اخبار العراق الان

عاجل

أدب المقاومة وطوفان الاقصى

أدب المقاومة وطوفان الاقصى
واع

بقلم: الدکتور حسن بشیر

الأدب في الحقیقة هو الروح السیالة للفرد و المجمتع یدخل القلوب و یغیّر النفوس. وأدب المقاومة هو الصوت المعبر عن روح المقاومة في المجتمعات التی تقاوم الظلم و الاضطهاد و هذا الأدب في نفس الوقت یُعبّر عن معاناة الامم و آمالها وهويتها و تطلعاتها للمستقبل. هذا النوع من الأدب والذی اکتسح مساحة كبيرة ، اضافة علی دوره في جمال اللغة و صیاغة الشعر ، وأخذ یتجاوز هذه الجوانب الجمالیة، لیصبح بسرعة أداة فعالة و قوية للتحفیز و التعبئه و التوعیة الفردیة و الاجتماعیة.

 تصعید النضال خاصة شعره من أهم أدوات التحفیز للجهاد و المقاومة بین الشعوب

أتذکر من أیام شبابي حین کنت أترنم بأشعار أبي القاسم الشابي، الشاعر التونسي المعروف، و خاصة شعره الذي یبدأ بهذا البیت: “إذا الشعب يومًا أراد الحياة؛ فلابد أن یستجیب القدر”. هذا النوع من الشعر، أصبح شعاراً مهماً للثورات و الجهاد في العالم الاسلامي و العربي ضد الاستعمار و الظلم و الاضطهاد.

تعزيز التضامن والوحدة بین الشعوب: الأدب بصورة عامة وأدب المقاومة بشکل خاص یربط بین آحاد المجتمع المقاوم و یحثهم علی تعزیز الوحدة و التضامن فی نضالهم و جهادهم و یُشعر کل فرد من ذلک المجتمع بانه لیس وحده في المعرکة و هناک دعماً جماعیاً و جماهیراً فی طریق النضال و المقاومة.

التعبیر عن آمال و آلام الشعوب من أهم الامور التی یقوم بها أدب المقاومة هو التعبیر عن الظلم و الاضطهاد التی تتعرض له الشعوب علی شتی مستویات الاحتلال، كالاستبداد أو القمع. هذا الأدب یصف المآسي و الآلام بأسلوب انسانی و عاطفي یعکس عمق المأساة للنفس الانسانیة في کل مکان و یشعرها بعمق المعاناة و الظلم. و من جهة اخری فإن أدب المقاومة یبرز و یعزز الأمل رغم الألم و یغرس الآمال فی نفوس المجتمع المقاوم للتعبیر عن أیمانهم بالتحرر و الکرامة مهما طالت الآلام و المحن و المأسي.

أحیاء التراث الثقافي و تعزیز الهویة الوطنیة: أدب المقاومة هو أدب إحیاء التراث الثقافي و الرموز الوطنیة لتعزیز الهویة الجماعیة في المجمتع. و في نفس الوقت یقاوم محاولات الطمس الثقافي في زمن الاحتلال و تهمیش الهویة الوطنیة.

الجهاد: أدب المقاومة هو أدب تخلید و تمجید أبطال و شهداء المقاومة و الجهاد، لیبقی ذکرهم و تاریخهم و إرثم مصدراً مهماً للاجیال القادمة في طریقهم ضد الظلم و الاضطهاد.

إیصال رسالة المقاومة الی العالم الخارجي: أدب المقاومة یقوم بکشف حقائق و قضایا المقاومة و خاصة في جوانبها الانسانیة و العاطفیة و لذلک فهو رساله مهمة الی العالم یعکس آلام الشعوب المضطهدة من جهة و من جهة اخری تضامنهم و مقاومتهم للاحتلال و الظلم و الاضطهاد کما حدث مع الأدب الفلسطیني.

و في هذا المجال یمکننا أن نعطی بعض الأمثلة حول أدب و شعر المقاومة في العالم العربي. فعلی سبیل المثال: محمود درویش من أبرز شعراء المقاومة الفلسطینیه حیث سجل أشعاراً جسّد فیها معاناة الشعب الفلسطینی. غسان کنفاني في روایاتة مثل “عائد الی حیفا” عبر عن معاناة اللاجئین الفلسطینین و قضیة العودة الی ارض الوطن. محمد دیب من الجزائر، کتب عن نضال و کفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال و الاستعمار الفرنسي 

بعد ادب المقاومة تيار طوفان الأقصى:

الیوم أدب المقاومة یعکس الواقع السیاسي و الثقافي و الاجتماعي و حتی العسکري التي تعیشه المجتمعات المقاومة و خاصة المجتمع الفلسطیني. فإن “طوفان الاقصی” الذی أطلقها القادة الفلسطینین ضد الاحتلال الإسرائیلی الصهیوني في ۷ اکتوبر عام ۲۰۲۳ أحدث زلزالاً عسکریاً و سیاسیاً و ثقافیاً في المنطقة و فی جمیع نقاط العالم، و قد أثر هذا الطوفان علی أدب المقاومة و النضال بشکل واسع و عمیق. فهناک تغییرات أساسیة طرأت علی أدب المقاومة بعد “طوفان الأقصی”  المقاومة خرجت عن أسلوبها في طرح معاناة الشعب الفلسطیني الی رسم التحدي المباشر لتجسید الثقة بانتصار الإرادة أمام الهیمنة الصهیونیة. و کذلک النصوص الجدیدة الادبیة في هذا المجال أصبحت تُبرز الشجاعة و القدرة علی قلب المعادلات امام العدو، مع سرد یرکّز علی ابراز هذه القدرات اکثر مما کان یرکز في الماضي علی آلام الشعب الفلسطیني. إزدیاد رمزیه المسجد الأقصي في هذا الطوفان لیس فقط بأنه رمز دیني، بل أصبح اکثر من قبل، رمزاً للمقاومة الواسعة و الشاملة لتحریر فلسطین و الشعب الفلسطیني

عالمیة طوفان الأقصی و أثرها علی الشعوب ایضا هو من أسمی و ابرز ما شهده أدب المقاومة في هذا المجال حیث أصبحت النصوص و الشعارات تتحدث بلغه جدیدة قادرة علی التواصل مع الجمهور العالمي و لیس فقط المحلي أو الاقلیمی. و قد تداخل الشعر و النثر و الوطني و العالمي و المسلم و غیر المسلم في رسم هذا الطوفان المقاوم ضد الاحتلال الصهیوني مما أضاف علی أدب المقاومة طابعاً جدیداً معاصراً یعبر عن دینامیکیة الأحداث علی الصعید العالمي. و لذلک أصبح “طوفان الاقصی” خطاب العالم الحر في هذا العصر.

دخل أدب المقاومة بعد “طوفان الأقصى” مرحلة جديدة تتميز بالقدرة الحقیقة التي اعتمدت الثقة والانتصار، مع استلهام القيم الإيمانية والإنسانية و الأخلاقیة و لذلك فإن “أدب طوفان الأقصى” هو تيار أدبي و فني يعكس تحولات الواقع الفلسطيني علی الصعید المحلي و العالمي، ويمثل صرخة أمل ونضال في وجه الاحتلال، مما جعله نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في أدب المقاومة لا یشبهه ما کتبة الادباء و الشعراء في الماضی بالرغم من أهمیة و عظمة ذلک التراث.

ظهور   “أدب طوفان الاقصی”  لأسباب عدیدة أختصر بعضها هنا: العلاقة الزمنية والمكانية “طوفان الأقصی” کان هو الحدث الرئیسي و الذي صاغ نقطة التحول ألادبي والسياسي في القضية الفلسطينية، 

والأدب دائما یحاول ان یصوغ الاحداث لیصنع العلاقة و الارتباط الزمني و المکاني لهذه الاحداث حتی تبقي حیة في المجمتعات الإنسانیة.