اخبار العراق الان

في كركوك.. "محرقة للجثث" تحكي تاريخ قرن من الزمن

في كركوك..
في كركوك.. "محرقة للجثث" تحكي تاريخ قرن من الزمن

2024-09-20 14:25:09 - المصدر: شفق نيوز


شفقنيوز/ على الرغم من أن العراق لم يعرف طقس حرق جثث الموتى على مدار التاريخ، إلاأن في محافظة كركوك ما يشير إلى غير ذلك حيث توجد محرقة جثث عمرها يتجاوز 100 عامما زالت شاخصة لتحكي قصة عمال هنود كانوا يعملون في المنشآت النفطية العراقية فيستينيات القرن الماضي.

طقسحرق جثث الموتى عمره آلاف السنين فقد وجد علماء الآثار ما يشير إلى هذه الممارسةقبل نحو 20 ألف سنة قرب بحيرة مونجو في أستراليا، كما أنه طقس متوارث لدى شعوب شرقآسيا، كما أنها ممارسة كانت متبعة قديماً في أوروبا ولدى سكان أمريكا الأصليينالهنود الحمر وقارات ودول أخرى.

المحرقةالهندية

ماإن تقطع مسافة ثلاثة كيلومترات من مقر شركة نفط الشمال الواقعة في منطقة عرفةالسكنية والتي تقطنها عوائل موظفي الشركة في كركوك، ستعترض طريقك نقطة تفتيش تتحققمن هوية ركاب السيارة حيث لا يتم دخول هذه المنطقة إلا بموافقات خاصة لغيرالموظفين.

وبعداجتياز نقطة التفتيش يبدأ السير إلى منطقة "باباكركر" الشهيرة حيث يقعأكبر حقل للنفط في كركوك وثاني أكبر حقل نفطي في العراق بعد حقل الرميلة فيالبصرة.

تسيرالسيارة باتجاه قلب شركة نفط الشمال حيث المنطقة الصناعية وأبراج تكرير النفط التيتظهر للعيان من بعيد، ورائحة النفط الخام التي تنتشر في المنطقة، وما إن تقترب منالبئر رقم واحد، وهو أول بئر تم حفره في كركوك وإلى جانبه الشعلة الأزلية المتقدةمنذ آلاف السنين، يبرز مبنى المحرقة الهندية.

يظهرللعيان مبنى صغير تعلوه مدخنة وهناك أيضاً أشبه بمنضدة حديدية بطول خمسة أمتاركانت توضع عليها جثث الموتى من العمال الهنود الذين كانوا يعملون هنا في ستينياتالقرن الماضي.

تتألفالمحرقة من ثلاث غرف، في إحداها يجري استقبال جثة المتوفى لتهيئتها، وفي غرفة أخرىيقوم شخص مختص بوضع الجثة في تابوت حديدي ويدفعها داخل الفرن لحرقها.

علامةفارقة

ويتذكرخليل عبد الله (83 عاماً) العمال الهنود في ستينيات القرن الماضي عندما كانوايعملون في بناء المنشآت النفطية وهم جزء من الشركات البريطانية التي تولت عمليةبناء الأسس الأولية لشركة نفط الشمال.

ويقولعبد الله لوكالة شفق نيوز، إن "المحرقة الهندية كانت علامة فارقة في المنطقة،كان العمال المسلمون يتجمعون عندما يتوفى عامل هندي ليشاهدوا كيفية حرق جثته، وأناشهدت تلك الطقوس في العام 1968".

ويضيف"كان هناك شخص يتولى أداء الطقوس الدينية الخاصة بالوفاة، وشخص آخر هو منيقوم بوضع الجثة في التابوت الحديدي وتزيينها وتعطيرها ودفعها إلى الفرنلتُحرق".

النساءممنوعات

بدورهيوضح أستاذ الدراسات الهندية في جامعة كركوك، أيمن بهاء الدين، لوكالة شفق نيوز،أن "المحرقة الهندية تعتبر جزءاً من تاريخ وحضارة كركوك وخاصة شركة نفطالشمال لأنها دليل على ما مرّت من أحداث على المحافظة وسكانها".

ويشيرإلى أن "المحرقة الهندية تم تأسيسها قبل 100 عام مع حفر أول بئر نفطي فيكركوك بحدود العام 1921، حيث كانت العمالة الهندية طاغية على الشركات البريطانيةالتي احتلت العراق وبدأت بتأسيس الشركات النفطية، والهنود يمثلون أكثر من 60% منالعاملين في الشركات البريطانية".

ويبينأن "الهنود وخاصة الهندوس منهم يمارسون طقس حرق الموتى ومحرقتهم في كركوكدليل شاخص على ذلك، ولغاية سبعينيات القرن الماضي كان العمال الهنود ما يزالونيعملون في كركوك قبل إعلان تأميم النفط في العام 1975 من قبل الحكومة العراقية فيحينها، بعدها غادر العمال الهنود العراق وتم استبدالهم بكوادر عراقية".

ويتابعبهاء الدين "هناك ذكر في النصوص القديمة للديانة الهندوسية تقول إن للزوجاتحق المشاركة في الطقوس الأخيرة إذا مات الزوج دون أن يترك ولداً أو بنتاً وليسلديه شقيق ذكر، لكنهن ممنوعات من حضور مراسم حرق الجثة".

ويلفتإلى أن "حرق الجثة يجب أن يقوم به الابن الأكبر، وهناك نص ديني هندوسي يتعاملمع طقوس الجنازة ويُعتقد أنه يعود لأكثر من ألف عام. ولا يتطرق الكتاب لدورالمرأة".

ويختمبهاء الدين حديثه بالقول "المحرقة أصبحت اليوم جزءاً تاريخياً وحضارياً منهوية كركوك ويمكن تحويلها إلى موقع مهم للباحثين عن التواجد الهندي في العراق،وإعداد دراسات عنها وما يدور حولها من أحداث كانت في الماضي".