الزيارة وحّدت المواقف
أحمد عبد الحسين
في حكم البديهيّ أنّ أيّ حراك سياسيّ خارجيّ إذا أريد له أن يكون ناجحاً وفاعلاً فلابدّ أن يتقوّم أولاً وقبل كلّ شيء بجبهة داخلية متينة تعضده وتكون سنداً له، لأنّ قدرة المفاوض تُعدّ مظهراً كاشفاً عن قوّة الدولة التي يمثلها، وهذه القوة هي في جوهرها البناء الداخليّ الذي يجعل القرار السياسيّ متماسكاً ما يمنح الناطق باسمه وضوح الرؤية وقوة الموقف.
وإذ تكتسب الزيارة الاستثنائية التي يقوم بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن أهميتها البالغة من أهمية الملفات التي يحملها معه، فإنّ عنصراً حاسماً سيكون إلى جانبه يتمثل في الجبهة السياسية الداخلية الساندة له ولهذه الزيارة.
وليس من قبيل المبالغة القول إنّ وحدة الموقف المصطفّ خلف هذه الزيارة يكاد يكون نادراً في الفضاء السياسيّ العراقيّ، إذ لم يحدث أنْ قامت الكتل السياسية بإرجاء خلافاتها وتنحيتها جانباً إلا في منعطفات مصيرية فارقة كلحظة التصدي لإرهاب عصابات داعش الإرهابية.
استثنائية هذا الدعم السياسيّ للسوداني تماثل استثنائية الزيارة التي يتطلع الجميع إلى أن تفي بوعودها وأن تكون ناجحة، لأن نجاحها من شأنه أن يفضي إلى حلول للنقاط الخلافية المستعصية داخل الحراك السياسي الداخلي نفسه، فضلاً عن التمهيد لإيجاد حلول لمشاكل مالية واقتصادية شتى.
الموقف الذي حمله بيان ائتلاف إدارة الدولة عبّر عن "دعم كامل لجهود الوفد العراقي لتحقيق المصالح الوطنية العراقية الحيوية، في دعم الأمن والاستقرار السياسي واستمرار التنمية وتقديم الخدمات التي يلمسها المواطن بوضوح منذ فترة". ومثله بيان مجلس النواب الذي نظر "بثقة عالية إلى الوفد العراقي رفيع المستوى الذي يزور الولايات المتحدة هذه الأيام برئاسة رئيس مجلس الوزراء". كما أنّ موقفاً كردياً مماثلاً عبّر عنه بيان لرئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في تغريدة له أمس جاء فيها "يتطلع إقليم كردستان بتفاؤل إلى زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية ونحن واثقون من أن مصالح جميع العراقيين ستكون ممثلة هناك".
هذه المواقف ومثلها كثير مما أصدره سياسيون عراقيون أمس تجعل من زيارة واشنطن حدثاً تترقبه الساحة العراقية ويتطلع إليه جميع الفرقاء لأن الأمر يتعلق بتحقيق المصالح المشتركة للعراقيين على مختلف توجهاتهم السياسية.