ترمب يربك خطط تصدير النفط الإيراني في 2025
استغرق الأمر من إيران 18 شهراً لإعادة بناء الشبكات التي تتجاوز نظام العقوبات (رويترز)
تتبخر آمال الحكومة الإيرانية في تصدير 1.85 مليون برميل من النفط الخام يومياً في ميزانية عام 2025 مع تسيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب البيت الأبيض من جديد في ولاية ثانية، وهو ما يدفع طهران صوب إعادة النظر حيال المعلن من الخطط الإنتاجية والتصديرية، حين خططت للعام المقبل تسجيل 250 ألف برميل أكثر من متوسط صادراتها من الخام في 2024، و550 ألف برميل أكثر من متوسط العام الماضي.
ولت تلك الأيام على ما يبدو، حين غلفت النشوة وجوه القائمين على قطاع النفط الإيراني إثر ارتفاع صادرات البلاد منذ رحيل ترمب وفوز جو بايدن قبل أربعة أعوام، من ما دون 500 ألف برميل في النصف الثاني من عام 2019 بسبب العقوبات الأميركية التي فرضها ترمب إلى 1.6 مليون برميل متوسطاً للصادرات منذ يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً لبيانات شركتي التحليل "كيبلر" و"فورتيكسا"، وإن كان الرقم الأخير يقل بنحو 600 ألف قبل عامين من العقوبات.
العقوبات الأميركية في 2018
في عام 2018، انسحب ترمب مما يعرف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" التي كانت تعنى بالحد من الأنشطة النووية لإيران، وفرض ما وصف بأنه استراتيجية "الضغط الأقصى" على أمل أن تتخلى إيران عن طموحاتها في مجال الأسلحة النووية، وتتوقف عن تمويل وتدريب ما تعدها الولايات المتحدة جماعات إرهابية، وتحسن سجلها في مجال حقوق الإنسان مما أدى إلى انخفاض سريع في صادرات النفط الإيرانية - من 2.5 مليون برميل يومياً إلى 350 ألف برميل فقط في غضون عامين، ونتيجة لذلك، انخفضت عائدات النفط الإيرانية في عام 2020 إلى أقل من عُشر مستوياتها في عام 2017.
كان الهدف المعلن لحملة الضغط القصوى التي شنها ترمب في عام 2018 هو دفع صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، من أكثر من مليوني برميل يومياً، وعلى رغم فشلها في نهاية المطاف في تحقيق ذلك، فإن خفض الصادرات إلى أقل من ربع مستويات ما قبل العقوبات لا يزال يشكل نجاحاً، لكن هناك اليوم من يشكك في فرص تكرار إدارة ترمب هذا النجاح في عام 2025.
شبكات تهريب النفط الإيراني
وبحسب تقرير لـ"أرغوس"، استغرق الأمر من إيران 18 شهراً لإعادة بناء الشبكات التي تتجاوز نظام العقوبات، وبالمثل، توصلت روسيا، الخاضعة لسقف أسعار أقل صرامة من مجموعة الدول السبع، إلى طرق لكسر طوق العقوبات، ويبدو أن مجموعة من العقوبات التي تركز على الناقلات الإيرانية التي فرضت في عهد بايدن منذ أواخر العام الماضي كان لها تأثير على أسعار التسليم إلى الصين، ومع ذلك استمرت صادرات إيران في الارتفاع.
صارت الصين، المشتري الأكبر للنفط الإيراني، اليوم أمام ضغوط على إمدادات الخام الإيراني الرخيص، والتي تشكل نحو 13 في المئة من واردات أكبر مشتر للنفط في العالم، بعدما استوردت ما يزيد على 1.5 مليون برميل يومياً في المتوسط من إيران خلال الأشهر الـ10 الأولى من هذا العام، وهو ما يمثل 94 في المئة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية.
ارتفاع كلفة التهريب
بحسب مذكرة لمحلل النفط والغاز التركي دالجا خاتين أوغلو، فإنه مع عودة ترمب، لا يُتوقع أن تتراجع صادرات النفط الإيرانية فجأة إلى مستويات عام 2020 (350 ألف برميل يومياً)، ومع ذلك، فإن نموها لن يستمر بالتأكيد، ومن المرجح أن يشهد انخفاضاً تدريجياً.
أدت قدرة إيران المتزايدة على تصدير مزيد من النفط إلى الصين بسبب ضعف تطبيق العقوبات الأميركية منذ عام 2021 إلى انخفاض الخصم الذي تقدمه للمصافي الصينية، من 13 دولاراً في عام 2023 إلى أقل من أربعة دولارات في الأشهر الأخيرة، ومع ذلك، فإن النهج الأميركي الأكثر صرامة في ظل الإدارة القادمة قد يدفع المصافي الصينية إلى خفض مشترياتها من النفط الإيراني والمطالبة بخصومات أكبر لمواصلة الشراء، بحسب ما يقول أوغلو.
ويلفت المتحدث إلى أن جميع صادرات النفط الإيرانية تقريباً إلى الصين يمرر عبر وسطاء في العراق وعمان، وخصوصاً ماليزيا، مما يكبد إيران كلفة كبيرة للتهرب من العقوبات، ومع استعداد ترمب لفرض تدابير أكثر صرامة، فمن المتوقع أن تزيد هذه الكلفة الوسيطة بشكل كبير.
خطط إيرانية لتأمين الصادرات
وعلى رغم التصريحات الإيرانية المتفائلة حول استعداد طهران لقيود أميركية محتملة على تصدير النفط بعد فوز ترمب، بحسب ما نقل الموقع الإلكتروني التابع لوزارة النفط الإيرانية (شانا) عن وزير النفط محسن باك نجاد قوله، إن طهران وضعت خططاً للحفاظ على استمرار إنتاج وتصدير الخام، فإن أوغلو يشكك بإضافة عامل ثالث يعزز الخسارة المتوقعة، إذ يشير إلى أن المشترين للنفط الإيراني في الصين هم في الغالب مصافٍ صغيرة مستقلة، وقد تقاوم الضغوط الأميركية لفترة من الوقت،
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن في نهاية المطاف، ونظراً للتجارة السنوية بين الصين والولايات المتحدة، التي تبلغ 575 مليار دولار، فمن غير المرجح أن تصمد بكين في وجه المطالبات بخفض كبير في وارداتها من النفط الإيراني.
فقدان محدود في الإنتاج
وتتوافق مذكرة "أرغوس" مع ما ذكره دالجا خاتين أوغلو من استبعاد سيناريو التراجع السريع في صادرات النفط الإيرانية، إذ تشير المنصة إلى أن المضي قدماً في فرض العقوبات، حتى مع تطبيقها بشكل أكثر صرامة، من شأنه في أفضل الأحوال أن يؤدي إلى خفض محدود، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن تجارة النفط الإيرانية اليوم ليست كما كانت في عام 2018.
وتضيف، "في عام 2018، ذهب نحو ثلاثة أرباع صادرات إيران البالغة مليوني برميل يومياً إلى المشترين في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ وتركيا والإمارات، وذهب الباقي إلى الصين، إلى مزيج من الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص، وبعد ذلك، ردع التهديد بالعقوبات الجميع تقريباً عن شراء الخام الإيراني باستثناء المصافي الصينية المستقلة، مما دفع صادرات طهران إلى أقل من 500 ألف برميل يومياً، ومنذ ذلك الحين، زادت الشركات الصينية المستقلة تدريجياً من مشترياتها من النفط الخام الإيراني المخفض السعر إلى الحد الذي جعلها تستحوذ مجتمعة على نحو 1.5 مليون برميل يومياً في الأشهر الأخيرة... علاوة على السرعة التي توسعت بها إيران أسطولها من ناقلات النفط في الأعوام الأخيرة".