تعطيل أنظمة تتبع المواقع يكبد الشركات الإسرائيلية خسائر كبيرة
خسائر تجارية بسبب حجب أنظمة تتبع المواقع في إسرائيل (أ ف ب)
أصبح من المعتاد على سكان مناطق شمال إسرائيل أن يظهروا وكأنهم موجودون في مناطق أخرى في الدول العربية المجاورة على أنظمة تتبع المواقع كـ "GPS" الذي تعطله إسرائيل، وهو ما يتسبب بخسائر اقتصادية لآلاف الشركات التجارية التي تعتمد على تلك الأنظمة.
وتتعمد إسرائيل منذ أشهر التشويش على الأقمار الاصطناعية الخاصة بأنظمة تتبع المواقع، وذلك في محاولة منها لعرقلة وصول الصواريخ والمسيرات من "حزب الله" اللبناني وغيرها من الفصائل في العراق واليمن إلى أهدافها.
اتساع رقة التشويش
وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن تلك الفصائل تستخدم أنظمة التتبع لتحديد المواقع الحيوية التي تقصفها في داخل إسرائيل، لذا يلجأ الجيش الإسرائيلي منذ أشهر عدة، للتشويش على تلك الأنظمة في شمال إسرائيل الذي يتعرض للقصف من "حزب الله".
لكن نطاق التشويش اتسع ليشمل منطقة حيفا وشمالها، إضافة إلى مناطق وسط إسرائيل في بعض الأحيان.
وتسبب ذلك في عزوف الإسرائيليين عن استخدام أنظمة التتبع الجغرافي بعدما كانوا لا يستغنون عنها، بدءاً من تحديد أماكن لقاءاتهم الشخصية، ومروراً بطلبيات شراء البضائع والأطعمة، وانتهاء بالإعلانات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي.
حجب أنظمة التتبع الجغرافي يتسبب في عرقلة وصول مركبات الإسعاف إلى وجهاتها (أ ف ب)وتعتمد تلك الإعلانات التجارية على تحديد الموقع الجغرافي للفئات المستهدفة من الإعلان، وتتبع المواقع لإيصال البضائع إلى المشترين.
وأدى ذلك إلى إلحاق خسائر فادحة بالآلاف للشركات الإسرائيلية جراء توقف الترويج لها على شبكات التواصل الاجتماعي، التي يعتمد نشاطها على تلك الشبكات في عمليات الإعلان والبيع.
وخلال الأيام الماضية بحثت لجنة في الكنيست الإسرائيلي الخطوط العريضة للتعويض على المصالح التجارية التي تضررت خلال الحرب.
أضرار اقتصادية
ووفق البيانات الرسمية فإن أكثر من 170 ألف شركة في شمال إسرائيل تعرضت لأضرار اقتصادية بسبب تداعيات الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام.
واشتكى صاحب إحدى الشركات التي تتولى نشر الإعلانات التجارية على شبكات وسائل التواصل من التداعيات السلبية لتعطيل أنظمة التتبع الجغرافي على عمل شركته والشركات المماثلة.
وأوضح أنه بعد تصميم حملة إعلانية بكلفة بلغت آلاف الدولارات، والبدء بنشرها في شمال إسرائيل، "فوجئنا بظهورها في لبنان".
اتسع نطاق التشويش ليشمل منطقة حيفا وشمالها إضافة إلى مناطق وسط إسرائيل (اندبندنت عربية)وأقر الجيش الإسرائيلي بلجوئه إلى تعطيل أنظمة تتبع المواقع "لأغراض دفاعية ولقطع الطريق أمام الصواريخ والمسيرات من إيران أو وكلائها في المنطقة".
واشتكى أيمن سمارة مدير إحدى شركات الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي في حيفا، من عدم وصول الإعلانات المخصصة لشمال لإسرائيل إلى مستهدفيها، لكنها تصل إلى أهالي لبنان والأردن بسبب التشويش على أنظمة تتبع المواقع من قبل الجيش الإسرائيلي.
بيروت والأردن
وأشار لـ"اندبندنت عربية" إلى أنه على رغم وجوده في حيفا وإقامته فيها، فإن أنظمة تتبع المواقع "GBS" تظهر أنه موجود في العاصمة اللبنانية بيروت، مضيفاً أن ذلك يحصل معه منذ أشهر عدة.
وفي شرحه لآليات نشر الإعلانات على وسائل التواصل، قال سمارة، "هناك طريقتان لذلك، فإما وضع منطقة شمال إسرائيل كلها في خانة الموقع الجغرافي، وهو ما سيؤدي إلى ظهورها في العاصمة اللبنانية بيروت أو الأردن، بسبب التشويش على أنظمة تتبع المواقع، أو وضع اسم المدينة أو القرية المستهدفة، ومن ثم تصل إلى سكان تلك المدن والقرى، لكن هذه الطريقة تنجح إذا كانوا مسجلين على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم يعيشون فيها، فآلية عمل وسائل التوصل تعتمد على تحديد مواقع مستخدميها عبر أنظمة تتبع المواقع".
وبحسب سمارة، فإن تعطل أنظمة تتبع المواقع يؤدي إلى عدم وصول 25 في المئة من طلبات المشتريات إلى أصحابها، ومن ثم إهدار الوقت والمال.
فعمال التوصيلات أصبحوا وفق سمارة يلجأون إلى الوسائل التقليدية للوصول إلى أماكن عملائهم، وهو ما يؤدي إلى عدم وصول الشحنات إلى وجهتها النهائية في الوقت المناسب.
وأوضح أن نسبة المبيعات انخفضت خلال الأشهر الماضية بنحو 40 في المئة بسبب الحرب وتداعياتها.
وقال المتخصص في مجال المعلومات والنظم الجغرافية حسام خشان، إن تطبيقات الهواتف الذكية تعتمد في عملها على أنظمة تتبع المواقع مثل "GPS".
ولفت إلى أن حجب تلك الأنظمة سيؤثر سلباً على شركات النقل والتوصيل والمساحة.
وحول آلية تنفيذ التشويش على تلك الأنظمة أشار خسان إلى أن ذلك يتم عبر بث إشارات مزيفة تحاكي الإشارات الحقيقية لأنظمة تتبع المواقع، لكنها تكون أقوى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسباب أمنية وعسكرية
وبحسب خسان، فإن تحديد المواقع الجغرافية في شبكات التواصل تتيح الوصول إلى الأشخاص المستهدفين استناداً إلى مواقعهم.
وأضاف، أن عارضي الإعلانات على تلك الشبكات يمكنهم "الوصول ليس فقط إلى الأشخاص الذين يعيشون في موقع جغرافي معين، ولكن أيضاً إلى الأشخاص الذين كانوا في ذلك الموقع أو يسافرون إليه".
وتعمل أنظمة تتبع المواقع الجغرافي على إرسال الأقمار الاصطناعية إشارات مستمرة إلى مستقبلات في أجهزة متعددة حول العالم، مما يسمح بتحديد موقع المستخدم بدقة عند استقبال إشارات عدة في وقت متزامن من أكثر من قمر.
ومن أبرز أنظمة تتبع المواقع حول العالم، نظام "GPS" الأميركي، و"GLONASS" الروسي، إضافة إلى نظام "Galileo" الأوروبي، و"BeiDou" الصيني.
ويرى المتخصص في تطوير الأعمال والتنمية الاقتصادية هانس شقور أن تعطيل "نظام التموضع" في إسرائيل يعود لأسباب أمنية وعسكرية في محاولة للتأثير على بعض الرشقات الصاروخية والمسيرات التي تستخدم أنظمة التتبع للوصول إلى أهدافها.
لكن شقور أشار إلى أن ذلك أدى إلى عرقلة وصول الإسرائيليين إلى وجهاتهم خلال انتقالهم من منطقة إلى أخرى، وتسبب في "إهدار مزيد من الوقت والمال".
وبحسب شقور، فإن حجب أنظمة التتبع الجغرافي يتسبب في "عرقلة وصول مركبات الإسعاف إلى وجهاتها، وفي تأخير وصول طلبات البضائع لتأخذ أسابيع بعدما كانت تستغرق أياماً فقط".
واعتبر أن حجب تلك الأنظمة يؤدي إلى وصول الإعلانات التجارية على مواقع التواصل إلى غير الفئات المستهدفة بحسب المنطقة الجغرافية.
وتابع، أنه تصله إعلان تجارية تستهدف المقيمين في الأردن، وهو عكس المراد من الإعلان التجاري.