اخبار العراق الان

عاجل

رصيد ترمب وحزبه في السعودية... هل لا يزال فعالا؟

رصيد ترمب وحزبه في السعودية... هل لا يزال فعالا؟
رصيد ترمب وحزبه في السعودية... هل لا يزال فعالا؟

2024-11-19 18:00:07 - المصدر: اندبندنت عربية


مجلة أميركية تدعو ترمب لزيارة السعودية ودعوة ولي عهدها إلى الولايات المتحدة (رويترز)

راهن كثيرون على أن ترمب الأول ليس هو الثاني، بالنظر إلى العديد من المنعطفات التي مر بها، منذ خسارته التجديد في البيت الأبيض 2021 حتى عودته التاريخية إليه هذا العام، مظفراً بموجة حمراء تمددت في أميركا مثل النار في الهشيم.

لكن أطيافاً واسعة من الخليجيين تأمل في ألا يكون من بين المتغير في الرجل صداقته القديمة معهم، وهي التي تتجاوز رئاسته أميركا إلى علاقات عميقة الجذور مع بلاده وحزبه، واستثمارات بمئات الملايين في بلدان المنظومة، ولا سيما في السعودية ذات الاقتصاد الأكبر في المنطقة كلها وعضو مجموعة العشرين، وأيضاً الإمارات وسلطنة عمان.

يأتي ذلك في حين تبرز تحديات قديمة ومتجددة في الإقليم والعالم، من الصعب توافق الرؤى الدولية حولها دائماً، مثل مقاربات إنهاء الحرب في أوكرانيا والصراع بين العرب وإسرائيل والتعامل مع النظام الإيراني، وذلك وسط تذبذب شهدته السياسة الأميركية نحو العديد من الملفات المحورية منذ الحرب على العراق 2003 مروراً بالعديد من المحطات، أشهرها "الربيع العربي"، وصفقة البرنامج النووي الإيراني، إلى الانسحاب من أفغانستان والفشل في إيقاف تدمير غزة وأجزاء من الضفة الغربية ولبنان، بعد هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي السياق تشير تقارير أميركية إلى أن ترمب جاء في وقت يمكنه من استثمار رصيده الجيد في الخليج، ولا سيما بعد إدارة سلفه بايدن الذي مهما تبدلت مقاربته بعد سنوات حكمه الأولى شديدة التوتر مع السعودية؛ فإن ضعف إدارته واستصحاب مواقفه السابقة جعلت وعوده محل تساؤل وتشكيك.

دعوة ولي العهد إلى واشنطن

وترى مجلة "إنترناشيونال إنترست" أن ثمة حماسة حقيقية لإدارة ترمب الثانية، بسبب آمال تجديده النهج المحافظ التي ميز فترته الرئاسية الأولى، مشيرة إلى أنه "ينبغي للإدارة الجديدة أن تغتنم الفرصة لإعادة ضبط العلاقة على أساس أكثر استقراراً من خلال دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعودة إلى واشنطن".

وأوضحت أن ترامب، خلال رئاسته الأولى، جعل المملكة محوراً لسياسته الشرق أوسطية، مع تعزيز التعاون الاستراتيجي في مواجهة التحديات الإقليمية. ورجحت أن "السعوديين يتذكرون فترة ترامب على أنها لحظة استثنائية أعادت الكرامة للعلاقة الثنائية"، مقارنة بإدارتي أوباما وبايدن، وأن التغيير الذي يقوده ولي العهد محلياً يمكن أن يشكل فرصة لاستعادة الزخم في العلاقات، خصوصاً في ملفات كالتطبيع مع إسرائيل ودفع السلام الإقليمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعادت المجلة جزءاً مما سمته "الشعور بالحنين" إلى الحزب الجمهوري من جانب السعوديين إلى اعتقادهم أنه "كان تاريخياً أكثر ودية تجاه المملكة"، وهو أمر تراه مثل العديد من الباحثين قابلاً للنقاش خصوصاً في عقود مضت، إلا أنها رأت أن الأهم اليوم هو وجود "حماسة ملموسة ومهمة للسياسة الأميركية في المنطقة... بغية وضع حد للسياسات الليبرالية التي تبناها معسكر بايدن-هاريس". وهي تشير تبعاً لذلك إلى أن هذا المناخ الإيجابي، من شأنه أن "يسمح لإدارة ترمب باستكشاف التعامل مع الرياض بشأن الأولويات العالمية بطريقة لم يكن من الممكن أن تحدث في عام 2017".

وضربت مثلاً على ضيق السعوديين حتى في المستوى الاجتماعي ذرعاً بالأفكار الليبرالية المتطرفة، بانتقاد المؤثرين في السوشيال ميديا باستمرار أفكار هذا التيار. ومن ذلك نشر المترجم عبدالله الخريف على "إكس"، ملخصاً بالعربية لمقال عن أفيري جاكسون، الذي أثار تحوله الجنسي لغطاً منذ 2017 عندما كان طفلاً.

دبلوماسية "المحطة الأولى"

وتقترح المجلة التي يكتب فيها خبراء في السياسة الخارجية الأميركية، أن أفضل طريقة يمكن بها ترجمة تلك الحماسة السعودية سياسياً، هو إعادة تكرار تجربة جعل السعودية محطة الرئيس الأولى مجدداً، "فقد أرسل ذلك حينها إشارة إلى أنه ينظر إلى العلاقة باعتبارها محوراً للسياسة الأميركية في العالم العربي"، لافتة إلى أنه من المحتمل أن يكون هذا "على جدول الأعمال مرة أخرى، بخاصة مع طرح ولي العهد لاحتمال التطبيع مع إسرائيل والترويج بنشاط لمحادثات السلام الإقليمية من أجل حل الدولتين".

وكان الرئيس المنتخب ظهر في مشهد استثنائي أخيراً مع ياسر الرميان محافظ الصندوق السيادي السعودي، يتبادلان الابتسامات، أثناء مشاهدة مباراة الملاكمة في نيويورك، مما يعتقد أنه بداية مبكرة لنسج خيوط الود مع ترمب التي لم تنقطع أصلاً، بالطريقة التي يفهم، وهي لغة المال والصفقات.

وتحاشى الزعيم الجمهوري حتى وهو في حملته الانتخابية، الإشارة إلى السعودية بأي نقد عكس المعتاد.

مع ذلك يعتبر رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن السياسة الأميركية لم تعد مستقرة كما عهدناها من قبل، فنهج كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي يشكل "مأزقاً" بالنسبة للمنطقة، "مصدره تذبذب السياسة الأميركية وفقدان الحكمة، في مواقفها"، وذلك بغض النظر عن هوية الرئيس. وهكذا فإن ترمب في تقديره "سيكون مصدر قلق كبيراً لدول الخليج لتقلب مواقفه"، كما ستكون هاريس لو كانت الفائز.

من جهته يرى جوشوا يافي المحلل الأميركي ذو الخلفية الاستخباراتية، "من المهم للإدارة الجديدة أن تدرك أنها نجحت في بناء قدر هائل من رأس المال السياسي والاجتماعي في المملكة، وهو ما سيسمح لها باستكشاف مجموعة واسعة من القضايا التي تتجاوز عملية صنع السلام في الشرق الأوسط... وأن ترحب بقادة السعودية في واشنطن".

وتتمثل الخطوة الأولى كما يعتقد فهم وتقدير المخزون الواسع من الدعم الذي يوجد بين العديد من السعوديين للمحافظين الأميركيين، والحزب الجمهوري، والأجندة السياسية للرئيس ترمب.

لغة التعينات والتقارب السعودي مع إيران

لكن الوجه الآخر المناقض للتفاؤل الذي حملته الرؤية السابقة، هو ما أسفرت عنه تعيينات ترمب لفريق إدارته الجديد الذي تضمن أشخاصاً لا يتصف بعضهم بالحد الأدنى من الكفاءة أو الوسطية في التعامل مع الملفات المعقدة في المنطقة، ولهذا يعتقد كتاب عرب مثل المفكر اللبناني رضوان السيد أن تشديد القمة المشتركة التي دعت إليها السعودية في الرياض أخيراً، استهدف وضع الخطوط أمام الإدارة الأميركية الجديدة، ترفع سقف المطالب وتحدد موقف السعودية والإقليم من الملفات المفتوحة.

ويخشى المراقبون أن ينقلب التفاهم الخليجي مع ترمب إلى سلسلة من التحديات، بعد اندفاع حكومة نتنياهو نحو تصفية القضية الفلسطينية تحت عناوين عدة، والخشية من مسايرتها من جانب الرئيس المنتخب الذي عين مايك هاكابي سفيراً لواشنطن في تل أبيب، وهو المعروف بمواقفه المتشددة، المتسقة مع أقصى اليمين الإسرائيلي. 

في السياق نفسه يأتي ستيف ويتكوف، وهو رجل أعمال ومستثمر عقاري يهودي، عينه ترمب مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط، إذ كان من أبرز داعميه في حملاته السياسية، ولا سيما في جمع التبرعات لحملته من متبرعين يهود مؤيدين لإسرائيل. 

وعلى الرغم من أن ويتكوف ليس لديه خبرة رسمية في الدبلوماسية أو شؤون الشرق الأوسط، إلا أنه كان مدافعًا قويًا عن السياسات الموالية لإسرائيل، وحضر عدة مناسبات سياسية بارزة، بما في ذلك خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، وهكذا فإن صداقته القديمة للرئيس المنتخب وولائه المستمر جعلته يحظى بالمنصب الحساس بالنسبة إلى المنطقة التي تشهد صراعاً مريراً.

وفي جانب الضغط على طهران، كان لافتاً أنه على رغم موقف دول الخليج الحاد ضد "النووي الإيراني" وسياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، إلا أن نهج السعودية الجديد ومنظومتها اختلف في التعاطي مع إيران بعد صفقة بكين في مارس (آذار) 2023، مما قد يشكل عقبة أمام سياسة الضغوط القصوى الأميركية ويكبح جماح الحرب، التي يقال إن تل أبيب تدفع بها، في خطوة أقرب ما يعبر عنها إدانة الرياض ضرب إسرائيل منشآت إيرانية في تلك القمة.

ورأت صحيفة إيران الرسمية أن تلك التصريحات التي وصفتها بـ"اللافتة" وزيارة رئيس أركان القوات المسلحة السعودي إلى طهران بالتزامن مع الظروف الحرجة في المنطقة، "تبعث برسائل مهمة في توقيت انتخاب دونالد ترمب"، الذي اعتبرت أن قادة السعودية ودول أخرى في المنطقة "يتوقعون أن يتبنى أسلوباً وسياسة مختلفة مقارنة بالجولة الأولى من رئاسته، الأمر الذي أدى إلى خلاف غير مثمر بين دول المنطقة"، بحسب قولها.

وفي ملف العلاقة مع الصين، وصفقة "أوبك+" مع روسيا، والاتفاقات الإبراهيمية، ثمة تحديات ليس من السهل إيجاد لغة مشتركة حولها بين ترمب وحلفائه الخليجيين، إلا أن ذلك لا يلغي فرص التعاون الواعدة، فقد يكون "الاتفاق الدفاعي" بين واشنطن والرياض أقرب من أي وقت مضى، وكذلك تشجيع الاستثمار، وأجواء الاستقرار التي يزدهر فيها.

رصيد ترمب وحزبه في السعودية... هل لا يزال فعالا؟