ارتفاع مفاجئ في قيمة الليرة السورية بأسواق كوردستان.. فوضى أم بداية استقرار؟
شفق نيوز/ تشهد أسواق العملة في اقليم كوردستان تغييرات لافتة مع الارتفاع "المفاجئ" لقيمة الليرة السورية مقابل الدينار العراقي، ما أثار نقاشات واسعة بين الخبراء والتجار حول أسبابه وتأثيراته المحتملة على السوق المحلية.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، تواصل الليرة السورية صحوتها مقابل العملات الأخرى، لا سيما الدولار الأمريكي الذي تراجع بنسبة تراوحت بين 18 الى 20% خلال تعاملات الأيام الماضية.
ارتفاع غير مبني على أسس علمية
ويصف "إسماعيل إبراهيم" أحد تجار العملة في سوق الدولار بالسليمانية، الوضع الحالي بـ"الفوضوي"، مشيراً إلى أن الارتفاع الأخير في قيمة الليرة السورية ليس له أسس علمية.
وقال لوكالة شفق نيوز، إن "هذا الارتفاع سببه ضخ الليرة السورية من قبل من كان يمتلكها في الماضي، ولا أعتقد أن عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم لها تأثير كبير على هذه الزيادة".
الطلب الكبير ونقص العرض وراء الارتفاع
ويقدم الخبير الاقتصادي "أيمن هشام"، تحليلاً اقتصادياً لهذا الارتفاع، موضحاً أن السبب الرئيسي يعود إلى نقص العرض المتوفر من الليرة السورية في أسواق الإقليم.
وأضاف لوكالة شفق نيوز، إن "هناك إقبال كبير من المواطنين على شراء الليرة السورية، مما أدى إلى ارتفاع قيمتها بشكل مفاجئ"، مبينا أنه "قبل استعادة النظام السوري السيطرة على بعض المناطق، كان سعر مليون ليرة سورية حوالي 100 ألف دينار عراقي فقط، أما الآن فقد وصل إلى 600 ألف دينار، واستقر حالياً عند 550 ألف دينار نتيجة الطلب المتزايد".
واستعرض هشام أيضاً خلفية اقتصادية تؤكد التدهور الكبير الذي عانته الليرة السورية خلال العقد الماضي، حيث فقدت قيمتها أمام الدولار الأمريكي بمقدار 270 ضعفاً بين عامي 2011 و2023.
كما أشار إلى تقارير من البنك الدولي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي التي أظهرت انكماش الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بأكثر من 85% منذ عام 2011، ليصل إلى 9 مليارات دولار فقط بحلول 2023، مع توقعات بانكماش إضافي بنسبة 1.5% خلال العام الحالي.
ترابط الاقتصاد والسياسة في سوريا
أما جبار كوران، المتحدث باسم سوق العملة في السليمانية، فقد ركز على العلاقة الوثيقة بين الوضع السياسي في سوريا واستقرار العملة، وقال لوكالة شفق نيوز، إن "التحولات السياسية الكبيرة التي قد تشهدها سوريا مستقبلاً، مثل تشكيل حكومة جديدة أو سقوط النظام الحالي، قد تؤدي إلى تحسين تدريجي في قيمة العملة، كما حدث في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين".
وأضاف كوران: "إذا استقرت الأوضاع السياسية وشُكلت حكومة تضم جميع الأطراف، فمن الممكن أن يشهد الاقتصاد السوري تحسناً تدريجياً، ما ينعكس إيجاباً على قيمة العملة السورية. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي لا يزال مبكرًا لاستقرار الليرة".
واستبعد كوران أن يكون لتقلبات الليرة السورية تأثير مباشر على العملات الأخرى، نظراً لطبيعتها كعملة محلية، لكنه أشار إلى احتمال تأثيرها غير المباشر على أسعار السلع الزراعية المستوردة من سوريا بسبب العلاقات التجارية بين البلدين.
خلفية الارتفاع المفاجئ
ويشير هاوري فاخر وهو صحفي اقتصادي، لوكالة شفق نيوز، إلى أن الليرة السورية تأثرت خلال السنوات الماضية بعوامل سياسية واقتصادية معقدة، حيث تسببت الحرب المستمرة منذ 2011 في انهيار كبير لقيمتها وبينما كان سعر صرف الليرة السورية في الأسواق العراقية منخفضاً للغاية، جاءت الأحداث السياسية الأخيرة، مثل استعادة النظام السوري السيطرة على بعض المناطق، لتؤدي إلى زيادة الطلب عليها في أسواق السليمانية، مما رفع قيمتها بصورة غير متوقعة.
توقعات مستقبلية
ويقول فاخر، إنه رغم الارتفاع الحالي في قيمة الليرة السورية، اتفق مع من يقول على أنه ارتفاع مؤقت وغير مستقر.
واشار إلى أن تعافي الاقتصاد السوري واستقرار العملة مرتبطان بتحسن الأوضاع السياسية في البلاد، وتشكيل حكومة جديدة تُنهي الأزمة الحالية.