آدم بيسا: نجم يعيد تعريف الهوية في السينما العالمية
شارك آدم بيسا في إنتاجات السينما العربية المستقلة والهوليوودية الضخمة مروراً بمسلسلات تلفزيونية بارزة (اندبندنت عربية)
خلال الأعوام الأخيرة، بزغ اسم آدم بيسا كواحد من ألمع نجوم السينما العالمية، متنقلاً بين الأعمال العربية المستقلة والإنتاجات الضخمة في هوليوود. الممثل الفرنسي- التونسي الذي يجمع بين موهبة استثنائية وشغف كبير بالثقافة العربية، يتحدى الصور النمطية السائدة، ويعكس من خلال أدواره أبعاداً عميقة من الهوية والانتماء.
تميز بيسا، المولود في فرنسا لأبوين تونسيين، بأدائه البارع الذي لفت الأنظار في فيلم "حرقة" Harka للمخرج لطفي ناثان. الفيلم الذي يعكس قصة شاب تونسي يكافح من أجل أسرته، أهّله للفوز بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان كان السينمائي عام 2022. يرى بيسا أن العودة لتونس لتصوير هذا الفيلم كانت لحظة خاصة للغاية، قائلاً: "كان شرفاً عظيماً ومسؤولية ضخمة. أحببت شخصية ’علي‘ وما زلت أفكر فيه كثيراً حتى الآن. ما زالت هذه الشخصية تعيش بداخلي".
وعلى رغم نشأته في فرنسا، يرفض بيسا تصنيفه كممثل "من أصول تونسية" فقط، مؤكداً أنه فرنسي وتونسي معاً، ويعتبر هذا المزج جزءاً لا يتجزأ من هويته. وهذا الارتباط المزدوج يظهر في اختياراته الفنية، إذ يؤدي أدواراً عربية بلغة ولهجات محلية، مثل الجزائرية في فيلم "السعداء" The Blessed أو العراقية في فيلم "موصل" Mosul. ويؤكد بيسا أن العالم العربي يقدم له فرصاً فنية وإبداعية لم يجدها في فرنسا، حيث يتعرض أحياناً لتصنيفات نمطية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حديثه عن تجربته في فيلمه الجديد "ماء العين" Ma el aïn الذي أخرجته التونسية مريم جعبر، أشار بيسا إلى خصوصية العمل مع مخرجات. وأوضح أن النساء غالباً ما يقدمن منظوراً مختلفاً وأكثر عمقاً في مقاربة الشخصيات والقضايا المجتمعية. وأشاد بيسا بالمخرجات اللواتي أثرن في مسيرته الفنية، مثل صوفيا جاما التي اكتشفت موهبته، معتبراً أن النسوية تقوم بدور بارز في حياته على المستويين المهني والشخصي.
واستطرد قائلاً "عندما تفكرين بأن رجلين يمكن أن يكونا مختلفين جداً، تخيلي فقط الفرق بين رجل وامرأة. منظور المرأة للمجتمع ولقيم معينة مثل السلطة مختلف تماماً. بصورة عامة، تركز المرأة على الجوانب الجوهرية أكثر".
وعلى رغم النجاح الكبير الذي حققه في هوليوود، حيث شارك في أعمال مثل "إكستراكشن" Extraction إلى جانب كريس هيمسوورث، يظل بيسا وفياً للسينما العربية المستقلة. فهو يرى أن هذه الأفلام تقدم قصصاً فريدة وصادقة تعكس الواقع بعيداً من القوالب النمطية. وعن تجربته في هوليوود، يقول بيسا إنها تتطلب تركيزاً وانضباطاً كبيرين بسبب الضغوط الإنتاجية الهائلة، مشيراً إلى أن الوقوف أمام سبع كاميرات في آن واحد تجربة مختلفة تماماً عن الأعمال الفنية ذات الموازنات الصغيرة.
ويتابع "لا مجال للخطأ لأن إعادة تصوير المشهد الواحد قد تكلف 100 ألف دولار! هذا ليس الوقت المثالي لنسيان حوارك!"، مضيفاً "هذا يعلمك التركيز والانضباط وكثيراً من الأمور الأخرى".
ولا يكتفي بيسا بأنه ممثل بارع، بل يحمل رؤية أعمق لمهنته كوسيلة للدفاع عن الكرامة الإنسانية. ويؤكد أن اختياراته تعكس التزامه سرد قصص حقيقية تمثل ثقافته وهويته. كما يعبر عن فخره بالعروبة التي شكلت جزءاً كبيراً من رحلته الشخصية والفنية، قائلاً: "منذ طفولتي، قيل لي إنني عربي، وقررت اكتشاف ما يعنيه ذلك، وانطلقت في رحلة شخصية وروحية".
وأخيراً، كشف بيسا عن أنه لو لم يختَر التمثيل لكان عمل محامياً دولياً في مجال الجيوسياسة والقانون الدولي العام، "ربما في الأمم المتحدة أو شيء من هذا القبيل".