ما مصير البعثات الدبلوماسية في سوريا بعد سقوط الأسد؟
تبحث المعارضة في سوريا عن علاقات دولية وإقليمية ومحلية مع مختلف القوى والدول (أ ف ب)
بعد سقوط نظام الأسد في دمشق وهرب معظم أركانه من البلاد، كثرت التساؤلات حول مصير البعثات الدبلوماسية في ظل شدة التجاذبات وبقاء القليل من الدول النشطة العاملة دبلوماسياً على الأرض السورية.
إيران
ومع ساعات سقوط الأسد الأولى حاول محتجون اقتحام السفارة الإيرانية لدى دمشق لكنهم سرعان ما انكفأوا تحت توجيه إدارة العمليات العامة، وتزامناً أغلقت الدولة العراقية حدودها مع سوريا من جهة معبر القائم.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، إنه "نظراً للتطورات الأخيرة في سوريا، نذكر بموقف إيران المبدئي المتمثل في احترام وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها".
وبينت إيران أنها ستتخذ المواقف المناسبة بناء على سلوك الجهات الفاعلة على الأرض السورية في المشهد السوري.
وأضاف البيان، "نظراً للتطورات الأخيرة في سوريا، نذكر بموقف إيران المبدئي المتمثل في احترام وحدة سوريا، ونؤكد أن تحديد مصير سوريا واتخاذ القرار في شأن مستقبلها هو مسؤولية شعب هذا البلد وحده، من دون تدخل مدمر أو فرض خارجي".
وأكمل البيان، "تحقيق هذا الهدف يتطلب إنهاء الاشتباكات العسكرية في أسرع وقت ممكن، ومنع الأعمال الإرهابية، والبدء بحوارات وطنية بمشاركة أطياف المجتمع السوري كافة من أجل تشكيل حكومة شاملة تمثل كافة أبناء الشعب السوري".
وجاء أيضاً في نص البيان، أن إيران تدعم الآليات الدولية المستندة إلى قرار الأمم المتحدة رقم 2254 لمتابعة العملية السياسية في سوريا كما في الماضي، وتواصل العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وقالت الخارجية الإيرانية، "في هذا الوضع، إذ تمر سوريا بفترة حرجة من تاريخها، فمن الضروري جداً ضمان أمن جميع المواطنين السوريين ورعايا الدول الأخرى، وكذلك الحفاظ على حرمة الأماكن الدينية المقدسة، وحماية الأماكن الدبلوماسية والقنصلية وفقاً لمعايير القانون الدولي"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية.
وأكملت أن "العلاقات بين إيران وسوريا لها تاريخ طويل وكانت دائماً ودية، ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقات بالنهج الحكيم القائم على المصالح المشتركة والالتزام بالالتزامات القانونية الدولية".
وذكر البيان أن إيران تشدد على مكانة سوريا كدولة مهمة ومؤثرة في منطقة غرب آسيا، وأنها لن تدخر جهداً للمساعدة في إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، ولهذا الغرض، ستواصل مشاوراتها مع كل الأطراف المؤثرة، وخصوصاً في المنطقة.
وختم البيان الدبلوماسي بالقول، "من الطبيعي أن تتابع إيران التطورات في سوريا والمنطقة بدقة، وستتبنى النهج والمواقف المناسبة من خلال الأخذ في الاعتبار سلوك وأداء الجهات الفاعلة في المشهد السياسي والأمني هناك".
بدوره بين المتخصص الدبلوماسي مهند زعتر في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن البيان الإيراني يتخذ صفة الدبلوماسية المطلقة والجلية، في حين أن الذكاء الدبلوماسي الذي أبرزته الهيئة "هيئة تحرير الشام" بزعامة أحمد الشرع سيجعلها أكثر تفطناً لضرورة العلاقات مع إيران نظراً إلى أن إيران لم تكن شريكاً في احتضان أو رعاية أو حماية الأسد في أيامه الأخيرة على رغم كل انتهاكاتها في سوريا في الأعوام الماضية.
يقول الخبير، "الشرع وإدارة العمليات يبحثان عن علاقات استراتيجية واقتصادية وسياسية واجتماعية مع دول الإقليم والعالم لمحو صورة سيئة سابقة كانت مأخوذة عنهم، لذلك أعتقد أنهم سيتكفلون بحماية الرعايا الإيرانيين، والدليل عدم حصول ردود فعل باتجاه المدن والمناطق الشيعية، كما أن المعارضة أرسلت رسائلها لضمان حماية أمن السفارة وغيرها".
الصين
وكانت أول دولة طالبت رعاياها بالمغادرة الفورية حتى قبل سقوط النظام بساعات هي الصين، الحليف المقرب لدمشق، كما أن تداعيات الأحداث دفعت بدول عدة إلى إبلاغ مواطنيها بضرورة توخي الحذر، ومطالبتهم بالعودة إلى بلادهم في أقرب وقت، منها الولايات المتحدة وروسيا والأردن، وغيرها مع التشديد على ضرورة حماية المدنيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العراق
على الفور أجلت السفارة العراقية موظفيها باتجاه لبنان من طريق البر، وقال مسؤول في وزارة الخارجية العراقية، "تم إجلاء طاقم السفارة في دمشق، هم 10 موظفين بينهم رئيس البعثة الدبلوماسية، إلى بيروت من طريق البر وهم بحالة جيدة جميعاً".
وأوضح أن الإجلاء جاء "بسبب التوترات في دمشق وانهيار الأوضاع وانسحاب الجيش بصورة كاملة وفقدان الأمن".
البرازيل
من بين تلك الدول كانت البرازيل التي دعت لحماية السكان والبنية التحتية المدنية في سوريا. وأكدت من جديد دعمها "الحل السياسي والتفاوضي للصراع"، بحسب ما قالت وكالة "برازيليا".
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الحكومة البرازيلية أعربت عن "قلقها" في شأن "تصعيد الأعمال العدائية" في سوريا، وحثت "جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس"، كما ورد في مذكرة أصدرتها وزارة الخارجية.
الأمم المتحدة
بدوره قال غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، إنه يحث كل الأطراف على إعطاء الأولوية للحوار والوحدة واحترام حقوق الإنسان، وأضاف "نحن مستعدون لدعم الشعب السوري في رحلته نحو مستقبل مستقر وشامل"، موضحاً أن "ملايين السوريين عبروا عن رغبة واضحة في وضع ترتيبات مستقرة وشاملة للانتقال".
إسرائيل
اتخذت وزارة الدفاع الإسرائيلية قراراً باستدعاء الفرقة 98 ولوائي المظليين و"الكوماندوس" إلى الحدود مع سوريا، كما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، عن إرسال دبابات الكتيبة 77 من اللواء السابع إلى المنطقة العازلة على الحدود السورية لمنع أي محاولة لتجاوز الحدود، وقامت فعلياً بالسيطرة على تلك المنطقة.
روسيا
هذا ورفعت مجموعة من الشبان العلم السوري الجديد "علم الثورة أو التحرير" فوق سفارة موسكو لدى دمشق، ونقلت وكالة "تاس" الرسمية عن ممثل للسفارة قوله، "اليوم فتحت السفارة أبوابها وهي تعمل بصورة طبيعية تحت علم جديد".
وكانت روسيا تدخلت رسمياً في النزاع السوري اعتباراً من عام 2015 قالبة موازين القوى على الأرض بعد أن كاد يسقط الأسد حينها بفقدانه السيطرة على أكثر من 70 في المئة من الخريطة السورية، إذ قامت بدعمه ميدانياً وعسكرياً وسياسياً وفي مجلس الأمن، ووضعته ونظامه تحت حمايتها المباشرة.
الآن تبدو السفارة تحت حماية فصائل غرفة العمليات من دون التعرض لأفرادها، وهو ما يوضحه الباحث في العلاقات الدولية سليمان نصر في تصريح خاص اعتبر فيه أن "المعارضة لا تبحث عن المشكلات أو استفزازات، بل تبحث عن غطاء وعلاقات دولية وإقليمية ومحلية ممتازة مع مختلف القوى والدول".
يقول، "الهيئة الآن تتعامل ببراغماتية مطلقة، وتريد كسب كل الأطراف إلى جانبها، لذلك تتعامل بمطلق المدنية وحسن الجوار والاحترام وتقدم ضمانات الحماية للجميع، السكان أولاً، والبعثات السياسية والدبلوماسية ثانياً".
فيما يبقى عالقاً موضوع القواعد العسكرية البحرية الروسية في اللاذقية وطرطوس على المياه الدافئة في البحر المتوسط، وهو ما لم يتم حسمه حتى الآن لا تصريحاً ولا فعلاً.
الولايات المتحدة
أما بالنسبة للقوات الأميركية فهي ستحتفظ بوجودها من دون أي تهديد في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا حيث لا تهديدات قريبة أو مباشرة للقوات الأجنبية هناك، والمحمية بآلياتها وطيرانها وعشرات آلاف مقاتلي الأكراد والعشائر العربية.