الأحكام بهم.
ومساء أمس الأحد، أصدرت هيئة علماء المسلمين بيانا أكدت فيه أن العراق ما زال يحتل "مراتب متقدمة عالميًا من حيث الأعداد المعلنة للسجناء مع وجود ما لا يقل عن 140 ألف معتقل في السجون الحكومية المعلنة"، بينما تشير تقارير عدة إلى أن الأعداد الحقيقية للسجناء المغيبين بشكل قسري أكبر من ذلك بكثير.
وأضاف البيان أن "العراق بقي طوال السنين العشرين الماضية في المراتب الأولى عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام؛ حيث ما زالت الحكومات المتعاقبة في العراق تطلق موجات متتابعة من الإعدامات الجماعية الانتقامية بحق مواطنين حُكِم عليهم بالإعدام خلال محاكمات سريعة تفتقر لأدنى مقومات العدالة، وتصل أعدادهم إلى 8 آلاف محكوم بالإعدام".
وأكد البيان أن السجناء المدانين "أُجبروا تحت وطأة التعذيب على الإدلاء بها (الاعترافات)، مع علم القضاة بهذه الحقيقة ورؤيتهم لما يثبت ذلك بعين اليقين".
وكشف البيان عن "ارتفاع نسبة عمليات الإعدام المسجلة والوفيات في سجون العراق بأكثر من النصف مقارنة بعام 2022 وارتباط ذلك بتسارع الموافقات التنفيذية على أحكام الإعدام، حيث نفذت السلطات الحكومية في العراق خلال الشهر الماضي وفي يوم واحد حكم الإعدام بـ13 معتقلًا في سجن الناصرية، جنوبي البلاد"، مؤكدا تنفيذ عمليات إعدام أخرى بشكل غير معلن.
واعتبر بيان هيئة علماء المسلمين في العراق أن عمليات الإعدام "أسلوب الانتقام وفق عقلية طائفية"، متهما الحكومة العراقية بأنها "تسعى لتحقيق مكاسب سياسية بائسة على حساب حياة الأبرياء، في وقت ما زال فيه الجناة الحقيقيون يتمتعون بإفلات مطلق ومستمر من العقاب في البلاد".
ويمثل ملف السجناء العراقيين، خاصة المحكومين بالإعدام والذي يقترب عددهم من 20 ألف شخص، أدين معظمهم وفقا لمعلومات "المخبر السري"، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية، أبرز القضايا التي شكّلت جدلا سياسيا وشعبيا وإعلاميا واسعا في البلاد خلال السنوات الماضية.
ووعدت القوى العربية السنية جمهورها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2021، بالمضي في إقرار قانون العفو العام، الذي يتضمن توفير ظروف قانونية لإعادة محاكمة السجناء، لضمان العدالة القضائية، لكن أي من تلك الوعود لم تتحقق.
وحول عمليات الإعدام الأخيرة في العراق التي تنفذها السلطات، قال عضو في البرلمان العراقي ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إن رئاسة الجمهورية وقّعت على جملة من الأحكام دون مراجعة وتدقيق لكثير من ملفات أحكام الإعدام التي قدمت".
وأضاف النائب الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن "حكومة السوداني تريد التخلص من الانتقادات الدولية والحقوقية إزاء عمليات الإعدام، لذا انتهجت أسلوب عدم الإعلان عن تنفيذ الأحكام.. للأسف إجراءات الإعدام متواصلة، والمدانون الذين تم إعدامهم قسم منهم لديهم طلبات طعون بعد توفر أدلة لصالحهم، لكن لم يسمع منهم أو من محامي الدفاع الخاصين بهم أحد"، وأكد الحاجة إلى تحرك سياسي وحقوقي إزاء ما يحصل من تنفيذ أحكام في سجن الناصرية.
ويقع سجن "الحوت" في مدينة الناصرية، ضمن محافظة ذي قار، جنوبي العراق، ويضمّ نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، ويلقبه مراقبون بالسجن "سيئ الصيت"، بسبب كثرة الانتهاكات وحالات الوفيات الناجمة عن التعذيب والضرب وسوء التغذية وتفشي الأمراض.
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير سابق له، عن"وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد.. يتوفى العشرات في توقيتات متقاربة، وغالبيتهم في سجن الناصرية المركزي".
وأكد "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية، مع انعدام الظروف الصحية في معتقلاتهم، وفي درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ممّا يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر".