"نازلة دار الأكابر" عن الطاهر حداد تحوز جائزة الأدب العربي بالفرنسية
الروائية التونسية الفائزة بالجائزة أميرة غنيم (صفحة الكاتبة - فيسبوك)
في كل عام ومنذ عام 2013 تقدم مؤسسة جان لوك لاغاردير بالاشتراك مع معهد العالم العربي في باريس (Fondation Jean-Luc Lagardère ; Institut du monde arabe) جائزة بقيمة 10 آلاف يورو للأدب العربي وللكتاب العرب عن أعمال نشرت بالفرنسية أو ترجمت إليها. وتظهر هذه الجائزة فريدة من نوعها ونادرة، كونها تهدف إلى تعزيز وجود الأدب العربي في المشهد الفرنكوفوني، وتعمل على تسليط الضوء على أفضل الأعمال الروائية العربية المترجمة إلى الفرنسية أو المكتوبة بالفرنسية والمنشورة عن دور نشر فرنكوفونية لكتاب عربيي الأصل.
وإذا عدنا إلى الأعمال التي نالت الجائزة في السنوات الـ11 السابقة وجدناها أسماء لامعة في الحقل الأدبي العربي، فقد نال الجائزة في السنة الأولى منها، أي عام 2013، اللبناني جبور الدويهي، عن رائعته "شريد المنازل"، ليختفي من بعدها الأدب اللبناني لمصلحة الأدب العراقي الذي فاز ثلاثة من كتابه بالجائزة وهم: إنعام كجه جي عن روايتها "طشاري" (2016)، وسنان أنطون عن روايته "وحدها شجرة الرمان" (2017)، وفراتي العاني عن روايته "أتذكر فلوجة" (2023). أما الأدب المصري فنال هذه الجائزة عبر فوز أدبائه في ثلاث دورات هي: محمد الفخراني عن روايته "فاصل للدهشة" (2014)، وعمر روبير هاملتون (مصري مولود في لندن) عن روايته "المدينة تفوز دائماً" (2018)، ومحمد عبدالنبي عن روايته "في غرفة العنكبوت" (2019).
أما من الأسماء اللافتة التي نالت هذه الجائزة فلا بد من ذكر السعودي محمد حسن علوان عن روايته "القندس" (2015) وجوخة الحارثي عن روايتها التي اشتهرت عالمياً "أجرام سماوية" - سيدات القمر - (2021). ومن الجدير ذكره أن عدداً من الروايات التي وصلت إلى القائمة القصيرة على مر السنوات في هذه الجائزة إنما هي روايات نالت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) أو بلغت قائمتها القصيرة، وهو ما يمنح المزيد من الأهمية والقيمة لهذه الجائزة العربية التي تمنح كل عام في أبوظبي منذ عام 2008، والتي تسهم كبير مساهمة في عملية ترجمة الأعمال الروائية العربية إلى لغات أجنبية ووصولها إلى قراء كثر في العالم.
روايات مترشحة
أما هذا العام فقد نالت الجائزة الكاتبة والباحثة المتخصصة في الأدب العربي التونسية أميرة غنيم عن روايتها "نازلة دار الأكابر". وتجدر الإشارة إلى أن غنيم هي التونسية الثانية التي تفوز بالجائزة من بعد يامن المناعي الذي نالها عام 2022 عن روايته "الهاوية الجميلة"، كما أنها المرأة الثالثة التي تنال الجائزة من بعد العراقية إنعام كجه جي والعمانية جوخة الحارثي.
وبالتوقف عند أسماء اللائحة القصيرة للجائزة التي شملت سبع روايات، نلاحظ الاختلاف والتنوع في جنسيات المترشحين بين تونس ولبنان وليبيا والجزائر وفلسطين، لنقع على روايات معروفة في العالم العربي، مثل رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" للكاتب الليبي الشاب محمد النعاس الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام 2022، وكذلك رواية "أخبار الرازي" للتونسي أيمن الدبوسي التي نالت شهرة واسعة في الأوساط الأدبية العربية، ورواية الجزائرية أميرة دامردجي "قريباً الأحياء"، ورواية اللبنانية الفرنكوفونية دومينيك إدة "قصر موال"، ورواية "يجب أن أعود مرة أخرى" للتونسية هالة مغنية، وأخيراً رواية الفلسطيني كريم قطان "عدن عند الفجر".
نوه أعضاء لجنة تحكيم الجائزة بغنى الرواية التونسية الفائزة لدى الإعلان عن النتيجة في معهد العالم العربي في باريس قبل أيام. وأعرب المدير التنفيذي المنتدب لمؤسسة جان لوك لاغاردير، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، بيار لوروي، عن سعادته بالرواية الفائزة التي وصفها بالكثيفة، وبأنها تمزج بين حبكة سردية متخيلة ووقائع تاريخية، لترسم بذلك صورة معقدة وغنية للمشهد التاريخي التونسي. وقد أشاد أعضاء لجنة التحكيم بأسلوب الكاتبة وسردها المتقن الذي سيلاقي صدى واسعاً وإيجابياً لدى القارئ الفرنكوفوني لا محالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"نازلة دار الأكابر" هي الرواية الثانية للروائية أميرة غنيم الحاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة سوسة في تونس. وقد نشرت غنيم كتباً وأبحاثاً في الترجمة واللسانيات بالعربية والإنجليزية وتحديداً في مسألة البحث الدلالي في إطار النظرية العرفانية، إلى جانب نشرها روايتين عدا عن روايتها الفائزة، هما "الملف الأصفر" التي صدرت عام 2019 والتي نالت عنها جائزة الشيخ راشد بن حمد عام 2020، ورواية "أرض ملتهبة" التي صدرت أخيراً (عام 2024).
وقد فازت رواية غنيم "نازلة دار الأكابر" مسبقاً بجائزة كومار الذهبية في تونس عام 2021 كما بلغت في العام نفسه القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر). وتتناول رواية أميرة غنيم تونس تاريخياً عبر شخصية المصلح التونسي الطاهر الحداد بطل السرد المتخيل الذي يمتد على ما يربو على الـ50 عاماً من تاريخ تونس ويتوقف عند بداية الثورة عام 2011. تدمج غنيم بين التاريخ والمتخيل على مدى قرن بكامله لتنقل صورة مدينة ومجتمع وعائلة عبر سرد قصة رجل ونساء وصراعات كثيرة. وطاهر بن علي بن بلقاسم الحداد (1899-1935) الذي اختارت غنيم أن يكون محور السرد، هو مفكر ومؤلف ونقابي ومنظر ومصلح تونسي، عمل لتطوير المجتمع التونسي في مطلع القرن الـ20، وخاض معارك بارزة من أجل حقوق العمال وتحرير المرأة ومنع تعدد الزوجات.