إسرائيل تبدأ تنفيذ المرحلة الأخيرة من عمليتها البرية في جنوب لبنان وشمالها يحتج
خلال جولة لوسائل الإعلام الأجنبية مع الجيش الإسرائيلي في بلدة المطلة على الحدود اللبنانية، 15 أكتوبر 2024 (أ ف ب)
باشر الجيش الإسرائيلي تنفيذ المرحلة الأخيرة من عمليته البرية في لبنان وإعادة انتشار الجنود على طول الحدود، بعد شهر من دخول خمسة ألوية عسكرية في العملية البرية "سهام الشمال". وبينما كشف عن تسريح آلاف الجنود من الاحتياط والنظام ومغادرة جنوب لبنان بعد أن أوضحت قيادة الجيش والقيادة الشمالية أن العملية البرية حققت معظم أهدافها، صعّد رؤساء بلدات الشمال وعائلات النازحين احتجاجاتهم، معتبرين أن قرار اقتراب انتهاء العملية البرية يُعدّ إخفاقاً كبيراً لن يضمن أمنهم وسيمنعهم من العودة إلى بيوتهم.
وبحسب تقرير إسرائيلي، فإن الجيش باشر التخطيط لإعادة نشر القوات على الحدود اللبنانية، على خلفية المحادثات في شأن وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية مع الحكومة اللبنانية بجهود الولايات المتحدة، ونقل التقرير عن مصادر في الجيش أن العملية البرية التي هي في مراحلها الأخيرة حققت إنجازات كبيرة، بينها الكشف عن كثير من البنى التحتية لـ"حزب الله" وعناصر قوة "الرضوان" في القرى الشيعية القريبة من الحدود، فوق الأرض وتحتها، وتحديد كميات كبيرة من الأسلحة وأسر مقاتلي "حزب الله" الذين يقدمون قدراً كبيراً من المعلومات الاستخباراتية التي ستساعد في المستقبل أيضاً".
قرار تسريح الجنود بعد أيام من تصريحات نتنياهو بأن الظروف غير ناضجة لوقف القتال والتوصل إلى تسوية أثار احتجاجاً وعمّق الخلافات بين المعسكرين السياسي والعسكري من جهة، ورؤساء بلدات الشمال والإسرائيليين النازحين منذ بداية الحرب قبل أكثر من سنة من جهة أخرى، بعد أن دخل عشرات آلاف الإسرائيليين منذ الثانية بعد منتصف ليل اليوم السبت إلى الملاجئ والغرف الآمنة عقب تعرض معظم بلدات الشمال للقصف وصولاً إلى حيفا وزخرون يعقوب وبنيامينا، جنوب حيفا، ونهاريا وعكا وطبريا وحتى إلى مركز إسرائيل. وشكل السبت يوماً استثنائياً في تحديات المسيّرات الإسرائيلية بعد أن ظهرت طائرات حربية عدة في مختلف الأجواء الإسرائيلية تلاحق مسيّرات في الأجواء الإسرائيلية من دون القدرة على إسقاطها، وقد سقطت مسيّرات على الهدف مباشرة، بينها مصنع "أخزيف" في نهاريا ويحوي مادة "الأمونيا"، إلى جانب قواعد عسكرية بينها قواعد تابعة لسلاح الجو ومنشآت استراتيجية وتدمير بنى تحتية.
لا تسوية قبل الحسم
نقاشات واحتجاجات متصاعدة أعقبت قرار تسريح الجنود الإسرائيليين من جنوب لبنان والإعلان عن المرحلة النهائية من العملية البرية، ويرى العقيد احتياط حنان شاي، وهو خبير في التخطيط الاستراتيجي العسكري والسياسي أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على حسم المعركة، ومن دون حسمها لا يمكن التوصل الى تسوية، فـ"التسوية في نهاية الحرب هي تحويل الإنجازات العسكرية إلى إنجاز سياسي من شأنه أن يعزز تحقيق الهدف السياسي للحرب، وحتى اليوم لا يمكن تحقيق ذلك تجاه لبنان، حيث الجيش الإسرائيلي المرهق لا يزال غير قادر على الحسم، هذا الجيش الذي فرض على إسرائيل حروب استنزاف طويلة في هذا القرن جعلها غير قادرة على ضبط نطاقها أو شدتها، والأهم عدم القدرة على التوصل إلى تسويات سياسية قوية تمنع تقوية العدو وتجعله غير قادر على التفوق العملياتي في القتال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول شاي إن أمام الجيش اليوم ثلاثة خيارات عملية ممكنة، الأول توحيد جميع الضربات التي يضعها داخل بنك أهدافه لردع "حزب الله" وتوجيهها بضربة واحدة كبيرة من شأنها أن تؤدي إلى هزيمته، بالتالي موافقته على وقف القتال بشروط إسرائيل.
الخيار الثاني، وفق شاي، هو الاستفادة من تشكيل قوات المناورة الكبيرة الذي تم تركيزه في القيادة الشمالية وقدرات سلاح الجو من أجل السيطرة على منطقة الليطاني بأكملها في أسرع وقت ممكن. أما الخيار الثالث، فهو استغلال الإنجاز الاستراتيجي وحتى الجيواستراتيجي المتمثل في تجريد إيران من قدراتها الدفاعية الجوية من أجل إقناعها بالعمل على تحقيق "تسوية" سريعة في لبنان.
أمل في اتفاق قريب
على عكس أجواء خيبة الأمل التي أثارتها تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد بحثه مسودة وقف النار مع لبنان مع منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك والمبعوث الأميركي أموس هوكشتاين لوقف قريب للنار في لبنان، أكدت واشنطن إحداث تقدم خلال الأيام المقبلة. وكشف مسؤول إسرائيلي مطلع عن أن واشنطن ستسلم لبنان وإسرائيل مسودتي اقتراح، الأولى تتطرق إلى الالتزام الأميركي بضمان حرية إسرائيل في العمل داخل لبنان حال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، والثانية تشمل تعديلات على المسودة التي ناقشها نتنياهو في تل أبيب وبينها تشكيل مجموعة دولية تعمل على حل أي خرق للاتفاق عند إبلاغها ضمن جدول زمني محدد، وفي حال لم تعمل على إنهاء الاختراق يكون لإسرائيل الحق في القيام بذلك، وتهدف تل أبيب إلى إتاحة حرية العمل لها في لبنان مستقبلاً كما تفعل في سوريا.
من جهة أخرى، وبعد أن دعم أكثر من 70 في المئة من الإسرائيليين عملية برية على لبنان حتى تحقيق أهدافها بتدمير القدرات العسكرية لـ"حزب الله" وتطهير البلدات اللبنانية على طول الحدود وما بعد الليطاني، كشفت استطلاعات الرأي عن تراجع دعم الإسرائيليين لموقف المستوى السياسي الداعي إلى استمرار العملية البرية، وأظهر استطلاع نشرته صحيفة "معاريف" أن 45 في المئة يدعون إلى التوصل لاتفاق ينهي الحرب في لبنان مقابل 33 في المئة يدعمون استمرار العملية البرية وبقاء الجيش في منطقة عازلة بلبنان، ولم يحسم 22 في المئة موقفهم.
تأهب بمواجهة ايران
تزامناً، تخطط إسرائيل لتوجيه ضربة استباقية ضد إيران، وحددت قائمة أهداف جديدة تستكمل فيها تدمير منشآت عسكرية واستراتيجية لم تشملها ضربتها الأخيرة، وهي أهداف بحسب مسؤول عسكري إسرائيلي ستكون مفاجئة في حجمها وخطورتها.
وعلى رغم التقارير التي تتحدث عن عدم وجود مؤشرات إيرانية للرد على الهجوم الإسرائيلي على رغم تهديدات إيران بذلك، فإن تل أبيب تعتبر أن الفرصة بعد هجومها لا تعوض في استكمال تدمير قدرات الهجوم والدفاع لدى إيران.
وجاء القرار الإسرائيلي في وقت كان قائد القوات الأميركية في المنطقة الوسطى مايكل كوريلا يبحث في تل أبيب سبل التعاون لمواجهة خطر الرد الإيراني على إسرائيل، وقد أبقت واشنطن منظومات "ثاد" لمواجهة الصواريخ الباليستية، كما استكمل سلاح الدفاع جاهزيته لأي رد إيراني مفاجئ.
وتستعد إسرائيل لهجوم إيراني بمئات المسيّرات والصواريخ الباليستية، إلى جانب احتمال تنفيذ العملية من العراق خلال الأيام المقبلة.