كلمة ممثل سمو الأمير سمو ولي العهد في المناقشة العامة للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة
2024-09-26 23:00:05 - المصدر: كونا
نيويورك - 26 - 9 (كونا) -- ألقى ممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه سمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظه الله كلمة دولة الكويت أمام الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمقر المنظمة في مدينة نيويورك، هذا نصها: "معالي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة معالي الأمين العام للأمم المتحدة أصحاب الفخامة والسمو والمعالي رؤساء الوفود السيدات والسادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، بداية يسرني أن أنقل لكم تحيات حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (حفظه الله ورعاه) وتمنيات سموه بنجاح أعمال الدورة الـ(79) للجمعية العامة للأمم المتحدة واجتماعاتها. السيد الرئيس: أتقدم بالتهنئة لشخصكم الموقر وبلدكم الصديق لانتخابكم رئيسا للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ونحن على ثقة بأن ما تملكونه من خبرة واسعة في العمل الدولي سوف يمكنكم من إدارة أعمالها بكل حنكة واقتدار، حيث إن رؤيتكم القاضية بأن "الوحدة في التنوع، من أجل تعزيز السلام، والتنمية المستدامة، والكرامة الإنسانية للجميع في كل مكان"، لها أهمية بالغة وضرورة ملحة في عالمنا اليوم. كما أود كذلك أن أشيد بالجهود التي بذلها سلفكم السيد/ دنس فرانسيس، خلال رئاسته للدورة السابقة. وأثمن عاليا القيادة الحكيمة والمساعي البناءة لمعالي الأمين العام لهذه المنظمة العريقة والتي تجلت في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة.. مستندا في جهوده على إنفاذ الرسالة السامية للأمم المتحدة.. متمسكا بنصوص ميثاقها المرتكز على حفظ السلم والأمن الدوليين عبر رفع وتيرة الاستعدادات للخطوب الطارئة وفق آليات مبتكرة عمادها حقوق الإنسان وكرامته، ومحورها تعزيز العدالة والقانون الدولي. السيد الرئيس : إن الحفاظ على فاعلية هذه المنظمة وإنتاجيتها مسؤولية تقع على عاتق الدول الأعضاء والمجتمع الدولي في مواجهة كافة أشكال التحديات؛ ففي الأيام القليلة الماضية عقدت قمة المستقبل التي حاكت واقع حال عالمنا اليوم، وسلطت الضوء على تحديات جسيمة بحاجة إلى وقفة تأمل وإرادة جادة لإصلاح مؤسسات رئيسية، من أهمها مجلس الأمن والمؤسسات المالية العالمية.. وإن التاريخ مليء بمحطات انطلاق مختلفة، ولا نريد أن تكون قمة المستقبل هذه محطة عالمية لا تستثمر بالشكل الأمثل؛ فقد ثابر معالي الأمين العام مشكورا كي نقف ونتأمل في مسيرة عملنا المشترك في المجال المتعدد الأطراف. كما حرص على أن يجمع قادة الدول الأعضاء لنؤكد أن المخاطر تحدق بنا جميعا، ولا يوجد من هو بمنأى عن تبعات هذه المخاطر، فلا طريق أمامنا إلا من خلال التعاون والتعاضد نحو الأهداف المشتركة. السيد الرئيس : إن الحديث عن تجديد التضامن الدولي لا يصلح إلا بتوافر إرادة سياسية دولية جادة للإصلاح، خاصة في مجلس الأمن، وتحديث آليات العمل الدولي بما يقود إلى المواكبة المطلوبة لمواجهة ودرء أي خطر يهدد أمن عالمنا واستقراره.. وللأسف نرى أن هذه الإرادة ما زالت مفقودة، حيث لمسنا عن قرب أن وجود تلك الإرادة السياسية يتطلب مناخا تسوده الثقة والمشاركة الفاعلة، وما ذلك إلا من منطلق إيماننا بأن مجلس الأمن هو المسؤول الأول عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، ويجب أن يبنى العمل فيه على الديمقراطية في اتخاذ القرار، والتمثيل العادل للدول الأعضاء، فضلا عن أهمية أن يكون ذا تجاوب أكبر مع عالم اختلف كليا عما كان عليه في العام 1945، وصولا إلى مجلس أمن شامل.. شفاف.. كفء..فعال.. ديموقراطي.. خاضع للمساءلة. السيد الرئيس : إن وتيرة الابتكارات التكنولوجية والاستخدام الخاطئ للذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر خطاب الكراهية والتحريض والتجنيد الإرهابي وبث المعلومات الخاطئة والمضللة.. باتت تزعزع وتمس الأمن السيبراني، الأمر الذي يجب أن نعيره الاهتمام اللازم، فلقد راح ضحية هذا الاستخدام السلبي شباب في مقتبل أعمارهم، وكل ذلك يؤكد أن مكافحة هذه الآفات يتطلب تعاونا دوليا. وفي سبيل تحقيق تطلعات شعوبنا وآمالها وتأمين مستقبل مشرق لها، فإنه من غير الموضوعي أن نتطلع إلى هذا المستقبل دون أن تكون هناك محاسبة ومساءلة لكل من تعدى على نصوص ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فلن تتحقق العدالة والمساواة في ظل معايير مزدوجة، ولن يكون هناك مستقبل مشرق إلا عند يقين الجميع وتمسكهم بقيم ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. السيد الرئيس : نحتفي هذا العام بالذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أثبت خلال مسيرته المباركة عبر العقود الأربعة الماضية أنه ركيزة أساسية للاستقرار والازدهار في منطقتنا. وفي هذا السياق، يطيب لي أن أعرب عن تقديرنا العميق لدولة قطر الشقيقة؛ لما تقوم به خلال رئاستها الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من جهود مخلصة تسهم في تعزيز مسيرة دول المجلس على الصعيدين: الثنائي والمتعدد الأطراف. واليوم، ودولة الكويت على أعتاب تولي رئاسة المجلس الأعلى لمجلس التعاون في ديسمبر المقبل، فإننا نجدد التأكيد على عزمنا الراسخ لمواصلة هذه المسيرة المباركة؛ وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع المنظمات الإقليمية والدولية، وتحقيق الأهداف السامية التي نتطلع إليها جميعا، فقد كان مجلس التعاون وما يزال وسيظل - بإذن الله تعالى - صوت الحكمة والاعتدال ومنارة للحوار البناء في محيط يعج بالتحديات والتحولات المتسارعة. وتتطلع دولة الكويت إلى الفعاليات الإقليمية والدولية التي سوف تستضيفها دول مجلس التعاون مجددين التهنئة في هذا السياق للأشقاء في المملكة العربية السعودية بمناسبة فوزها باستضافة معرض إكسبو 2030، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، مؤكدين تسخير كافة إمكانيات دولة الكويت للمساهمة مع الأشقاء في المملكة لإنجاحهما. السيد الرئيس : إيمانا من دولة الكويت بمبدأ حسن الجوار، فقد حرصت ومنذ قرابة عقدين من الزمن على مساعدة جمهورية العراق الشقيق للنهوض بنفسه من خلال العمل الوثيق المتواصل الهادف لإعادته إلى وضعه ومكانته الإقليمية والدولية، بما يحقق آمال شعبه الشقيق وتطلعاته، حيث تدعو دولة الكويت جمهورية العراق الشقيق إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة حاسمة عاجلة لمعالجة كافة الملفات العالقة بين البلدين، وفي مقدمتها ترسيم الحدود البحرية لما بعد النقطة (162)، وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.. والانتهاء من ملف الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية، بما في ذلك الأرشيف الوطني، في نطاق المتابعة الأممية ومجلس الأمن تحديدا. كما نحث الأشقاء في جمهورية العراق على الالتزام بالاتفاقيات الثنائية ذات الصلة بالجانب الأمني والفني للممر الملاحي في خور عبدالله، وهي الاتفاقيات التي من شأنها تعزيز مفهوم الحفاظ على البيئة، وتنظيم الملاحة ومحاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة للسلاح والمخدرات والبشر .. مؤكدين أهمية الحوار واستمراره، تأسيسا لعلاقات واعدة ومستقبل مشرق مبني على التفاهم والاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين. السيد الرئيس : بممارسات لا يقبلها دين، ولا يقرها قانون، ولا تتفق مع الفطرة الإنسانية السوية، يشهد العالم كله تصاعدا خطيرا للعمليات العسكرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وباقي الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس والضفة الغربية، وما يتعرضون إليه من عقاب جماعي واستهداف المدنيين العزل بغارات جوية متواصلة، أدت إلى قتل عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء أطفالا ونساء ورجالا فاق عددهم الـ41 ألف شهيد، وإمعان القوة القائمة بالاحتلال في استهداف مقار المنظمات الدولية والبنى التحتية ومرافق سبل الحياة، واستمرارها للتهجير القسري لسكان القطاع. وإن السلام في منطقتنا لن يتحقق ولن ننعم به إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها (القدس الشرقية)، على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.. وفي هذا الصدد، ترحب دولة الكويت بالاعتراف بدولة فلسطين من قبل العديد من الدول خلال الأشهر الماضية، وتدعو الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة. وستظل دولة الكويت مساندة للحق الفلسطيني داعمة لشعبه، وقد تشرفت بتقديم مرافعة خطية وشفهية أمام محكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية الناشئة عن انتهاكات القوة القائمة بالاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة.. كما تشرفت دولة الكويت رفقة المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وجمهورية سلوفينيا الصديقة ومائة وعشرين دولة أخرى أعضاء في الأمم المتحدة بالتوقيع على وثيقة "الالتزامات المشتركة" لدعم وكالة الأونروا، حيث إن ما طال هذه الوكالة ما هو إلا تأكيد الجانب الآخر لغياب أي رغبة جادة في الوصول إلى السلام الحقيقي. وإن ما يشهده السودان الشقيق من أحداث مؤسفة جراء الاشتباكات المسلحة لهو مدعاة للقلق البالغ، داعين إلى ضرورة الوقف الفوري للقتال واللجوء إلى منطق الحوار والعودة إلى المسار السياسي السلمي؛ بما يحفظ أمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه، معربين عن الدعم لكافة المبادرات الإقليمية والدولية الجارية؛ بما يقود إلى حل سياسي يكفل إنهاء الأزمة، وتوفير الحماية المطلوبة للمدنيين، تسهيلا لوصول المساعدات الإنسانية، مؤكدين أهمية احترام سيادة السودان وسلامة أراضيه. وحول الأوضاع في اليمن الشقيق، فإن دولة الكويت تجدد دعمها للجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة عبر المبعوث الخاص للأمين العام لليمن، من أجل استئناف العملية السياسية والوصول إلى تسوية شاملة وفق المرجعيات الثلاثة المتفق عليها، صونا لأمن واستقرار اليمن ووحدة أراضيه. كما نشيد بالجهود التي تبذلها كل من المملكة العربية السعودية الشقيقة وسلطنة عمان الشقيقة لإحياء العملية السياسية بهدف تحقيق حل شامل مستدام في اليمن.. معربين عن قلقنا إزاء تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر، مؤكدين احترام حق الملاحة البحرية وفقا لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982. وفيما يتصل بالأوضاع في سوريا، تؤكد دولة الكويت ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي وبملكية سورية خالصة، وبما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2254، ويحقق تطلعات شعبها الشقيق إلى الأمن والاستقرار، وكذلك الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وفيما يتعلق بالشأن اللبناني، فإن دولة الكويت تدين وبأشد العبارات الغارات الجوية والعمليات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الجمهورية اللبنانية الشقيقة، والتي أودت بأرواح المئات من المدنيين الذين لا ذنب لهم من هذا التصعيد الخطير للعدوان الإسرائيلي الذي تتسع رقعته يوما بعد يوم، في انتهاك صارخ لكافة الأعراف والقوانين الدولية بما فيها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهو الأمر الذي دائما ما كنا نحذر منه ومن عواقبه على دول الجوار والمنطقة. كما نعرب عن إدانتنا للانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال لإسرائيلي للسيادة اللبنانية ومحاولة جره للصراع القائم بالمنطقة، وتجاهله للإرادة والمناشدات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، داعين في الوقت ذاته إلى أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701. وإننا نتابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة في دولة ليبيا الشقيقة، داعين إلى تغليب الحكمة وصوت العقل، واللجوء إلى الحوار السياسي لحل الخلافات، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يحفظ أمنها واستقرارها وسيادتها، ويحقق تطلعات شعبها بالتنمية والازدهار. وعلى الصعيد الإقليمي وترسيخا لقواعد حسن الجوار الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، فإننا نجدد الدعوة للجمهورية الإسلامية الإيرانية لاتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة للبدء في حوار مبني على احترام الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. السيد الرئيس : لقد عمدت دولة الكويت من خلال "رؤية الكويت 2035" المستندة في عدد من آلياتها على مواكبة ومتابعة كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية الدولية، وما يرتبط بها من تطورات ومؤثرات بهدف إيجاد أواصر الربط والجذب والتنبؤ بالفرص المتاحة، لتحويل دولة الكويت إلى مركز مالي تجاري ثقافي متفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، وبصورة تكون معها السياسة الخارجية حاضرة في هذه العملية التنموية الموسعة وفق دبلوماسية مستندة على الرقمنة، لنقل العمل الدبلوماسي من الأطر التقليدية إلى صناعة تتفاعل على نحو متواصل مع المعطيات والواقع الدولي، وفق عمليات ترتكز على عنصر المبادرة النابع من إرث إغاثي وإنساني جبل عليه الآباء والأجداد. وفي الختام،،، لا يسعني إلا أن أجدد تمسك دولة الكويت بالنظام الدولي المتعدد الأطراف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها، وبما يكفل تطوير الحوكمة الدولية وتعزيزها؛ لضمان تحقيق رسالتها السامية في حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء، معربا - في هذا الصدد - عن تطلع دولة الكويت للتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل تحقيق طموحات كافة الشعوب وآمالها في العيش بعالم مزدهر يسوده الأمن والأمان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". (النهاية) ف ا س / ط أ ب