كيف ننظر لأهميَّة العلاقة مع فرنسا؟
وليد خالد الزيدي
في ظل التقارب الدبلوماسي بين العراق وفرنسا وحراك الشراكة معها، فإن ثنائية الأمن والاقتصاد، لن تغيب عن فكر قادة البلدين، لا سيما في ظل تعيين السفير الفرنسي الجديد في بغداد باتريك دوريل الذي ابدى استعداده لبذل أقصى الجهود العملية، من أجل تطوير العلاقات وتوسيع آفاق التعاون بين بلده والعراق وتوثيق أطر الانسجام بينهما انطلاقاً من عمق علاقاتهما التاريخية، اذا ما عرفنا ان فرنسا تحتل المرتبة السابعة في قائمة الاقتصادات العالمية المتطورة، بعد امريكا والصين واليابان وألمانيا والهند وبريطانيا حسب إحصاءات اعتمدها صندوق النقد الدولي عام(2019)، اساسا على اجمالي ناتجها المحلي الذي قارب من(3000) مليار يورو بالأسعار الجارية في العام المذكور في ظل امتلاكها(29) منشأة من المنشآت الخمسمئة الأولى دوليا، بموجب تصنيف الثروات العالمية عام( 2017). من ينظر بشكل سطحي لاقتصاد فرنسا يراه مرتفعا في قطاعي الترف والأغذية الزراعية، اللذين تشتهر بهما، وفي حقيقة الامر ان البلد الصديق يتميز بصعود قطاعات أخرى في الاقتصاد العالمي، مثل المصارف والتأمين والطاقة وصناعة السيارات والطائرات واخرى بدرجات متفاوتة يصاحب ذلك استقرار سياسي وأمني في عموم فرنسا وطابعها الديمقراطي، الذي انعكس بشكل كبيرعلى منظومة رئاستها، التي عرفت بالجمهورية الخامسة المنبثقة قبل(66)عاماً وتحديدا في تشرين الأول عام (1958) كنظام سياسي مستقر بعد تجارب مريرة سابقة من تاريخ فرنسا المثير والمتخم بالاحداث وبعد تعديلات دستورية باستفتاء عام (1962) تمثلت بمنح الرئيس جميع الصلاحيات التنفيذية، فوقفت بوجه الازمات بفاعلية واثبتت حتى اليوم مرونة وقدرة على التكيّف مع الاحداث والتقلبات، ما أكسبها خبرة في تحقيق الاصلاحات لاسيما في قضية تجديد دستور الدولة وتجاوز الازمات، فانعكس ذلك بشكل ايجابي على أمنها واستقرارها في تجارب استراتيجية ناجحة. مع أن فرنسا تواجه اليوم تحديات عديدة، لكنها سعت لإطلاق إصلاحات رئاسية بعد ظهور حالات إفلاس بعض شركاتها خلال العام الماضي، يعزى إلى ارتفاع التضخم لا سيما قطاع الطاقة وأسعار الفائدة، فتسبب بزيادة تكاليف تشغيل الشركات وتدهور قطاع التصنيع ليتراجع بشكل أعمق مع مخاوف حدوث ركود فني وانخفاض إنتاجه، ومواجهة البطالة ونقص العمالة واختفاء بعض المهن ذات المهارات العالية ما دفع بالحاجة إلى وظائف واستبدال العمال المتقاعدين، وحل المشكلة تمثل في الاعتماد على القوى العاملة الجديدة لتسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية ومالية إيجابية، فصادق البرلمان الفرنسي على التوظيف لسد نقص العمالة وتضمين ميزانية العام الحالي (2024) فقرة استبعاد زيادة الضرائب على الأسرة، وتخصيص (7) مليارات يورو للتحول الأخضر، وصفر انبعاثات كربونية واستبعاد الاقتراض واحياء عمل المصانع وتوخي اليقظة طوال العام لتحقيق استقرار اقتصادي. التجارب الاستراتيجية لفرنسا في التعامل مع الازمات، يمكن الاستفادة منها في العراق في ظل تاكيد السفير الفرنسي الجديد رغبة رئيس بلاده مانويل ماكرون بزيارة العراق، وامكانية تعزيز اطر الشراكة معها، وتفعيل مذكرات التفاهم الثنائية لاسيما عقود النفط وتنسيق عمل المستشارين الفرنسيين لاسناد القوات العراقية اذا ما ادركنا الدور الرئيسي لفرنسا في منظومة قوات التحالف الدولي وامكانيتها بنقل موقف حكومة العراق ازاء تلك القوات، ورغبتها باقتصار دورها على الاستشارة والدعم اللوجستي والانتقال إلى علاقات دبلوماسية مع دول التحالف.