قراءة عراقية للواقع السوري والخطاب المدني لـ"الجولاني"
بغداد اليوم - بغداد
اكد الخبير في الجماعات المتطرفة صادق علي عبدالله، اليوم السبت (7 كانون الأول 2024)، بان الجولاني سيقتله حلفائه في مرحلة ما، وما يقوم به من تغيير لخطابه لن يمسح تاريخه الدموي.
وقال عبدالله في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "اول لقاء مع رئيس هيئة تحرير الشام المصنفة على لائحة الارهاب الدولي يتم من قبل قناة امريكية"، مؤكدا ان "كل المؤشرات تدلل بانه تم الاعداد له بدقة من خلال ما يطرح من كلام وصولا الى النبرة المدنية ورسائل الطمانة اي اننا امام تسويق اعلامي خاصة بعد تأكيد دول كثيرة ومنها اوربية بان مايحدث في سوريا هجوم ارهابي وعلى دمشق التصدي له".
واضاف ان "التنظيمات المتطرفة في سوريا هي من تتصدر المشهد ومنها تحرير الشام واظهار الجولاني بمظهر المعارض السياسي لن يمسح تاريخه الدموي الممتدة لاكثر من 20 سنة في العراق وسوريا"، لافتا الى ان "الجولاني ما هو الا مرحلة محددة سيتم التخلص منه من قبل حلفائه ومن ثم اعطاء المهمة الى شخصيات اخرى يتم الاعداد لها منذ 6 سنوات".
واشار الى ان "الاجندة الموضوعة هي تقسيم سوريا الى 3 دويلات لتأمين الجولان وقطع طريق الامداد لمحور المقاومة في لبنان"، مؤكدا ان "اجندة دولية تنفذ حاليا والمشكلة الاكبر ليس في سقوط نظام الاسد بل في كيفية احتواء الفوضى بعد اقتحام السجون واطلاق سراح مئات من عتاة الارهاب".
هذا واكد أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية غازي فيصل، اليوم الجمعة (6 كانون الأول 2024)، حاجة الأزمة السورية العميقة الى حلول سياسية وليست عسكرية، فيما بين كيفية تلك الحلول.
وقال فيصل في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الطابع العسكري يغلب السياسي في المشهد السوري، خصوصا في حماة الآن حيث مسرح العمليات العسكرية للمواجهة المباشرة وأيضا حمص باتجاه دمشق والجنوب، مما يعني أن الفصائل المسلحة للمعارضة تتجه نحو تطبيق استراتيجية شاملة في سورية، لكن في نفس الوقت يبدو النظام السوري وحلفائه بصورة خاصة، روسيا وإيران، في حالة مواجهة لردع اجتياح المعارضة العسكري للمدن".
وبين انه "هنا لابد من التذكير، ان المقدمات الخاطئة للنظام السوري، هي التي أدت إلى هذه النتائج الكارثية، فمنذ استحواذ الحزب على السلطة عام 1963 وإقامة نظام شمولي للحزب الواحد والحزب القائد وعدم الذهاب للحوار الوطني مع مختلف القوميات والأديان والثقافات، ومعالجة مشكلة التنوع الاجتماعي والثقافي، وإيجاد حلول لمشكلة الديمقراطية، مما وضع النظام امام تاريخ من الازمات السياسية واستخدام العنف في مواجهة المعارضة الوطنية، وعدم التوصل إلى حلول سياسية واقتصادية جذرية لبناء ديمقراطية حقيقية، أي لبناء نظام تعددي على انقاض النظام الاستبدادي، وبما يضمن دستوريا ظهور تعددية سياسية واقتصادية واجتماعية توفر تحقيق المشاركة والتوزيع العادل للثروة".
وأضاف فيصل انه "بدلا من الذهاب لبناء الديمقراطية وضمان الحريات العامة والتنمية، تمسك النظام باحتكار الطائفة العلوية للسلطة وتكريس المنهج الوراثي، مما قوض فكرة وفلسفة الجمهورية بوصفها: حكم الشعب/ وتظهر هنا المقدمات الخاطئة خلال 60 عاما من النظام الشمولي الاستبدادي هي التي ساهمت بإنتاج الاضطرابات والصراعات الاجتماعية والسياسية، ونذكر هنا بمذبحة حماة في الثمانينات، والاحتجاجات الكبرى عام 2011 التي طالبت بالتغيير الديمقراطي وضمان حقوق الانسان والحريات، لكن النظام السوري جابه المعارضة عبر العنف والتصفيات والاعتقالات، ورفض الحلول السياسية والاعتراف بحق الشعب السوري في تقرير مصيره واختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
وتابع "إذاً لابد اليوم، ان يتبنى النظام السوري الذهاب إلى حلول السياسية للأزمة وليس تكريس النظام الشمولي عبر القوة العسكرية وانتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية، وغيرها من الانتهاكات التي أدينت من قبل المنظمات الدولية لحقوق الانسان والمجتمع الدولي، اذاً اما يتبنى النظام السوري الحل السياسي والحوار الجدي مع القوى السورية، مع الأحزاب والمفكرين والمثقفين كذلك الانفتاح على حوار مع الاحزاب الكردية ومع مختلف الأحزاب والتيارات الوطنية السورية، أو إذا استمر بمنهج استخدام القوة والعنف المسلح والاعتماد على جيوش الحلفاء ودعوة الفصائل المسلحة العراقية والحرس الثوري الإيراني لحماية النظام من الانهيار، مما يوفر بيئة للحروب المستدامة بين المعارضة الشعبية والسلطة".
واستدرك فيصل قائلا انه "من المؤكد ان الوجه الاخر للعنف والحرب في سوريا يتعلق بمصالح واهداف ايران التي تطمح لبناء شرق أوسط إسلامي شيعي والاستثمار في الثروات المعدنية والاقتصادية السورية، بجانب الاستراتيجية الروسية العسكرية للهيمنة على الشرق الأوسط عبر سورية ومن خلال الوجه الاخر للحرب على الغاز على الغاز السوري وعلى الاستثمارات العملاقة في سوريا ذات الطبيعة الاقتصادية والصناعية الزراعية حيث تهيمن موسكو على إنتاج التكنولوجية والثقافة والعلوم في سورية، كذلك إيران التي تهيمن على الاقتصاد السوري عبر المشاريع الاستراتيجية للفوسفات والصناعة المدنية والعسكرية والاستحواذ على الاستثمارات، بالنسبة لإيران تُعد سورية قلب الشرق الأوسط القادم الذي تريده إيران إسلامي وبالمقابل هناك القوى الدولية والإقليمية التي تذهب نحو شرق أوسط جديد اقتصادي".
وختم الباحث في الشؤون الاستراتيجية قوله إنه "من ابرز نماذج أنظمة الاستبداد في العالم هو التمسك بالسلطة السورية لأكثر من 63 عاماً واحتكار القذافي مع عائلته للسلطة 44 عاماً، ولقد هيمنت نماذج الاستبداد واحتكار السلطة في العالم العربي كما في الجزائر حتى اندلاع الحرب الدموية الداخلية، وفي السودان احتكر ضباط الاخوان المسلمين السلطة لـ 30 عاماً انتهت بثورة شعبية ثم بهيمنة الجيش والحرب الدموية مع قوات الدعم السريع، وكذلك في اليمن والعراق، لذا يفترض اليوم الانتقال من أنظمة الفوضى الى أنظمة دستورية توفر الانتقال من نماذج وثقافة الحزب الواحد والقائد الى أنظمة سياسية ديمقراطية تضمن حقوق الإنسان وحق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية وتكفل تحقيق الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويجب أن تعود في سوريا والبلدان العربية، السيادة إلى الشعب، فالشعب هو مصدر السلطة ومركز السيادة".