اخبار العراق الان

أميرة جواد: أسعى لتجسيد شخصية زها حديد وعودتي للمسرح مقرونة بنص جيد

أميرة جواد: أسعى لتجسيد شخصية زها حديد وعودتي للمسرح مقرونة بنص جيد
أميرة جواد: أسعى لتجسيد شخصية زها حديد وعودتي للمسرح مقرونة بنص جيد

2024-06-26 11:00:03 - المصدر: واع


بغداد-واع

حوار: أحمد سميسم

عدسة: علي هاشم 

وقفت أمام الكاميرا وعمرها أربع سنوات لذا تعد أصغر فنانة عراقية ظهرت على الشاشة وتحديداً في السينما عبر الفيلم الروائي (ليالي العذاب) عام 1959، فنانة شاملة زرعت محبتها في نفوس ووجدان الجمهور العراقي فكانت نجمة متلألئة في سماء الفن، وضعت بصماتها الفنية في كل مجالات الفن فيكاد لم يذكر مجال فني إلا وفيه اسمها سواء في المسرح والتلفزيون والسينما، شكلت حضورا فنيا لافتا في المسرح فكانت لها اعمال مسرحية خالدة لا تنسى مثل مسرحية (حرامي السيدية) و (حرم صاحب المعالي) و ( حافي ومتعافي) و ( كان ياما كان) وغيرها من الاعمال المسرحية الرائعة، فضلا عن أعمالها التلفزيونية والأدوار المهمة التي جسدتها، هي بنت المخرج والمنتج المعروف جواد الشيخلي الذي وضعها على أولى محطات الفن فانطلقت منها الى عوالم الجمال عبر سكة الفن، تسكنها الأمومة فهي فنانة بمرتبة "أم" فقدت فلذ كبدها ولدها الوحيد لذا نراها قد تبكينا كثيرا حين تكون "أماً" في الشاشة أكثر من الأدوار الأخرى.. 

الفنانة القديرة "أميرة جواد" كانت في ضيافة (وكالة الأنباء العراقية) (واع) تحدثت بكل صراحة وبمحبة عن أسئلتنا التي وجهت لها عبر هذا الحوار.. 



*  أنت بنت المسرح ولست بنت التلفزيون، خشبات المسارح تفتقدك وتسأل عنك فماذا تجيبينها؟

- قد أكون بنت المسرح مثل ما تفضلت لكن باعتقادي أن الفنان ليس ابناً لمجال فني واحد بل هو ابن لكل المجالات التي عمل وأبدع فيها، المسرح مسؤولية كبيرة وفضاء رحب ومواجهة حقيقية مع الجمهور وأنا من عشاقه، الفنان حين يعتلي خشبة المسرح يكون فارساً يقود ما لا يقل عن 500 متفرج من الجمهور الكريم، ومن خلال وكالة الأنباء العراقية أقول: انتظر نصاً مسرحياً جيداً ومخرجاً من فرسان المسرح لكي أعود الى المسرح من جديد. 

* والدك رحمه الله (جواد الشيخلي) كان منتجاً ومخرجاً، هل والدك هو من أدخلك  عتبات الفن؟

- بالتأكيد لولا والدي رحمه الله لم أكن في مجال الفن، وكانت أولى محطاتي الفنية عبر الفيلم الروائي الطويل (ليالي العذاب) الذي عرض عام 1965 من اخراج وإنتاج والدي وكان عمري حينها لم يتجاوز الأربع سنوات، جسدت دور البطلة في ذلك الوقت لذا أنا أصغر ممثلة عراقية تقف أمام الكاميرا وأصغر ممثلة أيضا تعتلي خشبة المسرح من خلال مسرحية (شرين وفرهاد) عام 1972 وكنت حينها في الصف الثاني المتوسط".   


 

* هل كان لمنطقة (باب الشيخ) في بغداد حيث موطن سكنك وطفولتك أثر في تكوين ملامحك الفنية؟

- أنا ولدت في منطقة شارع الكفاح ببغداد (سوق حنون)، أما منطقة (باب الشيخ) فمنطقة سكننا الأصلي، ولقبت أسرتنا بلقب "الشيخلي" نسبة الى باب الشيخ، أما نحن فننتمي الى عشيرة السادة (النعيم)، أستطيع القول انني اكتسبت من منطقتي الطيبة والبساطة والعفوية والإنسانية لذا طباع شخصيتي اكتسبتها من باب الشيخ تلك المنطقة العتيدة.  

* انضمامك الى الفرقة القومية للتمثيل عام 1972 هل تعديها انعطافه في حياتك الفنية؟ حدثيني عن هذه الفترة؟

- بالتأكيد انضمامي الى الفرقة القومية للتمثيل انعطافه مهمة في مسيرتي الفنية، كيف لتلك الفتاة الشابة الفتية تدخل الى مكان مهم ومؤسسة رسمية حكومية لها ثقلها الفني ألا وهي الفرقة القومية للتمثيل وتصبح عضوا فاعلا فيها؟، وجدت كل الترحيب والاحتواء بهذه الفرقة لاسيما من قبل الفنان صفوت الجراح والفنان قاسم الملاك اللذين وقعا عقد عمل معي وخصص سيارة خاصة لي للتنقل حينها.     



* جسدت دور (الأم) في أعمالك الفنية أروع تجسيد، لو سألتك أيهما أصعب دور الأم في الواقع أم في التمثيل؟

- أكثر  الأدوار التي جسدتها كانت حقيقية بالنسبة لي لا سيما أدوار الأم، لذا دوري في مسلسل (خان الذهب) بشخصية (ليلى) كانت تمثلني من الألف الى الياء بمعنى ليلى هي أميرة جواد في الواقع، لذلك الشخصية لم تجهدني وكان أدائي تلقائيا وصادقا وهذا ما لمسه الجمهور من خلال الشاشة، لكن بالمقابل الشخصية حملتني الكثير من الوجع، لذلك الشخصية نالت   إعجاب الجمهور وأحبها طيلة حلقات المسلسل، وأكشف لكم سراً ،الشخصية مست مشاعري بصورة مباشرة كوني أم فقدت ولدها لذا لم أفكر كم ستكون أجوري؟ أو اسمي أين سيكون في تايتل المسلسل؟ وهل صورتي ستكون موجودة في بوستر المسلسل أم لا؟ كل تلك الأشياء لم تكن تعنيني بقدر تعلقي وحبي لأداء الشخصية، فضلاً عن أن المسلسل أعادني الى الشاشة بعد غياب 8 سنوات عن المسلسلات.   



* على ما يبدو معايير النجاح للفنان الممثل اختلفت الان عما كانت في السابق في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، كيف نستطيع أن نحافظ على معايير الفنان الناجح؟  

- نحن الان نمر بمرحلة صعبة في ما يخص معايير النجاح، الفنان العراقي أصبح كالجندي الذي يقاتل في ساحة الحرب من حيث مواجهة التحديات الكثيرة منها المنافسة الشرسة، وصراع مواقع التواصل الاجتماعي، والمعايير غير الحقيقية في النجاح وغيرها من العقبات، إذ أصبحت للأسف أحد معايير النجاح المشوهة هي متابعات الفنان على مواقع التواصل الاجتماعي فكلما كانت المتابعات مرتفعة كانت حظوظ الفنان وفيرة في اشتراكه في الاعمال الفنية وهذا ما يبحث عنه بعض المخرجين، الفنان الحقيقي الذي لديه رصيد من الاعمال الناجحة والمؤثرة لن يحتاج لهذه البهرجة ولن يحتاج لمن يبحث عنه بل تأريخه واسمه هما من يدلان عليه للاشتراك في الأعمال الفنية. 



* ما الدور أو العمل الذي تعدينه العمل الأبرز الذي يمثل أميرة جواد فنياً على مدى السنوات؟

- هذا السؤال صعب، عملت كثيراً من الأعمال الجميلة التي ما زالت راسخة في ذاكرة الجمهور على مدى مسيرتي الفنية وبعض الاعمال قد لا تروق لي، من ضمن تلك الاعمال التلفزيونية البارزة (بيتنا وبيوت الجيران)، (نادية)، (عنفوان الأشياء)، (مضت مع الريح)، (زمن حيران) وغيرها من المسلسلات الشعبية الرائعة، لكن أستطيع القول إن العمل الأبرز الذي توج أعمالي السابقة بنجاحات كبيرة هو دوري الأخير في مسلسل (خان الذهب). 



* جسدت عدداً من الأدوار التي وصفت بأنها جريئة مثل فيلم (افترض نفسك سعيداً)، هل تعتبرين هذه الأدوار هي سلاحاً ذا حدين للفنان ما بين قوة تلك الأدوار وقلم النقاد؟

- دوري في فيلم (افترض نفسك سعيداً) كان مرشحاً للفنانة المصرية ناهد يسري إلا أنها اعتذرت عن المشاركة في الفيلم لأسباب أجهلها، الفنان قاسم الملاك والفنان وجيه عبد الغني اتصلا بي وأبلغاني المجيء الى الشركة وعرضا عليَ دوري الجريء في الفيلم وكنت أعمل حينها في مسرحية (البيتونة)، وبعد قراءتي للشخصية انتابني شيء من الخوف لجرأة الدور، بعدها أبلغت الفنان قاسم الملاك ترددي وخوفي من تجسيد الدور وقال لي: "أميرة لا تخافي نحن معك ولا نقبل أن تتضرري اطمأني"، كنت حينها في خصام مع زوجي وعلى وشك الانفصال ما زاد خوفي أضعافاً بأن يساء فهمي في اشتراكي في الفيلم، شجعني الفنان قاسم الملاك للاشتراك وفعلاً جسدت الدور وكان أجري الأعلى  حينها وحقق نجاحا ساحقا ولم يستطع أحد أن يوجه سهام الانتقاد نحوي كوني عملت الدور بصورة مهذبة غير مبتذلة (الممنوع المرغوب) ونال الدور تعاطف واستحسان الجمهور.



* نجوت بأعجوبة من حادث سير بمدينة داقوق في كركوك عام 1989 حيث انقلبت بك السيارة عدة مرات، ما الذي انتابك حينها حدثينا؟ 

- كنت ذاهبة لزيارة اختي التي كانت على وشك أن تولد ولا بد أن أكون بجانبها، وكنت أقود سيارتي برفقة ابنتي نور فجراً بسرعة عالية تصل الى (140) كم في الساعة من اجل ان أصل وأعود مبكرة، وإذا فجأة ينفجر إطار السيارة الأمامي ولم استطع السيطرة على مقود السيارة فانقلبت 14 مرة وارتطمت السيارة بسياج مزرعة على جانب الطريق، حينها كان رتلاً عسكرياً ماراً هناك يعود الى وزير الداخلية العراقي آن ذاك فترجل الوزير ومن معه لمساعدتي وإخراجي من تحت السيارة بصعوبة وأخذوني الى المستشفى وتبين أن هناك كسراً في العمود الفقري وإصابات لابنتي أيضا، لحظات قاسية لا تنسى وأنا في ذلك الموقف كنت أفكر بأختي المحتاجة الى المال ومساعدتها لإجراء  عملية الولادة.



* ما الحلم الذي ضاع من بين يديك؟

- أحلم بأن تكون لدي أسرة كبيرة من أولاد وبنات، الان أسرتي تضم بنتي وأنا فقط، بعد وفاة ابني الوحيد (علي)، لذا حلمي أن أنتمي لأسرة كبيرة يسندوني عندما أكبر ويحملون عني عبء الحياة، حينما كنت شابة لم أفكر بأن يكون لدي أبناء، الان وبعد تقدم العمر بدأت أشعر بقيمة الأبناء وألفة الأسرة. 

* لو يعود بك الزمن للوراء ما الشيء الذي لا تفعليه مطلقاً؟

- لو يعود بي الزمن لن أنفصل عن زوجي الفنان الراحل "صبحي العزاوي"، كان من الممكن أن نصلح الأمر بيننا واعتبر انفصالي غلطة عمري الذي كان متسرعاً وغياب الحكمة نتيجة تراكمات من المشاكل. 

* "حيرة عين في زمان الأقنعة" هل نحن اليوم نمر في زمن الأقنعة؟ وهل لديك القدرة على تمييز الوجه الحقيقي من القناع؟

- ربما زمننا هو زمن الأقنعة لكن ليس بشكل مطلق مازالت الطيبة والاناس الجيدون موجودين بيننا   لكن لو شخص يرتدي القناع فلدي القدرة على التمييز ما بين الوجه الحقيقي من الوجه المزيف، وكشفت كثيرا من المختبئين وراء القناع. 




* الفنانة بيداء رشيد هي بنت أختك ربما هذه المعلومة لم يعرفها البعض، هل كنت سبباً في دخولها الوسط الفني؟ 

- هذا صحيح الفنانة بيداء رشيد بنت أختي وأنا من أدخلتها عتبات الفن ومعهد الفنون الجميلة، وكنت أتابعها وأدعمها في كل مرحلة من مراحلها الفنية، وتستشيرني قبل أن تشترك بالأعمال الفنية وأناقش معها الأدوار المسند لها. 

* ما الشيء الذي لن تنسيه حتى لو فقدت الذاكرة؟

- وفاة ابني ومرضه جرح لا يندمل لن أنساه مطلقاً مهما عصفت بي الظروف. 



* يقال انك كنت تزاولين الخياطة هل هذا صحيح؟ هل أخذتيها   كمهنة  يوماً ما ؟

- نعم زاولت مهنة الخياطة وكنت خياطة ماهرة، ومعظم الأزياء التي كنت أرتديها في أعمالي الفنية هي من خياطتي، وكنت أخيط أيضا لأخواتي وأمي وبعض الصديقات المقربات مجاناً، وفي زمن الحرب والحصار اضطررت الى ان أتخذ الخياطة مهنة لتسد احتياجاتي المالية، وهناك فنانة بارعة أيضا في الخياطة وأفضل مني هي الفنانة القديرة إنعام الربيعي.   

* ما الشخصية التي تحلمين بتجسيدها يوماً ما؟

- جسدت كثيراً من الشخصيات خلال مسيرتي الفنية، البرجوازية، الشعبية، الفقيرة وغيرها، لكنني كنت أتمنى أن أجسد شخصية (كارمن) الفتاة البسيطة في عمل مسرحي، لكنني قدمت عملاً مسرحياً يشبه (كارمن) وهي مسرحية (سيدتي الجميلة) من تأليف رحيم العراقي، وكنت أتمنى أيضا أن أشارك في أعمال السير الذاتية المهمة مثلاً أحلم أن أجسد شخصية أحلام وهبي، ومائدة نزهت، وزها حديد وغيرها من الشخصيات الفذة التي تركت أثراً في مجتمعنا العراقي.  



* حضرتك والفنانة ليلى محمد شكلتما ثنائياً جميلاً في الفن الاستعراضي الهادف من على خشبة المسرح، بعدها لم نشاهد ظهور فنانة استعراضية بنفس إمكاناتكم ما السبب؟  هل انقرض الفن الاستعراضي؟

- المسرح الجماهيري موجود في كل العالم، في فترة من الزمان أحيينا المسرح الجماهيري في بغداد وكنا نقدم فناً استعراضياً هادفاً برفقة الفنانة ليلى محمد على مدى ست سنوات تلك العروض التي كانت تحظى بحضور وقبول كبير من قبل الجمهور، قدمت ثلاث مسرحيات لا تنسى مثل (حافي ومتعافي) و (حرامي السيدية) و (الخشابة)، وكل مسرحية استمر عرضها لسنتين متتاليتين، نعم المسرح الجماهيري تلاشى وانقرض في العراق للأسف، كنت أتمنى أن تظل مسارحنا ترفل بالعروض المسرحية الهادفة البعيدة عن الابتذال والسذاجة سواء كان مسرحاً جماهيرياً أو جاداً، أو كوميدياً.       

* عاصرت كثيراً من الأجيال الفنية على مدى عقود من الزمن، كيف تنظرين الى الجيل الفني الجديد ؟

- الجيل الفني الجديد متفاوت في السلوك والأداء، بعضهم يستمع للملاحظات من الفنانين الذين سبقوهم برحابة صدر والبعض الاخر لا يستمع ولا يتقبل الملاحظة أصلاً، فعلى سبيل المثال كانت هناك أسماء كثيرة من الفنانين الجدد في مسلسل خان الذهب معظمهم كانوا أصحاب موهبة ونجحوا كالفنانة سارة والفنانة رويدة وأميمة وآخرين.