اخبار العراق الان

عاجل

الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية

الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية
الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية

2024-12-07 21:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


جنديان أردنيان في مهمة مراقبة على الحدود السورية (أ ب )

أغلقت السلطات الأردنية معبر جابر – نصيب الحدودي مع سوريا، تزامناً مع قيام القوات الأردنية المسلحة بتأمين الحدود، في أول رد فعل رسمي لعمان على اقتراب المعارك الدائرة في سوريا من أراضيها.

وفيما دعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين المقيمين والموجودين في سوريا إلى مغادرتها في أقرب وقت ممكن مع التطورات الأخيرة، فإن مراقبين يرون أن اقتراب المعارك في جنوب سوريا من الحدود الأردنية قد يزيد من التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه عمان، في حين يرى طرف آخر أن من شأن هذه الأحداث أن توقف خطر تهريب المخدرات والسلاح إلى حين.

وفي محاولة منها لتبديد المخاوف الأردنية، أصدرت الفصائل المعارضة في جنوب سوريا بياناً قالت فيه إن معاركها مع قوات الحكومة السورية في محافظة درعا تهدف إلى بناء دولة القانون والعدل والمساواة، وإنها تحترم دول الجوار وتلتزم المواثيق والأعراف الدولية وإنها تعمل على تأمين المناطق التي سيطرت عليها لإعادة اللاجئين والمهجرين إليها.

مخاوف أمنية ديموغرافية

ولسنوات مضت، تحديداً منذ عام 2015، تعامل الأردن مع أخطار أمنية عدة تمثلت في تهريب المخدرات والأسلحة ووجود ميليشيات مدعومة من إيران في الجنوب السوري بعد سيطرة النظام على المنطقة.

وبينما كان الأردن يأمل في حل جزئي لوجود اللاجئين السوريين على أراضيه عبر العودة الطوعية، تلوح اليوم بوادر لجوء أعداد إضافية، في حال تزايد العنف في سوريا، تحديداً في الجنوب، فضلاً عن التأثير في انسيابية التجارة بين عمان ودمشق وتوقف خطوط الإمداد بين البلدين.

 

تعامل الأردن مع أخطار أمنية على الحدود في الجنوب السوري (مواقع التواصل)

 

ويمثل معبر جابر- نصيب شرياناً اقتصادياً رئيساً للأردن لأنه يربط المملكة بأسواق سوريا ولبنان وتركيا وأوروبا الشرقية. ومنذ إعادة افتتاحه عام 2018، أسهم المعبر في تعزيز التجارة البينية. وتقول مصادر حكومية في حديثها إلى "اندبندنت عربية" إن الأردن اتبع منذ بداية الأزمة السورية سياسة متوازنة في تعامله مع الأحداث، وسعى إلى الحفاظ على استقرار حدوده مع عدم الدخول المباشر في الصراع واحتواء الأزمة ومنع تصدير تداعياتها إلى أراضيه.

وأضافت المصادر أنه "على رغم التوتر مع دمشق بسبب حرب تهريب المخدرات، ظل الأردن داعماً لحل سياسي شامل للأزمة السورية، بما يتماشى مع إعادة دمشق إلى الحضن العربي".

حذر وترقب

ويتوقع المحلل السياسي عامر الشوبكي أن تحدث أخطار كبيرة على الحدود الأردنية- السورية وفوضى تتطلب من السلطات الأردنية الحذر الشديد، بموازاة اتخاذ إجراءات أمنية وتأمينية احترازية.

لكنه يرى في الوقت ذاته أن الفصائل المسلحة أقل خطراً على الأردن من النظام السوري وأن وجودها على الحدود المشتركة سيؤدي إلى توقف تهريب المخدرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما يؤكد وزير الإعلام السابق سميح المعايطة أن بلاده لديها مخاوف من انتشار الإرهاب وتجدد موجات النزوح حال انتشار الفوضى في سوريا، وأضاف أن قرار إغلاق الحدود بين البلدين له تداعيات اقتصادية.

واعتبر أن الأردن يدفع أثمان ما يجري في سوريا منذ عام 2011 وأن ما هو مقبل ملف أردني كبير يفرض نفسه على الأردنيين، مشيراً إلى أن التطورات المتسارعة هناك واحتمالات الفوضى تجعل المملكة في مواجهة تحديات كبرى، بخاصة أن حدودها تمتد على طول 380 كيلومتراً.

مشهد معقد

وقال المحلل العسكري نضال أبو زيد إن الأردن يراقب ما يحدث دبلوماسياً وعسكرياً في ظل تسارع سقوط مناطق الجنوب السوري وانسحاب القوات الحكومية من مواقعها، وأضاف أن "ثمة مشهداً معقداً على الحدود الأردنية، فهناك انتشار للميليشيات الشيعية من البوكمال إلى تدمر، ووجود الفصائل المسلحة في درعا وريفها، كما أن استمرار نشاط جيوب تنظيم ’داعش‘ الإرهابي في البادية السورية مقلق أيضا".

ولاحظ أبو زيد أن التصريحات الأردنية الرسمية جاءت متقاربة مع موقف النظام السوري هذه المرة، ومختلفة عن الموقف خلال الثورة السورية عام 2011، وفي ظل سيطرة الفصائل من الجيش الحر على المعبر الحدودي بين البلدين، فإنه بلا شك يمتلك أدوات أخرى تتعلق بالتنسيق مع العشائر في درعا والسويداء، وصولاً إلى عشائر الرقة في محاولة للتعامل مع أي تطورات قد تحدث، فضلاً عن التنسيق مع الجانب الأميركي الذي توجد قواته في قاعدة التنف التي تبعد أقل من 20 كيلومتراً من الزاوية الحدودية الأردنية- العراقية- السورية.

لكن المحلل الأمني بشير الدعجة يرى أن انهيار الجيش السوري وصعود الفصائل المعارضة التي باتت تفرض سيطرتها على مساحات واسعة داخل الأراضي السورية بما فيها معبر نصيب الحدودي، أجبر الأردن على اتخاذ خطوات حاسمة.

 

 

ووصف الدعجة سيطرة الفصائل المسلحة على معبر نصيب بأنها نقطة تحول استراتيجي خطر لأن هذا المعبر كان شرياناً تجارياً رئيساً ومهماً، كما أن هذه السيطرة تجعل الحدود الأردنية مكشوفة أمام التهديدات الأمنية، مضيفاً أن الخيارات واضحة أمام الأردن فإما اتخاذ موقف حازم وقائي لحماية أمنه القومي، أو المخاطرة بالدخول في دوامة الفوضى.

خاصرة الأردن الرخوة

وتحدث المحلل السياسي ماهر أبو طير عن المخاوف الأردنية من موجة هجرة جديدة من سوريا إلى الأردن، واصفاً الحدود المشتركة معها بأنها خاصرة الأردن الرخوة.

ويقرأ أبو طير الملف الأردني في الحدث السوري من أوجه عدة، أهمها أخطار تقسيم سوريا ونشوء دويلة سنية جديدة مجاورة للأردن، إلى جانب دويلات مسيحية وعلوية ودرزية، أو استمرار عمليات صناعة وتهريب المخدرات في ظل الفوضى، أو محاولة الإيرانيين تنفيس الضغط في الإقليم بمحاولة إقحام المملكة.

ولا يخفي خشيته من وصول الوضع إلى مرحلة يضطر الأردن فيها إلى التدخل الجوي أو البري لإقامة مناطق آمنة في جنوب سوريا، وهذا سيناريو قديم تجنبه الأردن لاعتبارات مختلفة.

وختم حديثه بالقول، "اليوم لا نتحدث عن عودة طوعية أو قسرية للسوريين في الأردن، وأعلى طموحاتنا ربما يدور حول منع هجرات جديدة إلى البلاد، وسط تحسّب المملكة من ملف الضفة الغربية ومجيء إدارة أميركية جديدة".

الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية
الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية
الأردن ومحاولات الصمود أمام رياح الحرب السورية