النفط الأذربيجاني لا يزال يتدفق إلى إسرائيل عبر تركيا
لا يوجد نفط في إسرائيل ولكن هناك سوائل من آبار الغاز في البحر الأبيض المتوسط تصنف على أنها مواد نفطية (أ ف ب)
إيران تحارب إسرائيل وعلاقة إيران بأذربيجان قوية، وأذربيجان ترسل النفط إلى إسرائيل التي تستخدمه في طائراتها لقصف المواقع الإيرانية في سوريا ولبنان، وقد ساعدت تركيا أذربيجان في حربها ضد أرمينيا، وتركيا أوقفت صادراتها لإسرائيل رسمياً، ولكن النفط الأذربيجاني لا يزال يذهب إلى إسرائيل عبر تركيا.
واردات النفط الإسرائيلية
وتاريخياً فإن معظم واردات إسرائيل من النفط الخام كانت تأتي من أذربيجان وكردستان من طريق تركيا وكازاخستان من طريق روسيا، ومع ظهور دول نفطية جديدة بدأت إسرائيل بالاستيراد منها مثل الكونغو والبرازيل، وبعد توقف الضخ في أنبوب النفط الممتد من شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي في مارس (آذار) 2023، انخفضت الواردات من طريق تركيا، واضطرت إسرائيل إلى استيراد النفط من دول أخرى مثل الغابون ونيجيريا.
وقد بلغ متوسط واردات إسرائيل من النفط الخام 265 ألف برميل يومياً عام 2023 بحسب بيانات شركة "كبلر"، وهي شركة عالمية متخصصة بتتبع حركة السفن، وجاء 87 ألف برميل يومياً من أذربيجان من طريق تركيا، و79 ألف برميل يومياً من كازاخستان من طريق روسيا، أما الباقي فجاء من الغابون ونيجيريا والبرازيل والولايات المتحدة.
ومع تدهور الوضع الاقتصادي داخل إسرائيل بسبب الحرب في غزة، انخفضت واردات النفط عام 2024 بمقدار 66 ألف برميل يومياً، أي 25 في المئة، إلى متوسط مقداره 199 ألف برميل يومياً، ونتج من ذلك انخفاض واردات النفط من أذربيجان وكازاخستان بأكثر من 17 في المئة، إلا أن حصة الولايات المتحدة ارتفعت قليلاً.
وتستورد إسرائيل كميات قليلة من البنزين يأتي معظمها من أوروبا، بخاصة من اليونان، أما الديزل فيأتي معظمه من الهند، إلا أن الطلب عليه انخفض بصورة كبيرة خلال العام الحالي، وأما وقود الطائرات فيأتي معظمه من الولايات المتحدة.
وباختصار فإن المنتجات النفطية في إسرائيل يأتي معظمها من نفط مستورد من أذربيجان وكازاخستان ويكرّر في مصفاتين داخل إسرائيل، وما بقي من حاجات إسرائيل من بنزين فتأتي من أوروبا، والديزل يأتيها من الهند ووقود طائراتها يأتي من الولايات المتحدة.
صادرات النفط الإسرائيلية
ولا يوجد نفط في إسرائيل ولكن هناك سوائل من آبار الغاز في البحر الأبيض المتوسط تصنف على أنها مواد نفطية، كما أن إسرائيل تعيد تصدير بعض المواد التي تستوردها أو تقوم بتكرير النفط المستورد وتبيع المنتجات النفطية، وقد بدأت صادرات النفط الإسرائيلية بالارتفاع منذ عام 2015 ووصلت إلى أعلى مستوى لها تاريخياً عام 2023 حين وصلت إلى متوسط مقداره 126 ألف برميل يومياً، بحسب تقديرات شركة "كبلر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الصادرات انخفضت بصورة كبيرة خلال العام الحالي بسبب حرب غزة التي نتج منها توقف المصافي أو توقف الشحن، إضافة إلى ارتفاع كلف التأمين بصورة كبيرة مما أدى إلى عزوف المشترين عن شراء المنتجات النفطية الإسرائيلية.
وتصدر إسرائيل البنزين بكميات قليلة إلا أنه ليس لها عميل محدد، إذ يتغير العملاء باستمرار، ومعظم البنزين خلال العام الحالي والماضي ذهب إلى الولايات المتحدة، إلا أن جزءاً منه يذهب إلى تركيا من حين لآخر، كما تصدر نحو 30 ألف برميل يومياً من الديزل تذهب غالبيته إلى تركيا، إلا أن الصادرات انخفضت إلى الثلث خلال العام الحالي ومعظمها ذهب إلى تركيا.
وتعتبر صادرات إسرائيل من وقود الطائرات نادرة وضئيلة، وعلى رغم قلتها لكنها تضاعفت ثلاث مرات خلال العام الحالي عن مستواها في العام الماضي، ربما بسبب ضعف حركة الطيران المدني نتيجة الحرب في غزة ولبنان، وهذه الصادرات الضئيلة ذهبت إلى بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وقبرص.
إسرائيل وتركيا
في بداية شهر مايو (أيار) الماضي أعلنت تركيا أنها أوقفت علاقاتها التجارية مع إسرائيل بعد أن كانت صادرات تركيا لإسرائيل بالمليارات خلال الأعوام السابقة، ومنذ بداية الحرب في غزة احتج كثيرون على تركيا لأنها ترسل النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل، وكانت حجة الحكومة أن تركيا لا علاقة لها بالموضوع، ولكن في النهاية أعلنت أنها أوقفت إرسال النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل، لكن بيانات الشحن توضح أن صادرات النفط الأذربيجاني من تركيا مستمرة، إذ توضح بيانات شركة "كبلر" أن إسرائيل استوردت 225 ألف برميل من النفط الخام خلال الشهر الماضي، منها 120 ألف برميل يومياً من أذربيجان عبر تركيا، كما تشير البيانات إلى أن هناك شحنات متجهة حالياً من تركيا إلى إسرائيل، والسؤال هنا: هل تستطيع تركيا وقف شحنات النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل؟
رسمياً تستطيع ولكن فعلياً لا تستطيع، ودليل ذلك هو تدفق النفط الروسي والإيراني إلى الأسواق العالمية على رغم العقوبات الأميركية والأوروبية ووجود أساطيل هذه الدول حول العالم، ويمكن لتركيا أن توقف نقل النفط في الأنبوب المار بها تماماً كما فعلت مع أنبوب النفط العراقي من شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي، وفي هذه الحال ستضطر إسرائيل إلى البحث عن دول أخرى لإمدادها بالنفط الخام، إلا أن وقف مرور النفط في الأنبوب سيؤدي إلى مشكلات دبلوماسية وقانونية ومالية مع أذربيجان، فهناك اتفاق يحكم الأنبوب وإذا أوقفت تركيا مرور النفط فيه فعليها تعويض أذربيجان.
مشكلة تركيا ليست صادرات النفط لإسرائيل لأنها يمكن أن تثبت أن النفط يذهب إلى إسرائيل بصورة غير مباشرة، تماماً كما يحصل مع وصول النفط الإيراني إلى الصين، ولكن في استيراد المواد النفطية من إسرائيل فإن تركيا تستطيع التحكم بالواردات بالكامل ولكنها لا تستطيع التحكم بالصادرات، وبمجرد خروج حاملة النفط من ميناء جيهان فيمكن للسفينة أن تتجه إلى أي مكان، بما في ذلك إسرائيل.