اخبار العراق الان

عاجل

زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد

زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد
زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد

2024-11-10 15:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


دونالد ترمب ينفعل على أحد الصحافيين خلال مدة رئاسته الأولى (رويترز)

عاد دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، ومعه تعود المؤتمرات الصاخبة التي لا تخلو من المفارقات والمواقف غير المتوقعة، إذ اشتهر الرئيس المنتخب خلال فترة ولايته الأولى من مطلع 2017 إلى مستهل 2021 بمناوشاته الدائمة مع الصحافيين، حتى إن الأمر لم يقتصر على التوبيخ أو التجاهل أو السخرية اللاذعة، وإنما وصل أيضاً إلى الطرد، فهناك وسائل إعلام ومذيعون ومراسلون لا يرحب بهم الرئيس الجمهوري.

فإذا كان رئيس أكثر دولة بالعالم مناشدة بالديمقراطية وبحرية تداول المعلومات وبأهمية تواصل من يتولون مناصب عامة مع وسائل الإعلام بشفافية، لا يتردد في منع الإعلاميين من أداء أساسات مهنتهم التي تستند إلى مواثيق الأمم المتحدة، فكيف يمكن أن يكون الوضع مع سياسيين يوصفون بأنهم أقل ديمقراطية، أو كيف يكون الوضع مع مسؤولين أقل بكثير في رتبهم وحيثياتهم؟

من يتجاوز في حق من؟ هل طرد الصحافيين يأتي لأنهم لم يلتزموا المعايير وابتعدوا عن مسار وظيفتهم التي تختص بالتقصي والسؤال والمعرفة؟ أم أن فعل الطرد والإبعاد يأتي لأن مسؤولاً ما ضاق ذرعاً بسؤال محرج أو غير متوقع، فقرر أن يستعمل سلطته الأمنية وأن يطالب باستبعاد هذا المراسل أو ذاك، أو حرمانه من حضور فعاليات بعينها؟

تبدو الأكواد المهنية حاسمة هنا، لتشير إلى أنه ما دام أن الصحافي لم يرتكب أية جريمة وظل ملتزماً الآداب المهنية والعامة، فمن حقه أن يمارس عمله وفق الضوابط المعروفة ووفق مواثيق الشرف الصحافية، وأن أي تقييد على هذا الأداء هو اعتداء على المهنة، وعلى ممارسيها وعلى حق الجماهير في المعرفة.

عنف متبادل

على رغم ذلك لا تجري الأمور بهذه الطريقة، فالأهواء تتحكم وتسيطر، وهناك حالات شتى شاهدنا فيها إبعاد رجال ونساء من مهنة البحث عن الحقيقة على مرأى ومسمع من العالم لمجرد أنهم حاولوا الحصول على إجابات لأسئلتهم، وبدلاً من أن يتصرف المسؤول بدبلوماسية أو يجد مخرجاً للاستفهام المحرج أو الذي يمثل ورطة بالنسبة إليه، كأن يتدرب على الخروج من هذا المأزق مع متخصصين يعلمون الساسة مواجهة الإعلام، نجده يختار طريقاً يحمل سمات العنف يمارسه عن طريق رجال الأمن.

هناك حالات نادرة مارس فيها الصحافيون العنف أيضاً ولم ينتقوا الطريقة الأسلم للتعبير عن آرائهم المعارضة، وقد يكون أشهرها في هذا الصدد ما حدث عام 2007، حينما هاجم الصحافي العراقي منتظر الزيدي الرئيس الأميركي جورج بوش بالحذاء بينما كان الأخير يعقد مؤتمراً صحافياً بصحبة رئيس الوزراء العراقي آنذاك نور المالكي في بغداد، وبالطبع تحرك الحراس واعتدوا على الزيدي الذي تعرض بدوره لإصابات دامية ثم طرد فوراً من المؤتمر في واقعة تابعها العالم بدهشة.

لكن في المقابل هناك عشرات الحوادث التي شهدت طرد الصحافيين، وقد يكون من أبرزها بالفعل هو ما جرى بعد أن قال ترمب عبارته "اخرج من هنا" للصحافي جيم أكوستا كبير مراسلي شبكة "سي أن أن" في البيت الأبيض، إذ نفذ مساعدو الرئيس على الفور الأوامر واقتادوا أكوستا إلى الخارج ومنعوه من ممارسة عمله بل وصرخوا في وجهه، وفقاً لتصريحات تالية للصحافي حول الواقعة التي تعود لعام 2018 حينما عقد ترمب مؤتمراً صحافياً مع الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تفاصيل الواقعة أن مراسل الشبكة أصر حينها أن يطرح على الرئيس الأميركي سؤالاً يتعلق بمدى صحة التصريحات التي نسبت إليه وتتعلق بموقفه من المهاجرين وأن بلاده لم تعد ترحب بمهاجرين من دول الصراع والأزمات الاقتصادية مثل أفريقيا وأميركا اللاتينية، وأنه يفضل مهاجرين من النرويج، وحاول ترمب في البداية أن يمتص الغضب الذي انتابه ورد بصورة عابرة "أريد مهاجرين من كل مكان" إلا أن الصحافي ألح عليه ليعلق على ما ينسب إليه من معارضته للأشخاص الملونين.

كانت ولاية ترمب الأولى أيضاً شهدت منع عدد من وسائل الإعلام الأميركية الكبرى من تغطية الموجزات الصحافية التي يعقدها البيت الأبيض، وبينها "نيويورك تايمز" و"لوس أنجليس تايمز" و"سي أن أن"، وذلك اعتراضاً على طريقة التناول الإعلامي التي كانت تنتقد بشدة من إدارة ترمب وتوصف بأنها متحيزة ضد الرئيس.

الاستفزاز ليس جريمة

السكرتير العام لنقابة الصحافيين المصرية جمال عبدالرحيم يؤكد أن منع الصحافي من التغطية يمثل نوعاً من الطرد، بل يندرج تحت بند العنف ضد العاملين في الحقل الإعلامي، مشيراً إلى أنه حتى لو طرح الصحافي أسئلة يجدها المصدر مستفزة، فليس من حقه أن يقصيه، فهذه قاعدة لا خلاف عليها وتتفق عليها جميع الأكواد والأعراف المنظمة للمهنة، مردفاً "في حال استاء المصدر من إدارة النقاش عليه أن يلجأ لطرق قانونية في الاعتراض مثل الشكاوى للمؤسسات المعنية والنقابات".

ويرى عبدالرحيم أن الأمر يتكرر في مواضع عدة، إذ تمنع كثير من الهيئات الحكومية وبينها الوزارات في بلدان كثيرة صحافيين بعينهم من دخولها ومن حضور مؤتمراتها، لأن طريقتهم في التغطية غير موالية لهم ويعتبرونها معارضة، وهي بالطبع تصرفات غير قانونية وتحجر على حق الناس في المعرفة.

وشدد السكرتير العام لنقابة الصحافيين على أن هناك معايير وأكواداً متعددة لكنها واضحة، مفادها بأنه ما دام أنه لم يخرج الصحافي عن الآداب العامة أو قواعد المهنة فمن حقه أن يمارس واجبه المهني من دون تضييق لا سيما في المؤتمرات الصحافية المفتوحة للأسئلة من الأساس، ومهما بلغت حدة الاستفسارات والمواضيع المثارة للنقاش ليس من حق المصدر استبعاده. 

أكواد واضحة ولكن

في السياق نفسه تذكر مدرسة الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا سمر يسري أنه وفقاً لكل الأكواد والأعراف لا يجوز حرمان الصحافي من أداء عمله أو إهانته بأية وسيلة مثل الطرد، ومن حق الصحافي أن يتقدم بشكوى للمؤسسات المعنية إذا تعرض لأذى من هذا النوع، كما تلفت النظر إلى ضرورة التزامه أيضاً بقوانين النشر في المنطقة التي يعمل بها.

وأضافت "التغطية الإعلامية تخضع لسياسة كل مؤسسة في طريقة عرض المعلومات والبيانات وأسلوب ترتيب الأحداث بما يؤثر في مضمون الخبر الذي يختلف من صحافي إلى آخر وقد يعطى فهماً آخر للأحداث، وكذلك سياسة البلد الأمنية، إذ يحظر النشر في بعض القضايا والأحداث، وهنا يحق لبعض المصادر الرسمية الاعتذار عن الإدلاء بالبيانات لكن لا يحق لهم طرد الصحافيين أو إزعاجهم بطريقة تعامل غير ملائمة".

 

أخلاقيات ممارسة العمل الصحافي ترتبط عادة بالمسؤولية الاجتماعية لوسائل الاتصال ولصحافييها، ويعرفها الأميركي إليوت كوهين بأنها "أخلاق مهنية تتناول المشكلات المتصلة بسلوك الصحافيين والمحررين والمصورين وجميع من يعملون في إنتاج الأخبار وتوزيعها"، كما أنها متعلقة كذلك بالمواثيق المهنية التي يلتزم بها الصحافيون طوعاً وتؤثر بصورة إيجابية في نزاهة عملهم.

أما التشريعات الإعلامية فتكون ملزمة لجميع أطراف المنظومة سواء أكانوا صحافيين أم مؤسساتهم، وهي تعبر عن الإطار القانوني الذي يتحرك على أسسه، ومن المفترض أنه يضمن للصحافي حق ممارسة مهنته من دون قيود، ومنها ما هو محلي متعلق بدساتير الدول نفسها، وأخرى عامة مرتبطة بالقانون الدولي، وأبرز ما جاء فيها هو المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت، من دون تقيد بالحدود والجغرافية".

بايدن وترمب وبوتين

على رغم ذلك تتخطى هذه الأكواد من دون الاهتمام بإعلان تبريرات واضحة أو حتى شرح الثغرات التي تم النفاذ منها، واللافت أن هناك مجموعة معينة من زعماء السياسة ارتبط اسمهم بصورة خاصة بأزمات من هذه النوعية مع وسائل الإعلام وممثليها، فلم تخل حقبة جو بايدن من خلافات مع الصحافيين وتهديدات بالطرد، كذلك شهد العام الماضي رد فعل غريب له، إذ بدا مبتسماً وسعيداً حينما طرد رجل الأمن مجموعة من الصحافيين من مؤتمر جمعه مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، كما تجاهل أسئلتهم المتعلقة بالأزمات التي تشهدها الحدود الجنوبية للولايات المتحدة على خلفية تفاقم مشكلة الهجرة، لكن تبقت أزمات بايدن من هذا القبيل أقل بكثيرة من سلفه وخلفه دونالد ترمب، الذي يتكرر اسمه أيضاً في واقعة بارزة أخرى حدثت في صيف 2018 حينما طرد صحافي أميركي بالقوة من مؤتمر عقده مع الرئيس فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، عندما رفع الصحافي لافتة كتب عليها "حظر الأسلحة النووية"، وبعد أن طلب منه رجال الأمن التخلص منها رفض، فاقتادوه بالقوة إلى الخارج وسط ذهول زملائه.

كذلك تحدثت تقارير صحافية كثيرة عن حوادث مشابهة يحظر فيها صحافيون من وسائل إعلامية كبرى من تغطيات مؤتمرات بعينها في الدولة الروسية، وذلك على خلفية أسئلتهم المتعلقة باستفتاء القرم والحرب الأوكرانية، كما منع عدد منهم من تغطية جلسات البرلمان الروسي، كذلك كتبت الصحافية إيفا هارتوج عن كواليس حظرها وطردها من روسيا بعد ما لم تعد طريقتها في التغطية مرغوبة من الخارجية الروسية.

وتبدو أسباب مثل التعدي على ممتلكات الغير أو انتهاء التأشيرات، أو التعرض لأمن البلاد والتدخل في سياستها أو عدم الحصول على تصريحات قانونية، من الأكثر شيوعاً حينما ترغب الحكومات في منع إعلاميين بعينهم من تغطية ما يجري بها.

الزعماء لا يحبون المحتجين

ومن أبرز حوادث طرد الصحافيين أيضاً قيام رجال الأمن بإبعاد الصحافي التركي عادل ييجيت خلال مؤتمر بألمانيا جميع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الألمانية وقتها أنجيلا ميركل، خلال زيارة أردوغان لألمانيا، والسبب هو قيام الصحافي بارتداء قميص عليه شعار باللغة التركية يطالب بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين في تركيا، إذ كان عددهم يصل إلى مئات خلال 2018.

وتبدو سلوكيات الرئيس الفيليبيني السابق رودريجو دوتيرتي أكثر قسوة في التعامل مع الصحافيين، فبخلاف طرده بعنف لعدد من ممثلي وسائل الإعلام الدولية من لقاءاته الجماهيرية ووصفهم بأوصاف مهينة، فقد صرح بصورة واضحة أن بعض الإعلاميين الذين قتلوا في حوادث متفرقة ببلاده يستحقون الموت، وإبعاد الإعلاميين من التغطيات الرسمية حادثة متكررة في دول عدة وبينها الصين، نظراً إلى أن منهم من يطرح أسئلة تعتبرها الجهات الرسمية حساسة ولا يحق لهم الاستقصاء عنها، وبينها أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

 

ترى أستاذة الإعلام سمر يسري أن الصحافيين يحاولون عادة الحصول على آراء جميع الأطراف المعنية بالصراع أو القضية، مشيرة إلى أن الإخفاق في الوصول إلى مختلف المصادر المعنية بالخبر أو عدم رغبة بعض المصادر الرسمية في الإدلاء بأية معلومات يؤثر في مبدأ التوازن في التغطية، وهذا يحدث بخاصة في الدول التي يخضع فيها الإعلام لرقابة مؤسسات الدولة، مما يحول دون منح الصحافي خيارات عدة في تغطية مختلف القضايا بخاصة الأمنية.

تعددت الأسباب والطرد يتكرر

عربياً تتنوع وقائع طرد الصحافيين وإبعادهم أيضاً لأسباب متعددة، من بينها قيام الحكومة المغربية في سبتمبر (أيلول) 2023 بطرد اثنين من الصحافيين الفرنسيين، بسبب عدم حصولهما على تراخيص لتغطية الأحداث في البلاد لا سيما تلك المتعلقة بتداعيات الزلزال، وحينها علق المتحدث الرسمي باسم الحكومة بأنهما كانا دخلا المغرب بتأشيرة سياحة وليس من أجل مهمة صحافية، كما أنهما وفقاً لتصريحاته لم يطلباً تصريحاً قانونياً لمزاولة المهنة فقامت السلطات المتخصصة بترحيلهما.

لكن الوضع كان مختلفاً في مصر، إذ طردت مجموعة من الصحافيين المحليين قبل نحو خمس سنوات من محافظ الإسماعيلية حينها اللواء حمدي عثمان، من مؤتمر صحافي عقده بصحبة وزير القوى العاملة في ذلك الوقت محمد سعفان، وذلك على خلفية نشرهم مواضيع تنتقد بعض قراراته، ووقتها دانت نقابة الصحافيين هذا السلوك وطالبت بالتحقيق في الواقعة من رئاسة مجلس الوزراء، نظراً إلى أنه يعتبر خرقاً للدستور والقانون في البلاد.

وفي مصر أيضاً هناك واقعة باتت تتكرر وتتعلق بطرد ممثلي وسائل الإعلام الذين يقومون بتغطية الجنازات والعزاءات الخاصة بالمشاهير، بحجة اقتحام الخصوصية وعدم التحلي باللياقة في التعامل مع أهل الفقيد، ومحاولات الدخول بالقوة إلى المساجد أو المقابر خلال المراسم.

يؤكد سكرتير عام النقابة الصحافيين المصريين جمال عبدالرحيم أنه لامجال أبداً لمنع تغطية مثل هذه الأحداث، فتوثيق الجنازات أمر مهم ويعد نوعاً من الأرشيف الضروري، كما أنه يندرج تحت بند حق المعرفة للجمهور والشعب، مضيفاً أنه مع ذلك ينبغي الاحتكام للأكواد المهنية في هذا الصدد، واتباع المعايير والأخلاقيات، وبينها آداب دخول أماكن العبادة والمقابر وحرمة المتوفى، ومراعاة شعور عائلته وزملائه وعدم ملاحقتهم.

زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد
زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد
زعماء أساءوا لصحافيين وتلك أبرز وقائع الطرد