التغيّرات المناخيَّة
بشير خزعل
أرقامٌ صادمةٌ قدمها الجهاز المركزي للاحصاء عن تراجع واقع الزراعة في العراق، منها بفعل الجفاف والتغيرات المناخية القاسية في العراق، وليس الجفاف لوحده صاحب الأثر السلبي، بل يشكل التخطيط الستراتيجي ايضا أحد المشكلات التي قلصت حجم الأراضي الزراعية المنتجة في البلاد مع اتساع الصحارى والاراضي البور غير الصالحة للزراعة، مساحة الأراضي الصحراوية والصحراء الصخرية تبلغ نسبتها 41.89 بالمئة من إجمالي مساحة العراق، وهي تتميز بتضاريسها الرملية أو الصخرية مع قلة الغطاء النباتي والمستوطنات البشرية، أما المساحات المائية فقلت بنسبة 1.25 بالمئة من مساحة الأراضي، التي يعد نهرا دجلة والفرات أهم مصادر المسطحات ومياه الري فيها، بينما تشكل الأراضي الزراعية المهجورة ثاني أكبر مساحة بنسبة 22.21 بالمئة، وتشمل الأراضي الرطبة مانسبته 0.26 بالمئة فقط، وهـي تعكس التحديات التي تواجهِّ المياه، وسوء الادارة في البلاد منذ سنوات طويلة وليس وليدة اللحظة، هذه المشكلة الاخذة بالتوسع مع تفاقم أزمة شح المياه وشح صحة التربة ونقص المدخلات الزراعية، تأثيرها المستقبلي البالغ سيؤدي إلى تفاقم معضلة كبيرة تواجه سلة الغذاء والانتاج الوطني، والاعتماد بنسبة تزيد على 80% على ما يستورد من الخارج من جميع أصناف الفواكه والخضراوات، أضف إلى ذلك أن مساحات الأراضـــي العشبية والنباتات المتناثرة تقلصت هي الأخرى، وهذا الأمر يشكل خطرا داهما، فالمناطق العشبية مناطق مهمة لرعي الماشية وموطنٌ حيويٌ للحفاظ على التنوع إلاحيائي ومأوى للعديد من الطيور و الحيوانات البرية، ومهمة للحفاظ على التنوع البايولوجي، وحتى الاراضي المروية التي تعد ضرورية للزراعة في العراق تغطي 5.78 بالمئة مـن إجمالي مساحة الأراضــي والأراضــي الديمية 0.55 بالمئة، وهي تستخدم لزراعة المحاصيل، التي تتطلب كميات أقل من المياه وتستمر كأراضٍ خصبة لمــدة 5 سـنـوات وبعضها لمدة 10 سنوات وتشكل 3.1 بالمئة و7.58 بالمئة على التوالي، أمام هذه الأرقام والإحصائيات؟
العراق يواجه مشكلة كبيرة ستؤثر سلبا في مستقبل الأجيال القادمة والطبيعة الجيوغرافية للبلاد، وأصبحت مسألة البحث عن معالجات جذرية ومشاريع تعتمد على تقنيات جديدة لها الــقــدرة على المـراقـبـة والتقييم والتنبؤ ضرورة ملحة لمواجهة التغيرات البيئية والمناخية والحد من التأثيرات البشرية على الموارد الطبيعية، والعمل على استدامة الأراضي بما يحقق التوازن بين الحفاظ على البيئة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية والإنسانية والبشرية والاقـتـصـاديـة، بالاضافة إلى نشر الوعي البيئي وزيـادة المعرفة بالالتزامات البيئية والتنموية، بما يخدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاقيتي باريس والأمم المتحدة لمكافحة التصحر، معرفة حجم الأثر المترتب على المــوارد الطبيعية، عن طريق الاستخدام البشري والــزحــف السكاني على بعض الأراضــي الزراعية، وأثــر البيئة والتغير المناخي في هذه الأراضـي، جميعها اسباب مباشرة على واقع الزراعة واتساع رقعة التصحر في العراق كما ان حجم الهدر الكبير في المياه يدعونا إلى وضع سياسات وإجراءات لمجابهة التغير المناخي، الاستسلام إلى سردية أن العراق هو واحد من خمسة بلدان في العالم الأكثر تأثراً، بالظروف المناخية.