جرس إنذار
د. صادق كاظم
قبل عدة اشهر قتل شخص في أحد تقاطعات العاصمة بغداد في العامرية بالذات برصاص مسدس كاتم للصوت، وشاءت الصدف أن يلقى القبض على القاتل، الذي لم يكن عراقيا بعكس جنسية المقتول وبعدها بايام اطلق شخص اجنبي الجنسية ولسبب غير معلوم، النار على رجل شرطة يقف على باب أحد المساجد فارداه قتيلا، فقام المارة بإلقاء القبض على القاتل قبل أن يفر من المكان.
تفاصيل الجريمتين اتضحت لاحقا فالاول قتل لانه كان زعيم عصابة لترويج المخدرات في السويد وكان يقاتل بالضد مع عصابات منافسة اهدرت دمه فاضطر إلى الهرب إلى وطنه الام قبل ان يقرر القتلة ملاحقته ومطاردته ومن ثم الإجهاز عليه بالقرب من منزله على يد قاتل اجنبي مأجور، وصل سرا إلى العاصمة اما الثاني فقد كان هو الاخر زعيما لعصابة تتاجر بالمخدرات وتهريب البشر إلى العراق وكان مسؤولا عن عمليات سطو مسلح لعدد من المحلات التجارية في العاصمة.
هذه الحوادث تدق ناقوس الخطر فهناك عصابات مافيا دولية ومن دول اسيوية باتت تتسلل إلى ارض العراق وتؤسس لنفسها أوكارا وبؤرا لصناعة المخدرات والترويج لها ومن ثم اقامة شبكات لتوزيعها وهذا الامر في غاية الخطورة.
صحيح ان الاجهزة الامنية قامت مؤخرا بشن حملات كبيرة وواسعة لاقتلاع بؤر واوكار لعصابات الجريمة المنظمة من ضمن افرادها أشخاص اجانب دخلوا إلى العراق خلسة ومن دون تصاريح رسمية، وقسم منهم متورط بجرائم خطف واتجار بالبشر، لكن ذلك ليس كافيا فهذه العصابات ستقوم بتعويض خسائرها بسرعة والانتقال إلى اماكن اخرى بعيدا عن عيون رجال البوليس ومن ثم استئناف انشطتها وكأننا لم نفعل شيئا.
هذه الاحداث تكشف بان البلاد اصبحت محط انظار واهتمام عصابات الحريمة والمخدرات بالذات والتي ستجد فيها سوقا مربحا لتجارة السموم والموت، لكننا بالمقبال سنخسر اعدادا كبيرة من ابناء شعبنا الذين سيقعون ضحية لتلك المخدرات وهذه العصابات لن تتوقف عن محاولاتها مما يتطلب جهدا امنيا واستخباريا عالي المستوى لا يقل عن مستوى تهديد عصابات داعش عبر تكليف الخلايا الاستخبارية الكفوءة في هذا المجال لتتبع تلك الانشطة، اضافة إلى تفكيك شبكات تهريب البشر التي تعمل على ادخال عناصر هذه الشبكات الاجرامية واخفائها في العديد من المناطق لتمارس اعمالها الخطيرة من هناك.
هذه المافيات الدولية تحاول كما فعلت مع دول اخرى استغلال وتهاون الاجهزة الامنية والقضائية معها لتمد اذرعها وتتغلغل في داخل البلاد وتقيم لنفسها قواعد وملاذات آمنة ليستفحل امرها وخطرها لاحقا ولكي لا يتكرر النموذج السويدي عندنا، اذ إن السويد التي يقيم على ارضها اكبر عدد من اللاجئين في العالم من دول واصقاع شنى باتت شوارعها وازقة العاصمة فيها تحت سيطرة عصابات الجريمة والمخدرات التي يديرها اللاجئون حتى اصبح المولطن السويدي يخشى على حياته عند المرور بها مما دفع الحكومة إلى الاستنجاد بقوات الجيش السويدي لاعادة السيطرة على الموقف، خصوصا بعد تفجير سيارة مفخخة استهدفت أحد الشوارع وتسببت بقتل عدد من المارة، حتى أن الحكومة ظنت بان هذا العمل من فعل جماعات ارهابية تتبع تنظيم داعش قبل ان تكشف التحريات لاحقا ضلوع تلك العصابات بهذا العمل مما عرض الامن القومي في السويد إلى الخطر ودفع الحكومة إلى ادخال الجيش، ليقوم بحفظ الأمن مما يشير إلى خطورة هذا العمل وارتقائه إلى مستوى اعلان الحرب على السويد.
هناك مجلس وزاري للامن الوطني في البلاد، والذي يعتبر في تركيبته اعلى سلطة امنية وبرئاسة السيد رئيس الوزراء وهو الذي يقرر الاستراتيجيات الامنية العامة للبلاد، وبالتأكيد فإن مثل هذه الحوادث والخروقات ماثلة لديه وبالتالي فان الشارع العراقي يتوقع ويرغب بأن يكون هناك تحرك حاسم وعاجل لتفكيك عصابات الجريمة الدولية المختبئة في أرضنا، وكذلك كشف الرؤوس المحلية المتواطئة معها، والتي تتعاون معها على خيانة البلاد وشعبها مع تحرك من قبل مجلس النواب والقضاء لاصدار تشريعات تعاقب بالاعدام مرتكبي هذه الجرائم ومعاملتهم بحسب القوانين العراقية، وليس بحسب قوانين بلدانهم وكما فعلت الحكومة السويدية مؤخرا، التي طلبت عدم اعدام القاتل المأجور الذي ألقي القبض عليه في جريمة حي العامرية، بذريعة أنه يحمل جنسيتها التي لا تعاقب بالإعدام أي شخص مهما كانت جريمته وبشاعته.