فكرة التكامل العراقي
د. أثير ناظم الجاسور
لعل فكرة التكامل كمصطلح يُحيلنا للتفكير في مجموعة من المقترحات التي تتطلب دراسات عميقة لعوامل تساعد على تحقيقها، ابتداءً فكرة قيام الدولة، مروراً بالآليات والأدوات والإجراءات... إلخ من القضايا، التي تجعل منها فكرة عملية ومن ضرورات الاستمرار والديمومة، فحتى يتم تحقيق التكامل لابد من دراسة المكانة والقدرات ومعرفة دقيقة بهما في سبيل العمل ضمن مساحة ما هو متاح والممكن، في العديد من التجارب التي بحثت وحاولت التكامل، لا بد من دراسة فكرة التنسيق الداخلي، الذي يعمل على تدعيم اي عمل خارجي، بناءً على تحقيق المصلحة التي تعد غاية كل دولة ونظام سياسي، من خلال دورة المؤسسات ورسم السياسات التي بالضرورة تدرس المدخلات والمخرجات، لتترجم كل ما له علاقة بعمل الدولة للصالح العام، وتنطلق الفكرة من المجتمعات التي تسهم في بناء الدول، من خلال مستويات التفكير والتعاطي مع القضايا النظرية التي تؤدي بالنتيجة إلى تطبيق واقعي ملموس، ولهذا التفكير تطبيقات متعددة قد تكون محصورة في الاتحادات والاحلاف، التي عكست بيئات النظام الدولي، إلا أن العمل ضمن نطاق الدولة الواحدة بحدودها الجغرافية بتنوعها الاجتماعي.. إلخ من العوامل المهمة والرئيسة. في العراق وما مر بيه تحولات وتغيرات في المنظومات السياسية والاجتماعية والثقافية – الفكرية، جعلت من فكرة التكامل ضربا من الخيال، خصوصاً عملية تقزيم الهوية التي مورست على الهوية الوطنية العراقية، مقابل الهويات التي ارتبطت بأيديولوجيات وتيارات فكرية، جعلت من فكرة الترابط من معوقات البناء الاجتماعي، الذي كما ذكرنا تؤثر بالضرورة في ديناميكية النظام السياسي وتعاطيه مع بيئتيه الداخلية والخارجية، بالتالي فإن فكرة نقد العمل التكاملي لا يمكن أن تتحقق، إلا من خلال برنامج واضح أو مجموعة من المبادئ، التي تُقرر من خلال عمل تشاركي بين نخبة سياسية قادرة على ادراك مكانة الدولة ومقوماتها، وبين نخب المجتمع التي من الضروري أن تتجاوب مع ما يتم اقراره من قبل النخبة الأولى بعد أن تتوسط أو تكون الوسيط الاجتماعي - الثقافي من خلال تضييق المساحات السلبية وتوسيع المساحات الايجابية، بالمحصلة لا بد من أن تمر عملية التكامل هذه بمجموعة من المراحل التي تُعد البناء الأساسي لها وهي على الشكل التالي:
• وضع أطر فلسفية فكرية حول منطق الحكم السياسي العراقي.
• تحديد نقاط الضعف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمل على تعزيزها، من خلال إدخال أدوات وأساليب تجعل منها نقطة انطلاق مفهوم فكري عراقي خالص.
• التركيز على بناء هوية عراقية من حيث تحديد مجالها الحيوي ابتداءً من الجغرافية والرقعة الأرضية الحضارية، التي من خلالها تُعزز مفهوم المواطنة العراقية.
• رسم صورة كاملة عن البيئات المؤثرة في الواقع العراقي ودراستها كحالات مستمرة تعمل على التركيز في مختلف الجوانب.
• خلق أيديدولوجيا عراقية تدخل في وضعها وتفسيرها وتحليلها مدارس فكرية نابعة من قلب البيئة العراقية.
• تأسيس فكر جديد للأمن الوطني العراقي تتضمن جوانب أمنية- اجتماعية - ثقافية، تعمل ضمن مساحة التقارب والتشارك والتعاون، وفق صيغ علمية وعملية.
• الخروج من صندوق المجتمع التقليدي المؤمن بالاساطير والطقوس.. إلخ من محددات العقل، صوب مجتمع يعيش وسط مساحات الوعي، التي تدعو للتطورات، التي تسهم في خلق مجتمع يتميز بوعي سياسي وثقافي ووطني، يفهم التاريخ ويفسر الاحداث وفق مفهوم المصلحة الوطنية الواسعة لا الضيقة.