اخبار العراق الان

"إدجوير رود": خلطة لندنية من تنافر العرب وتناغمهم

"إدجوير رود": خلطة لندنية من تنافر العرب وتناغمهم

2024-11-10 15:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


  يشكل العرب في شارع "إدجوير" بقلب لندن مجتمعا متكاملا (غيتي)

حتى لو كانت روائح التفاحة تختلط مع القرفة والموز، وتسمح بتداخل البصل المحمر لزوم الكشري المصري وأساسات السودة اللبنانية والدولمة العراقية، وينتاب الزائر أو الماشي شعور بين حين وآخر أن ثمة تناقضاً أو تنافراً أو عدم اتساق مكتوم بين البنية التحتية والتركيبة السكانية، ويسيطر على المجال العام لون شرقي على رغم الجغرافية الغربية، وأجواء متفردة يحتار المتخصصون في تصنيفها تحت بند مجموعة قومية أم إثنية أم لغوية، فإن كل ما سبق يظل وصفاً غير مكتمل للشارع العربي الأبرز في العاصمة البريطانية.

"أرابيا الصغيرة" أو "عاصمة العرب" أو "شارعهم" أو "جزيرتهم" أو "جمهوريتهم"، وغيرها من التسميات، أكثر من مجرد روائح تبغ وطعام، وملامح ومظهر وأحاديث لا تنتمي بصلة لما يقبع عبر حدود الشارع الأشهر بين العرب في لندن "إدجوير رود".

شاورما وشيشة وسياسة

"إدجوير رود" الذي ينصح به لتناول الشاورما العربية بجنسياتها المختلفة لمحبي المذاقات الأصلية، وتدخين الشيشة العربية بمختلف نكهاتها على رغم الكم المذهل من التحذيرات الصحية والتنبيهات الطبية، وللحصول على معرفة "تيك أواي" للثقافة العربية حتى وإن بدت تضاربات السياسة وتنافرت مصالح كل دولة على حدة، فإنه يظل مرآة المنطقة الأكثر احتقاناً في العالم، المنطقة العربية.

شارع ادجوار الواقع بين ماريلبون وبازيووتر، وكلتاهما ذات حضور سكني وسياحي عربي بارز، لم يكن منذ بنائه شارعاً للعرب بل بدأ يجذب قاعدته العربية المتفردة أواخر القرن الـ 19.

عقود طويلة والشارع لسان حال المنطقة، حلوها ومرها، نجاحاتها وإخفاقاتها، ازدهاراتها وكذلك انكساراتها، وقبل الازدهارات والانكسارات كان بناء الشارع، وهو أحد أقدم الطرق في بريطانيا ويعود تاريخه للعصر الروماني، وكان الحجاج يستخدمونه في العصور الوسطى، ولذلك خضع لعمليات البناء في وقت باكر مقارنة بغيره من الشوارع.

في القرن الـ 18 استقرت فيه أعداد كبيرة من "الهوغونوت"، وهم جماعة دينية فرنسية كانوا أعضاء في الكنيسة الفرنسية الإصلاحية البروتستانتية خلال القرنين الـ 16 والـ 17، وبدأ الظهور العربي الأول خلال العقود الأخيرة من القرن الـ 19 تزامناً مع زيادة حركة التجارة بين الإمبراطورية العثمانية وبريطانيا، وعمل كثير من العرب الواقعة دولهم تحت الحكم (الاحتلال) العثماني في هذه التجارة.

ويرجح مؤرخون أن يعود جزء من الظهور العربي في بريطانيا، والذي بدا واضحاً بخاصة في شارع إدجوار في هذا الوقت، إلى الممارسات الوحشية التي كان يمارسها العثمانيون.

مصريون وعراقيون

ويعود الوجود العربي المعاصر لخمسينيات القرن الـ 20 عبر توافد أعداد من المصريين والعراقيين إلى بريطانيا، واستقر كثير منهم في هذا الشارع، ربما طلباً للعزوة أو بحثاً عن وجوه تشبههم وتقيهم شرور الحنين.

وظل التأريخ الموثق إلى حد ما، سواء من طريق الكتابات أو الأفلام الوثائقية المستقلة، من نصيب المهاجرين العرب الأوائل إلى بريطانيا من اليمن والمغرب ومصر والعراق، أما بقية الجنسيات، ولا سيما مع بزوغ عصر الهجرة واللجوء لأسباب تتعلق بالحروب والصراعات، فتبقى المعلومات الموثقة شحيحة وغير علمية إلى حد كبير.

ومضت ملامح الشارع تتجذر عربياً، لكن الطفرة الكبيرة حدثت بسبب الحرب الأهلية اللبنانية خلال السبعينيات، حيث شهدت بريطانيا توافد أعداد كبيرة من اللبنانيين الهاربين من أتون الحرب منذ منتصف السبعينيات، لكنها وصلت أوجها عام 1982 على وقع الغزو الإسرائيلي للبنان.

الحرب الأهلية اللبنانية

من عاش أو زار "إدجوير رود" خلال الثمانينيات يعرف أن اللبنانيين الهاربين من الحرب الأهلية والغزو الإسرائيلي حولوا مأساة الحرب واللجوء إلى قصص نجاح تجارية كبرى، وهذا التحول أعطى الشارع نكهة لبنانية أصيلة خلال هذه الأعوام، تراوحت بين المأكولات الشهيرة والمقاهي التي تقدم الشيشة وكذلك السهر الليلي والترفيه الغنائي في عدد من المطاعم التي أصبحت من العلامات البارزة في العاصمة البريطانية.

وظل "إدجوير رود" يحمل عبقاً لبنانياً واضحاً على مدى أعوام طويلة على رغم استمرار وجود الجنسيات العربية الأخرى، فطغت نكهة لبنانية محببة، سواء بفعل مذاق المطبخ اللبناني المحبب إلى كثيرين أو الثقافة اللبنانية التي لا تعرف اليأس أو الاستسلام حتى في أحلك الظروف، ولذلك يعرف كل من زار الشارع خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات المقصود باختلاط رائحة الحرب والصراع بأجواء الحياة وبهجة الطعام والترفيه، في تناغم يبدو متنافراً أو غير مفهوم لبعضهم.

حبيس التنافر

وكأن قدر الشارع هو أن يظل حبيس التنافر المتناغم، فانتهت الحرب الأهلية وعاد من عاد للبنان وبقي من بقي من عائلات امتزجت بالحياة في بريطانيا في مدنها وأحيائها الأخرى، ولم يعد الحضور اللبناني التجاري هو الطاغي في الشارع.

ظهور عربي مباغت آخر عايشه الشارع أوائل التسعينيات وظل على حاله على مدى نحو عقد ونصف العقد، وهو عمر الأحداث الدامية في العراق، بدءاً بغزو الكويت ومروراً بتحريرها ثم الغزو الأميركي عام 2003 وتفاقم الأوضاع فيه حتى عام 2011، وعلى مدى هذه الأعوام ظهر العراق في الشارع اللندني بصورة واضحة، ولم يقتصر ذلك على مطاعم وخدمات تجارية تحمل أسماء "أربيل" و"بغداد" و"المنصور" و"بابل" وغيرها، ولكن عبر الحضور العراقي الثقافي في المقاهي.

اللهجة العراقية

الأذن لا تخطئ اللهجة العراقية على مدى أعوام الصراع والغزو والاحتلال، وظل الحرص واجباً والحذر سائداً في مناقشات المقاهي، فالإرث الذي يحمله الجميع معه ظل طاغياً، وأحاديث السياسة، ومن يدعم من، ومن يعارض من، وآفاق مستقبل العراق جميعها كانت ولا تزال ملفات بالغة السخونة مما استوجب نقاشات أكثر سخونة، ولكن غارقة في الحذر مع جهد واضح في الإمساك بعصا الحديث السياسي الحزبي والإثني والعرقي من المنتصف، فإن مال يميناً قليلاً سارع المتحدث إلى تمييله جهة اليسار، وإن فلت منه يساراً أتبعه بنكتة طويلة عميقة تنسي الحضور في المقهى الحديث الأصلي.

ويشار إلى أن إحدى أبرز حقب الاحتقان في "إدجوير رود" كانت في أوائل التسعينيات على خلفية الغزو العراقي للكويت، فبدا وكأن العراقيين والكويتيين في لندن يقفون على طرفي نقيض.

غزو الكويت

وقع الغزو العراقي في أوج موسم السياحة العربية، ولا سيما الخليجية، الصيفية للعاصمة البريطانية، وهي السياحة التي ظلت لعقود تفضل التمركز في مناطق مثل إدجوير رود وساسكس غاردنز وبايزووتر وكوينز واي وغيرها من المناطق المجاورة، والتي تصادف أيضاً إنها مكان إقامة كثير من العرب الذين استقروا في لندن، وبينهم عراقيون، ولأسباب ما، ربما تبدو مفهومة، تحاشى العراقيون المقيمون أو البريطانيون الحضور في أماكن تركز الكويتيين، بما في ذلك "إدجوير رود"، فالمشاعر المحتقنة والغضب والخوف لم تترك مجالاً للتفكير المنطقي، وعدد معتبر من العراقيين الذين هاجروا أو لجأوا إلى لندن قبل عقود جاءوا إليها هرباً من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وسياساته وبطشه، لكن الغزو لم يترك مجالاً كبيراً للتهدئة، فلزم الحرص وتجنب المواجهات على كل الجبهات، بما في ذلك جبهات المقاهي في "إدجوير رود".

من بعلبك إلى دمشق مروراً ببغداد

مقاهي ومطاعم إدجوير رود المتغيرة من "أيام بعلبك" و"ليالي بيروت" إلى "عشتار" و"أربيل" و"منسف بغداد"، عرجت على "عروس دمشق" و"أنس الشام" ولكن على استحياء، فعلى رغم وصول ما لا يقل عن 17 ألف لاجئ سوري إلى بريطانيا على مدى أعوام الحرب، لكن هذا الحضور لم ينعكس بصورة كبيرة في "إدجوير رود" وغيره من مناطق التركز التجاري والسياحي الصاخب العربي، فاستقرت العائلات السورية في مناطق مختلفة، بعضها التزم البرنامج الحكومي لإعادة التوطين سواء في العاصمة أو خارجها، وبعض الشباب أو الرجال السوريين ربما أطل على "إدجوير رود" عبر العمل في محال الحلاقة أو الحلويات أو غيرها من الأنشطة التجارية المحدودة.

وللسودان نصيب

انتشار عربي آخر في أنحاء بريطانيا يترك بعض الانعكاسات في "إدجوير رود" كان من نصيب السودانيين، فالبريطانيون من أصول سودانية والقادمون الجدد من السودان لأسباب تتعلق بالأحداث المتواترة في البلاد على مدى النصف قرن الماضي، يشكلون إحدى أكبر الجاليات العربية في بريطانيا، وهي جالية لكن مكوناتها لا تنصهر في بوتقة أيديولوجيات وخلفيات وانتماءات متطابقة، بل بعضها شديد الاختلاف حتى لو كان الكل يتفق على جودة مأكولات "النيل الأزرق" ومشروبات "أم درمان".

وبعيداً من اختلاف المكونات يطل الحضور السوداني في "إدجوير رود" بصورة محدودة ولكن مؤثرة، فجزء منه يبدو واضحاً عبر أكشاك أو خدمات الصرافة وتغيير العملات في داخل المحال، إضافة إلى تردد بعض السودانيين على مقاهي الشارع لأغراض اجتماعية مثل التلاقي وتجاذب أطراف الأحاديث التي تطغى عليها مواضيع الثقافة والأدب حيناً، والسياسة والصراع أحياناً.

تداخل وتشابك وتناغم وتصارع الأحداث والحوادث العربية في شارع إدجوار يعطيه الجانب الأكبر من نكهته وتجربته المتفردة، فهو التداخل الذي تصعب رؤيته أو فهمه من قبل غير العرب، ويحتاج إلى خبرة عربية عميقة لفهم اللغة غير المنطوقة في الشارع.

اتفاق جنتلمان

تغير الشارع كثيراً خلال الأعوام القليلة الماضية، فبعد عقود من "اتفاق جنتلمان" غير المكتوب والذي ترك خلالها حبل القانون على غارب العادات العربية، أعيد قدر من الضبط مع حد أدنى من الربط لإعادة توصيل الحبل السري المقطوع بين "إدجوير رود" مملكة العرب، وجزيرتهم شبه المستقلة للبلد الأم بريطانيا.

عقود طويلة وبعض الصغار العرب يتركون لعب كرة القدم في شوارع جانبية أو طرقات بين الشقق السكنية، وبعض الكبار العرب يتبعون طرقاً وأساليب ثقافية وسلوكية يعتبرها آخرون محرجة أو غير لائقة.

أصوات عالية واحتلال حرم الرصيف من قبل أصحاب المحال بعرض البضائع ورص المقاعد والطاولات من دون ترخيص، كركرة غير محدودة وأدخنة غير محسوبة تصدر عن المقاهي التي تفخر بمكوناتها التبغية، قيادة سيارات شحنها أصحابها من بلدانهم لتصاحبهم أثناء أشهر الصيف، وما ينتج من ذلك من منافسات في القيادة أو إضافات لـ "الشكمانات" (كواتم أصوات السيارات) بغرض التفاخر وجذب الانتباه، وغيرها من الأنشطة التي كان بعضهم يقوم بها، لم تعد سمة الشارع إلا في أضيق الحدود.

يهود وعرب

قبل نحو عقدين حاول بعضهم أن يروج لنظرية قوامها أن سكان الشارع من البريطانيين، ولا سيما اليهود، كثفوا جهودهم لتطويق أنشطة العرب الصاخبة وبخاصة خلال موسم السياحة الصيفي، وكذلك لإخضاع الأسر العربية التي تقطن الشارع لاتباع أساليب يعتبرها بعضهم فوضوية في تربية الصغار، فقوبلت النظرية بالرفض والتأكيد أن جهود ضبط الشارع وإعادته لقبضة القانون الذي يطبق على الجميع لا علاقة لها بصراع المسلمين واليهود، بقدر علاقته بصراع ثقافي يسهل حسمه بالقانون.

وعلى نطاق صغير لكنه شهير، عرف الشارع أيضاً وجود بعض المظاهر أو الأنشطة التي تجذب بعضهم، ولا سيما من الرجال العرب الباحثين عن علاقات جنسية عابرة، وكذلك أنشطة مراهنات وقمار غالباً لا يسمح بها في بلدانهم.

وعلى رغم تقلص هذه الأنشطة بصورة واضحة، وفي الأقل على الملأ، فإن "خدمات مرافقة الكبار" المصحوبة بصور مثيرة لنساء جميلات وإعلانات "المساج" وغيرها من الخدمات الحسية، لا تزال موجودة.

رقمنة الخدمات الخاصة

من جهة أخرى أسهمت الثورة الرقمية، ومعها رقمنة مثل تلك الخدمات وإتاحة التشبيك بين العميل ومقدم الخدمة "أون لاين"، في إبقاء هذه المظاهر بعيدة من العلن المسبب للإزعاج أو الحرج أو كليهما، ومن ضمن متغيرات الشارع ضلوع العنصر النسائي العربي، ولو على استحياء، في بعض الأنشطة التي ظلت حكراً على الرجال.الطابع العربي المحافظ، ولا سيما في موسم السياحة الصيفي، كان يفرض قيوداً على النساء العربيات من الراغبات في تدخين الشيشة مثلاً، وهو ما بدأ يتزحزح قليلاً ولكن ببطء وعلى استحياء، ومن دون بطء أو استحياء أو حسابات سياسية منعكسة من أحوال المنطقة العربية، تفرض المطاعم الفارسية نفسها عنصراً فاعلاً ومطبخاً جاذباً للجميع في "إدجوير رود"، سواء الواقفين في صف إيران ووكلائها، أو المعارضين لها والمطالبين بتقليص وجودها، لتكون مكوناً رئيساً في مشهد الصراع الحالي، والقضية الفلسطينية في القلب منه.

غزة وفلسطين والحذر

وعلى غير ما قد يعتقده بعضهم فإن مشاهد التضامن مع غزة والتنديد بالحرب الإسرائيلية والمطالبة بتدخل المجتمع الدولي لنصرة فلسطين تكاد تكون غائبة تماماً عن "جزيرة العرب" باستثناءات بسيطة، فبين محل بقالة باكستاني يعمل فيه بعض العرب وكشك صرافة مطموس المعالم في داخل محل يبيع حقائب نسائية وبخوراً هندياً وتركيبات عشبية للقوة الجنسية، يطل علم فلسطين بحجم متناهي الصغر مع جزء من كوفية فلسطينية مربوطة على عمود إنارة.

أما الدعم المجلجل المطالب بعلو الصوت بـ "تحرير فلسطين" و"وقف العدوان الإسرائيلي" و"إيقاظ المجتمع الدولي"، فمكانه شوارع لندن الأخرى غير العربية، وربما "هايد بارك كورنر" صباح يوم الأحد.

وبين الخوف من الاتهام بمعاداة السامية أو الحذر من تأليب احتقانات عربية أو تقليب خلافات تاريخية، أو اعتبار الشارع مصدر أكل عيش لا ينبغي المغامرة به، يسود الشارع صمت سياسي واضح وحذر تعبيري جلي.

5
" style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">

     

    تفرد فوضوي

    الواضح في الشارع هو استمرار احتفاظه بجزء من تفرده الفوضوي، فأين يمكن أن توجد ثلاجة جيلاتي عربي مع منتجات التبغ والشيشة و"الفايب"، وركن مانيكير وباديكير، وأمامه ركن لقلي الفلافل وتجهيز الفول، وفي الداخل زاوية صغيرة لصلاة الجمعة والجماعة، وفي المقدمة طاولة تغيير عملة بأسعار هي الأفضل، شرط عدم توثيق التعاملات بفواتير رسمية إلا في "إدجوير رود".

    "دهان الركبة العجيب" و"صالون الأمراء" و "وداعاً لآلام المفاصل" و"صدقات لأخواتنا المتعففات"، لافتات عادية في الشارع، وجزء من استمرار وجودها هو أنها مكتوبة بالعربية التي لا يفهمها سوى أهلها، بعيداً من المؤسسات الطبية المنظمة والهيئات الرسمية الرقابية، ويمكن اعتبارها إصراراً من الشارع على الاحتفاظ بنكهة عربية متفردة، حتى وإن اتسمت بقدر غير قليل من الفوضى.

    فوضى أخرى من النوع الخلاق، أو هكذا يراها بعضهم، تكمن في "منظف النوافذ" البرونزي العملاق الواقف أمام محطة مترو أنفاق "إدجوير رود"، فمنذ وقوف الرجل العملاق البالغ طوله ثمانية أمتار وهو يحمل سلماً صغيراً وينظر إلى مبنى بواجهات زجاجية، ولسان حاله يقول "كيف سأنظف كل هذه النوافذ؟ فيما زائرو الشارع ورواد المحطة يقفون لحظة لتأمل التمثال الذي يبدو وكأنه واقع افتراضي، بسبب مكانه الغريب في مدخل المحطة ودقة نحته وملامح القلق والانزعاج على وجه صاحبه، والتي لا تخلو من إنسانية وحميمية.

    إنها الخلطة الفريدة من النظام والفوضى والانتصارات والانكسارات التي يحملها "إدجوير رود" على مدى العقود التي جعلت منه "شارع العرب" في لندن.







    واصل المتابعة على اندبندنت عربية