"سلفانا".. قصة شابة إيزيدية عادت لعائلتها بعد عقد من الأسر فوجدت قبراً لها (صور)
شفق نيوز/ "لم أتوقع أن التقي بها مجدداً، كنا قد حفرنا قبراً رمزياًلها في مقبرة قريتنا كوجو، وبقي ضوء الأمل خافتاً وسط ظلام اليأس حتى جاءني اتصال غيرمتوقع في 18 كانون الأول/ديسمبر 2024"، بهذه الكلمات المؤثرة بدأت "ملوكاخدر" شقيقة الناجية "سلفانا" حديثها مع شفق نيوز لتسرد تفاصيل قصة تحريرشقيقتها من قبضة تنظيم داعش، في قصة تجسد مزيجاً من الألم والمعاناة والأمل الذي لمينطفئ رغم مرور 10 سنوات.
"عشت في الظلام لعشر سنوات، لم أكن أعلم إن كنتُ سأرى النور مجدداً بهذهالكلمات بدأت سلفانا الناجية الإيزيدية الجديدة حديثها مع شفق نيوز لتكشف عن تفاصيلمروعة شهدتها خلال سنوات الأسر لدى تنظيم داعش وعن الأمل الذي أعادها إلى الحياة.
تتحدث سلفانا بصوت خافت مليء بالحزن عن آخر أيامها في محافظة إدلب السورية:"كنتُ أعيش وحدي في قبو مظلم داخل منزل مهجور، الخوف كان يسيطر عليّ خاصة عندماكنت اسمع أصوات الرصاص والقذائف تأتي من كل مكان بعد تهدور الأوضاع في سوريا مؤخراً،شعرتُ أن الموت يقترب مني".
وتضيف "في لحظة يأس قررتُ أن أخرج من القبو إلى الشارع لابحث عن عائلتي،كنت مرعوبة، لكنني لم أكن أملك خياراً آخر".
وخلال رحلتها في الشارع التقت سلفانا برجل غير مجرى حياتها، تقول:"ساعدني بالانتقال ونقلني من إدلب إلى منبج، ثم إلى عامودا، وكنا نقطع المسافةسيراً على الأقدام وأحياناً بواسطة دراجة نارية، وفي النهاية وصلت إلى البيت الإيزيدي،كنتُ خائفة طوال الطريق من احتمالية كشف هويتي، لم أظهر وجهي لأحد وكنتُ ارتدي الحجاب".
عادت سلفانا بذاكرتها إلى اصعب فترات حياتها خاصة في بلدة باغوز السوريةقائلة: "كانت هناك معارك ضارية تدور حولنا، والجثث متناثرة في كل مكان، لم يكنهناك طعام ولا ماء، الوضع كان لا يحتمل".
وتضيف بنبرة مختنقة "عشر سنوات عشتها في الظلم والقهر، تعرضتُ لتعذيبنفسي وجسدي قاسٍ، كان عناصر داعش يضربوننا يومياً دون سبب، كنا بلا حقوق وبلا كرامة".
وتعيش سلفانا حالياً مع شقيقتها ملوكا في محافظة دهوك، لكنها تعاني منمشكلات صحية، تقول: "ليس لدي أحد سوى أختي ملوكا، أنا مريضة وبحاجة إلى علاج عاجل،وحلمي هو اللحاق بشقيقاتي في الخارج، والبدء بحياة جديدة بعيدة عن الألم والمعاناة".
وتعود معاناة سلفانا إلى الثالث من آب/أغسطس 2014، حينما اجتاح تنظيم داعشقرية كوجو جنوب سنجار، "كان يوماً كارثياً" كما تصفه شقيقتها (ملوكا)، حيثتم اختطاف عائلتها المكونة من 12 فرداً، "جمعونا في مدرسة القرية وفي الليل أخذواأختي سلفانا من بيننا بعدها أخذوا إخوتي وأخواتي ووالدي وأنا كنت من بينهم".
تضيف ملوكا: "قتلوا والدي واثنين من إخوتي، وتم دفن رفاتهم لاحقاًفي مقبرة ضحايا داعش بقرية كوجو، لكن لا نعلم شيئاً عن مصير أخي الثالث وأمي لغايةاليوم".
تحررت ملوكا مع أربع من شقيقاتها في أيلول/سبتمبر 2018، وانتقلن للعيشفي ألمانيا باستثناء ملوكا التي بقيت في العراق وتعيش في الوقت الحاضر مع زوجها فيمجمع شاريا جنوبي محافظة دهوك.
تقول ملوكا: "لم أفقد الأمل يوماً، ورغم أن العثور على سلفانا كانيبدو مستحيلاً، لكن كنتُ أبحث عنها في كل مكان والتقي بالناجيات اللاتي تحررن من داعشللاستفسار عن مصير أختي، لكن دون جدوى".
وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2024 حدث ما لم تتوقعه ملوكا، تقول: "كنتصائمة عندما اتصل بي شخص إيزيدي واعطاني رقماً شخص آخر قد يعرف مصير سلفانا، وبعد الاتصالبه واعطاء المعلومات عنها، جاءني الاتصال منه بعد أيام قليلة وبشرني بأن أختي على قيدالحياة في إحدى المناطق السورية، عندها بكيتُ لشدة فرحي بهذا الخبر".
من جهته،أكد مدير مكتب شؤون المختطفين حسين كورو، أن "ملوكا بعد سماعها هذه الأخبار السارةسارعت على الفور بالسفر إلى سنجار لمتابعة الأمر".
"حينما فتحت الكاميرا لأول مرة ورأيت سلفانا لم أصدق عيناي، كنت انظر إلىشقيقتي التي ظننت إنني فقدتها للأبد"، تقول ملوكا، وتضيف: وبعد أيام قليلة تمنقل سلفانا إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان ومنها إلى دهوك حيث التقيت بها أخيراً فيالخامس من كانون الثاني/يناير 2025.
رغم الفرح بلقاء شقيقتها إلا إن الحياة لم تعد كما كانت بحسب ملوكا، وتوضحأن "سلفانا تعاني نفسياً وجسدياً هي لا تدرك ولا تستوعب حتى الآن أنها تحررت،في لا تزال تحت الصدمة، كما تعاني من مرض السكري وآلام في الأسنان والأذنين، فهي بحاجةماسة إلى العلاج".
وتختم ملوكا بالقول إن "سلفانا معي حالياً، لكنها لا تملك أحداً غيري،سأفعل كل ما بوسعي لمنحها الحياة التي تستحقها بعد سنوات من الجحيم".