هل لا تبالي إيران فعلا بعودة ترمب؟
صحيفة إيرانية تصور ترمب معتقلاً بعد فوزه بالرئاسة الأميركية (أ ب)
بعد انتخاب دونالد ترمب مجدداً رئيساً للولايات المتحدة، أظهرت إيران لا مبالاة وأعلنت رسمياً أنها لا تتوقع أي تحول جوهري في السياسة الأميركية، خصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات المفروضة عليها أو حروب الشرق الأوسط.
ويعود ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) عام 2025 بعد أن هزم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية أول من أمس الثلاثاء، لكن في مرحلة بالغة الحساسية بالنسبة إلى طهران التي تلقى حلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط ضربات قاسية من إسرائيل التي تخوض حرباً ضدهم.
ويعيش الشرق الأوسط حال اضطراب بعد اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب الهجوم الدامي وغير المسبوق الذي شنته حركة "حماس" المدعومة من إيران على إسرائيل.
وامتدت هذه الحرب إلى لبنان، حيث تدور معارك بين إسرائيل و"حزب الله" حليف إيران التي شنت حتى الآن هجومين على إسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضيين، باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ.
خطر أكبر على إيران
وقال جون غازفينيان، مؤلف كتاب عن تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران "إن إيران تتبنى تقليدياً نهج الانتظار والترقب بعد انتخاب رئيس أميركي جديد".
وأضاف أن أسلوب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي هو مراقبة "الإجراءات الملموسة التي تتخذها الإدارة الجديدة (أو لا تتخذها) كمؤشر إلى نهجها تجاه إيران".
وخلال ولايته الأولى عام 2017، سعى ترمب إلى تطبيق استراتيجية "الضغوط القصوى" من خلال فرض عقوبات على إيران، مما أدى إلى ارتفاع التوتر بين الطرفين إلى مستويات جديدة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، اعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي العام التالي نقل السفارة الأميركية إلى هناك، واعترف كذلك بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في سوريا عام 1967 وضمتها في ما بعد.
وقال محلل السياسة الخارجية رحمن قهرمانبور إن "ترمب تجاوز بالفعل الخط الأحمر الذي كان موجوداً في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة".
وأضاف أنه بالنظر إلى التوترات الحالية في المنطقة وتاريخه في السياسة الخارجية، فإنه يشكل "خطراً أكبر" على مصالح إيران مقارنة بالديمقراطيين.
موقف ترمب
واعتبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمس الخميس أن فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة "لا يغيّر شيئاً" بالنسبة إلى طهران.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن بزشكيان قوله إن "أولويتنا هي تطوير علاقاتنا مع جيراننا والدول الإسلامية".
ورأت إيران الخميس أن فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية يشكل فرصة للولايات المتحدة "لمراجعة التوجهات غير الصائبة السابقة".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي في تصريحات نقلتها "إرنا"، "لدينا تجارب مريرة جداً مع السياسات والتوجهات السابقة للإدارات الأميركية المختلفة".
فعام 2018، انسحب ترمب بصورة أحادية من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران.
وعام 2020، قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية قرب مطار بغداد.
ويوم الثلاثاء الماضي، قال ترمب للصحافيين إنه "لا يتطلع إلى إلحاق الأذى بإيران"، وأضاف بعد أن أدلى بصوته في الانتخابات الرئاسية، "شروطي سهلة جداً. لا يمكنهم أن يمتلكوا سلاحاً نووياً. أود أن يكونوا دولة ناجحة جداً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المحادثات متوقفة
وتنفي إيران أي طموح لتطوير سلاح نووي، مشددة على أن أنشطتها سلمية تماماً، لكنها علقت تدريجاً امتثالها للقيود المفروضة على الأنشطة النووية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.
وأعرب بزشكيان الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) الماضي عن تأييده لإحياء هذا الاتفاق، داعياً إلى إنهاء عزلة بلاده.
والشهر الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، عبر سلطنة عمان، توقفت بسبب التوترات الإقليمية.
وأوضح غازفينيان أن "إنهاء عزلة إيران لن يكون ببساطة على جدول أعمال" ترمب، مضيفاً أن "من المرجح أن تسعى إدارة ترمب إلى اتخاذ خطوات استفزازية وتصعيدية تهدف إلى سحق إيران أو انهيارها".
حربا غزة ولبنان
ورجح الخبير السياسي فؤاد إزادي أن يبقى إنهاء الحرب في غزة ولبنان "بعيداً من الأولويات" بالنسبة إلى الولايات المتحدة، قائلاً "لا أعتقد بأنهم مهتمون بوقف إطلاق النار في أي وقت قريب".
وكانت إيران تدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، إذ صرّح بزشكيان الأحد الماضي بأن أي اتفاق محتمل "قد يؤثر في شدة" رد طهران على الضربات الإسرائيلية.
وفي الـ26 من أكتوبر الماضي، نفذت إسرائيل غارات جوية على مواقع عسكرية في إيران رداً على هجوم طهران في الشهر نفسه على إسرائيل، والذي كان في ذاته انتقاماً لمقتل قادة مدعومين من إيران وجنرال في الحرس الثوري.
وتعهدت طهران الرد على رغم تحذير إسرائيل من ذلك، وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قبل فوز ترمب إن "السياسات العامة للولايات المتحدة وإيران ثابتة".
وأمس، تنوعت عناوين الصحف الإيرانية، فوصفت صحيفة "كيهان" المحافظة الولايات المتحدة بأنها "الشيطان الأكبر، بغض النظر عن هوية الرئيس".
لكن الإصلاحي هام ميهان انتقد في افتتاحية له أولئك الذين يقولون إن الانتخابات الأميركية لا تحدث أي فرق، مردفاً أن الساسة في مختلف أنحاء العالم سيضطرون إلى "تحسين فهمهم لسياساته" و"استغلال هذا الوضع لفائدة مصالح بلدانهم الوطنية". وأضاف أن "إيران لا ينبغي أن تكون استثناء في هذا السياق".