هل يتراجع العراق عن قراره الخاص بسحب "التحالف الدولي"؟
يوجد في العراق نحو 2500 عسكري أميركي، ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر 2014 (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
أعادت الأحداث الساخنة التي شهدتها سوريا خلال الأيام الماضية مخاوف العراق من تأثيرات في أوضاعه الداخلية، لا سيما بعد تصاعد التحذيرات المحلية والدولية من استغلال خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي الوضع الراهن في سوريا لإعادة بناء قدراته، مما يدعو إلى تحديد مصير قوات "التحالف الدولي" في العراق لا سيما وأن قرار إخراج "التحالف الدولي" من بلاد الرافدين ثابت لغاية إعداد هذا التقرير، وفق توقيتات محددة. وسيكون خروج تلك القوات النهائي من البلاد في سبتمبر (أيلول) 2026.
ويرى مراقبون للشأن العراقي أن القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن وليس هناك حاجة إلى وجود قوات أجنبية في البلاد. وتشن القوات العراقية بين الحين والآخر عمليات عسكرية ضد عناصر "داعش" في عموم أنحاء البلاد.
وكانت الجولة الأولى من المحادثات بين بغداد وواشنطن بدأت في يناير (كانون الثاني) الماضي، وأفضت إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف الدولي وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية. واستؤنفت المفاوضات في فبراير (شباط) الماضي، مع اعتماد خفض مدروس وتدرجي للقوات الدولية، وصولاً إلى إنهاء مهمة "التحالف الدولي لمكافحة داعش"، بحسب البيانات العراقية، لتتبعها جولتان أخريان في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين.
ويوجد في العراق نحو 2500 عسكري أميركي، ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر 2014. ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسة في العراق، هي قاعدة "عين الأسد" في الأنبار، وقاعدة "حرير" في أربيل، ومعسكر "فيكتوريا" الملاصق لمطار بغداد الدولي. وتضاف إلى القوات الأميركية قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن حلف شمال الأطلسي في العراق.
لا حاجة إلى القوات الأجنبية
في السياق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، علي نعمة البنداوي، أن "القوات العراقية بمختلف صنوفها قادرة على حفظ الأمن، وليس هناك حاجة إلى وجود قوات أجنبية على أرض البلاد". وأضاف البنداوي أن "رئيس الوزراء العراقي، القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني أكد خلال استضافته في مجلس النواب الأسبوع الماضي، مضي العراق نحو طي هذا الملف من دون تراجع، والموضوع حُسم"، مبيناً أن "قوات التحالف الدولي تواصل عمليات الإجلاء وبخاصة في قاعدة عين الأسد ووصلت مجموعة من معداتها إلى قاعدة حرير في أربيل".
وكان السوداني أكد خلال استقباله قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، أن "العراق عضو أساس في هذا التحالف وهو ملتزم التعاون مع التحالف الدولي، للتصدي ومتابعة الجماعات الإرهابية، بما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة".
في المقابل أكد كوريلا "التزام التحالف الدولي دعم العراق لحفظ أمنه وسيادته ضد أي تهديد إرهابي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا تغيير في القرار
لكن الباحث في المجال الأمني، سرمد البياتي، يرى أن "العراق لم يغير قراره لغاية الآن بخصوص إخراج قوات التحالف الدولي من البلاد، وتوقيتات خروجها من قاعدة عين الأسد في سبتمبر 2025، ومن قاعدة حرير في سبتمبر 2026، ثابتة ولا يوجد أي قرار بالتريث".
وأكد البياتي أنه "بخروج قوات التحالف ستتحول العلاقة إلى ثنائية وهي تتضمن دعم الملف الأمني، لذلك لا يوجد تخوف، ويعزز ذلك تأكيد الجنرال كوريلا ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في زيارتهما الأخيرة إلى العراق بأنهما متضامنان مع بغداد ومنع 'داعش' من الدخول مرة أخرى إلى البلد".
ونبه البياتي إلى أن "العراق بحاجة إلى التحالف الدولي في جزء وفي جزء آخر ليس هناك حاجة إليه، فعلى الأرض ليست هناك حاجة نهائياً، لكن هناك حاجة إلى العمليات الجوية والاستخبارات الجوية لرصد عناصر 'داعش' من السماء لافتقار العراق إلى مثل هذه المعلومات، لذلك هناك حاجة إليه في الضربات الجوية".
يشار إلى أن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أشاد بدور التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في مساعدة بلاده على إلحاق الهزيمة من الناحية العسكرية بتنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك خلال استضافته في جلسة نقاشية في الـ23 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ورأى الأعرجي، "نعتقد في الوقت الحاضر أنه ينبغي أن تتحول العلاقة بين العراق والتحالف الدولي إلى علاقات أمنية ثنائية"، مضيفاً أن "هذا لا يمنع أن يكون هناك تعاون أمني واستخباراتي لمساعدة العراق في مواجهة أية تنظيمات إرهابية".
وأكد الأعرجي أنه "اُتفق على ذلك ولدينا فرصة لمدة عامين ستكون مرحلة تقييم للوضع، ثم يُتخذ قرار الانسحاب الكامل".
حاجة العراق إلى هذا التحالف
في الأثناء، اعتبر المتخصص السياسي والقانوني خالد عليوي أنه "من غير المتوقع أن يتخلى العراق عن مهمة التحالف الدولي في ظل التطورات الحالية، لا سيما وأننا نرى تسابق الدول الممثلة لهذا التحالف إلى اللقاء مع المسؤولين العراقيين والتأكيد لهم التزام التحالف الدولي حماية سيادة العراق، ومنع الإرهاب من العودة إليه، فضلاً عن صدور تصريحات عدة لمسؤولين عراقيين تطالب التحالف بالقيام بدوره في العراق". وأضاف عليوي أن "ذلك يدل على حاجة العراق إلى هذا التحالف وعدم استعداده للتخلي عن خدماته في ظل التحديات الجديدة التي تشهدها المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وما يحمله هذا الحدث من احتمالات متوقعة في وضع العراق في قلب عاصفة التغييرات السريعة التي يشهدها الشرق الأوسط".