اخبار العراق الان

عاجل

سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار

سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار
سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار

2025-01-07 09:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


تحولت إيران إلى حليف أساس لنظام الأسد ودفعت كلفاً باهظة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً من أجل بقاء حليفها (أ ف ب)

العلاقة بين النظام الإيراني والنظام السوري السابق لها تاريخ طويل، إلا أن الطرفين طورا علاقتهما مع بدء الحرب الإيرانية - العراقية، وعلى رغم أن هذه العلاقة كانت تتمتع دائماً بأهمية كبيرة لكلا الجانبين لكنها دخلت منعطفاً جديداً بعد الثورة الشعبية ضد نظام بشار الأسد.

وكانت إيران تدعم النظام السوري السابق قبل وقوع الثورة، لكن مع ارتفاع حدة الأزمة اصطفت إلى جانب روسيا في دعم القوات الحكومية، وتحولت طهران إلى حليف أساس لنظام الأسد ودفعت كلفاً باهظة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً من أجل بقاء حليفها.

ويثير هذا الدعم الواسع للنظام الإيراني أحياناً جدلاً في الداخل واحتجاجات ضد طبيعة الدعم، وقد هتف المحتجون مراراً بشعارات ضد هذا الدعم كلما نظموا تجمعاً احتجاجياً ضد السلطات في عدد من المدن الإيرانية.

ومع سقوط نظام بشار الأسد يتساءل الإيرانيون عن مصير هذه الكلف، ومن هو المسؤول عن مليارات الدولارات التي أنفقها النظام الإيراني في سوريا؟

الصداقة بين نظام الأسد وإيران

بعد انتصار الثورة في إيران عام 1979 أخذت العلاقة بين النظام الإيراني والنظام السوري السابق منحى تصاعدياً، ومع بداية الحرب الإيرانية - العراقية اكتسبت العلاقة بينهما أبعاداً جديدة، إذ كانت سوريا بقيادة حافظ الأسد، والد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، خلال هذه الحرب الدولة العربية الوحيدة التي وقفت إلى جانب إيران ودعمتها في الحرب ضد العراق.

وخلال هذه الفترة لعب النظام السوري دوراً رئيساً في مساعدة النظام الإيراني، إذ جرت أول عملية شراء أسلحة لإيران من الكتلة الشرقية بواسطة النظام السوري من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على طهران، كما أنه في هذه الفترة جرى تخصيص جزء من مطار دمشق الدولي للعمليات العسكرية واللوجستية لإيران.

ومن الخطوات المهمة التي قام بها النظام السوري السابق دعماً لإيران قطع تصدير النفط العراقي من الأراضي السورية، إذ أضرت هذه الخطوة بالاقتصاد العراقي وشكلت ضغطاً اقتصادياً كبيراً على بغداد، ودفعت سوريا إلى واجهة الاصطفاف مع إيران كحليف إستراتيجي في المنطقة.

وبعد انتهاء الحرب الإيرانية - العراقية استمرت هذه العلاقة وامتدت إلى جميع المجالات، بخاصة المجال الاقتصادي، ومن أهم المشاريع الاقتصادية المشتركة بين طهران ودمشق إنشاء مصنع "سايبا" لتجميع السيارات في سوريا والذي أطلق عليه اسم "سيامكو"، وبدأ المشروع عام 2004 ودخل الإنتاج عام 2007، إذ كانت تمتلك فيه إيران نسبة 80 في المئة، بينما امتلكت الحكومة السورية نحو 20 في المئة فقط.

 

 

وعلى مر الأعوام وقّع البلدان على كثير من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية، حيث قامت إيران باستثمارات كبيرة في سوريا، وفي إطار العلاقة الوثيقة بين الجانبين كانت دمشق تشتري النفط من طهران بسعر منخفض، وبدخول إيران عسكرياً إلى سوريا لدعم بشار الأسد بعد الثورة الشعبية عام 2011 وبدء الحرب الأهلية في سوريا، دخلت العلاقة بين النظامين الإيراني والسوري حقبة جديدة.

وكانت الاحتجاجات الشعبية السورية بدأت في شتاء عام 2011 وتحولت تدريجاً إلى أزمة سياسية وعسكرية، ومنذ البداية دعمت إيران بصورة غير مباشرة نظام بشار الأسد وحاولت المساعدة في قمع الاحتجاجات الشعبية من خلال تقديم المعلومات والمساعدة اللوجستية، وفي العام نفسه تحدثت التقارير الأميركية الحكومية عن وجود إيراني غير معلن في سوريا، وزعمت السلطات الأميركية أن طهران تدعم نظام بشار الأسد سراً، وبعد مرور شهور قليلة أعلنت إيران وجودها في سوريا وقالت إن مهمتها محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش"، ثم أصبحت هذه الرواية الرسمية ذريعة حتى تتمكن إيران من المشاركة على نطاق أوسع في التطورات السورية.  

وفي عام 2012 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ثلاثة أعضاء من كبار القادة في الحرس الثوري و"فيلق القدس" الإيراني لقيامهم بتوفيرهم الدعم اللوجستي لقمع المتظاهرين السلميين السوريين، ومع اشتداد الحرب الأهلية في سوريا ازداد معها دعم النظام الإيراني لبشار الأسد، وإضافة إلى المساعدات المالية والتجارية فقد شملت مساعدات عسكرية، إذ أعلن المسؤولون الإيرانيون في حينها وفي أكثر من مناسبة عن إرسال مستشارين لمساعدة الحكومة السورية، وفيما لا يعرف العدد الدقيق للقوات والعناصر العسكرية الإيرانية التي قتلت في سوريا لكن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 5 آلاف شخص في الأقل قتلوا خلال هذه الحرب، وظلت طهران تنفي المشاركة في القتال لكن تشييع جثامين قتلاها في أنحاء إيران دحض هذه الادعاءات.

كم أنفقت إيران في سوريا؟ 

من المواضيع المثيرة للجدل والمربكة حول الوجود الإيراني في سوريا حجم الأموال التي أنفقتها طهران هناك، إذ لا توجد إحصاءات دقيقة لهذا الإنفاق لكن عدداً من المسؤولين الإيرانيين تحدثوا عن بعض هذه الأموال، كما نشر الإعلام الحكومي تقارير غير رسمية تتحدث عن حجم المساعدات المالية لنظام الأسد، وأعلنت بعض وسائل الإعلام وعدد من المسؤولين الحكوميين أن هذه المساعدات تراوح ما بين 30 و50 مليار دولار، إلا أنه يعتقد أن مقدار الأموال التي أنفقتها إيران في سوريا أكبر بكثير من هذا العدد الذي تحدثت عنه هذه الجهات، وقد أفاد مكتب ممثل الأمم المتحدة في دمشق قبل بضعة أعوام بأن النظام الإيراني ينفق في سوريا نحو ستة مليارات دولار سنوياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر موقع "راديو فردا" (إذاعة الغد) الصادر باللغة الفارسية عن "صوت أوروبا الحرة" من مدينة براغ التشيكية أن "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ذكر في تقرير صدر عام 2019 أن "الحرس الثوري الإيراني" يدفع للذين يقاتلون في مدينة دير الزور السورية 100 دولار شهرياً، بينما يدفع لأولئك الموجودين على الخطوط الأمامية في جبهات القتل نحو 150 دولاراً شهرياً.

وفي تصريح للرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه في مايو (أيار) الماضي، قال إن سوريا مدينة لإيران بنحو 30 مليار دولار، وليس من الواضح ما إذا كانت طهران ستحصل على أموالها بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وتبقى مسألة الإنفاق الإيراني في سوريا إحدى القضايا المفتوحة في السياسة الخارجية الإيرانية، كما أن عدم إمكان إعادة هذه الأموال، بخاصة في ظل وجود أزمات اقتصادية واسعة النطاق، يثير قلق الإيرانيين.

مستقبل أموال الشعب الإيراني

وأما الأسئلة المطروحة بين المواطنين والخبراء في إيران فهي تتمحور حول ماذا ستكون نتيجة النفقات الإيرانية الضخمة في سوريا؟ وبعد سقوط نظام بشار الأسد ماذا سيحدث لهذه الأموال؟ وهل ستعود إلى إيران؟

وقال محام متخصص في القانون الدولي في طهران، رفض الكشف عن اسمه، خلال مقابلة له مع قناة "بي بي سي الفارسية"، إنه "من أجل تقييم إعادة المطالبات المالية الإيرانية من الحكومة السورية فيجب تحديد حجم هذه النفقات، وكم من هذه النفقات تمت بصورة رسمية وغير رسمية"، لافتاً إلى أنه "بحسب القوانين الدولية يمكن إعادة هذه المطالبات والمساعدات الرسمية التي قدمتها الحكومة الإيرانية لسوريا، وفي حال سقوط الحكومة تنتقل الديون إلى الحكومة التي تليها".

أضاف المتحدث أنه إذا رفضت الحكومة السورية الجديدة هذه المطالب فيمكن لإيران الرجوع لهيئات حل النزاعات الدولية ومتابعتها وفق المادة الـ (34) من "اتفاق فيينا" لعام 1983، والتي تنص على عدم إسقاط ديون الحكومة السابقة.

وأشار متخصص القانون الدولي أيضاً إلى أمثلة تاريخية ومنها أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي انتقلت ديونه إلى الحكومات الجديدة، وفي إيران أيضاً بعد ثورة 1979 جرى نقل جميع العقود والالتزامات الدولية لمحمد رضا شاه بهلوي إلى الحكومة الإيرانية الجديدة وأصبحت سارية المفعول، وأكد المحامي في الشؤون الدولية أيضاً أن القضايا التي جرى توثيقها في قطاع الاستثمار والقروض وغيرها من القضايا قابلة للمتابعة القضائية، لكن المساعدات الإيرانية الأخرى التي لا توجد وثيقة محددة في شأنها لا يمكن متابعتها بأي شكل من الأشكال، بل ستشكل أزمة إذا ما قررت طهران متابعتها.

 

وأشار أستاذ جامعي متخصص في العلاقات الاقتصادية والدولية في إيران خلال مقابلة له مع قناة "بي بي سي الفارسية" إلى الآثار المحتملة لسقوط بشار الأسد، قائلاً إن "سقوط الأسد و لا سيما بعد إضعاف حركة 'حماس' و'حزب الله' اللبناني، يشكل فشلاً لسياسات النظام الإيراني في المنطقة، وهذا الحدث سيحد بصورة كبيرة من نفوذ إيران في المنطقة العربية، كما أنه من الطبيعي أن يطرح المواطن الإيراني أسئلة حول إنفاق النظام مليارات الدولارات في سوريا ونتائج هذا الانفاق".

وتحدث الأكاديمي عن آفاق العلاقات الإيرانية - السورية بعد التغييرات المحتملة في دمشق قائلاً إنه لم يعد من الممكن اعتبار العلاقات الإيرانية - السورية إستراتيجية، لكن في الوقت نفسه يبدو احتمال اتباع نهج المواجهة بين البلدين غير مرجح، ومع ذلك فإن المطالبات المالية الإيرانية لسوريا ستكون واحدة من أكبر التحديات التي ستواجه النظام في طهران.

وعلى رغم أن القوانين الدولية تدعم حقوق إيران في استرداد ديونها من الحكومة السورية لكن هناك عقبات سياسية واقتصادية قائمة تقلل إلى حد كبير من إمكان إعادة هذه الأموال، وأما السؤال المطروح حول ماذا سيحدث لأموال الشعب الإيراني فلا يزال من دون إجابة.   

وفي المقابل ذكرت مصادر صحافية أن الإدارة السورية الجديدة تعمل على مشروع شكوى ضد إيران يطالبها بدفع 300 مليار دولار بسبب الأضرار التي لحقت بالشعب والبنية التحتية السورية بسبب دعمها العسكري لنظام الأسد خلال الحرب التي استمرت 13 عاماً.

سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار
سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار
سقوط الأسد يبخر أموالا إيرانية بنحو 30 مليار دولار