اخبار العراق الان

عاجل

رياح سوريا الجديدة تنعش "الرايات السود" في أفريقيا

رياح سوريا الجديدة تنعش
رياح سوريا الجديدة تنعش "الرايات السود" في أفريقيا

2025-01-15 17:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية


مقاتلو تنظيم "داعش" في غرب أفريقيا يحملون الراية السوداء (موقع "أونيوز" الإيطالي)

منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حذر مسؤولون دوليون من استغلال التنظيمات المتطرفة ثغرات فراغ الحكم وانهيار الجيش السوري لتمكينها من تجميع صفوفها، انطلاقاً من الخلفية الإيديولوجية لمقاتلي المعارضة المسلحة التي وقفت وراء اجتياح دمشق، كما منح انهيار النظام السابق بصورة مفاجئة فرصة لتنظيم "داعش" للاستيلاء على مخزونات من الأسلحة والمعدات التي خلفها الجيش والمجموعات الموالية له، وهو ما تعكسه عودة خلايا "داعش" من عمق البادية لشن هجمات مباغتة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة ضد قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء إن هذا الهجوم واحد من خمس عمليات نفذتها خلايا التنظيم داخل مناطق نفوذ "الإدارة الذاتية" منذ مطلع العام الجاري وشملت هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، كما حذر المرصد في تقرير آخر له من مخاوف حيال التخطيط لعمليات في ضريح السيدة زينب أو مناطق تتبع الطائفة العلوية.

ورجح متخصصون أن يشجع سقوط الأسد حفنة من مقاتلي "داعش" على تعزيز وجودهم في أجزاء من شرق وغرب أفريقيا، كما أظهرته مقاطع فيديو دعائية نشرها أواخر ديسمبر الماضي وأوائل يناير (كانون الثاني) الجاري، ويشاطرهم المستشار الإستراتيجي للقائد الأعلى للجيش سابقاً في طرابلس عادل عبدالكافي هذه الهواجس، مؤكداً إعادة تجميع صفوف التنظيم منذ عام 2023 حتى إنهم تسللوا من سوريا والعراق إلى دول الساحل والصحراء الكبرى، مختزلاً إستراتيجيات الجماعة المتبعة في أنها "باقية وتتمدد"، وعندما تجري ملاحقتهم في مواقع محددة تختفي هذه العناصر سواء على مستوى قياداتها أو إرهابييها إلى أن تهدأ الملاحقات العسكرية ثم تعيد تجميع صفوفها، وما يساعدها في ذلك هو حال التوتر الأمني في الساحل الإفريقي وبحيرة تشاد والحدود المنفلتة بين هذه الدول، إضاقة إلى التضاريس الجغرافية التي تشكل عاملاً رئيساً لهذه الجماعات الإرهابية.

لعبة طويلة الأمد

ويثير عبدالكافي إشكال الجهود المتواضعة لمكافحة التطرف والتي تحتاج إلى تنسيق دولي كبير يبدأ بتتبع هذه العناصر ومنعها من التسلل خفية، مضيفاً أنه "عندما نتحدث عن عناصر قدمت من سوريا والشام إلى القارة الأفريقية فقد جاءت عبر منافذ التهريب أو أسماء مزورة".

وطرح المحلل العسكري أيضاً مسألة أخرى يعتقد أنها رئيسة تتعلق بالتدفق العسكري الروسي إلى أفريقيا عبر الأراضي الليبية، لأن جنوب هذا البلد يشكل جسراً مهماً من سوريا إلى مهابط المنطقة الشرقية، وعناصر الفيلق الأفريقي يتمركزون الآن في منطقة قرب السودان وتشاد، موضحاً أنه "من خلال تدفق المرتزقة والأسلحة يوفر الوضع فوضى أمنية وأرضية خصبة للتنظيمات الإرهابية".

 

ويرى معهد دراسة الحرب الأميركي في تقرير له صدر في التاسع من يناير الجاري أن اللعبة الطويلة الأمد التي يخوضها تنظيم "داعش" وعودته للظهور في سوريا تشكل تهديداً متطوراً للغرب، مؤكداً أن التحولات الأخيرة في سوريا وأفريقيا تهدد بخلق فراغات أمنية يمكن له استغلالها لتعزيز قوته بصورة أكبر.

وتحدث المعهد عن احتمالات أن يقوض الأمر كل الجهود الغربية لمكافحة التنظيم الدموي وعملية الانتقال السياسي السوري من خلال تنفيذ عمليات هرب كبيرة من السجون شرق سوريا أو هجمات طائفية في غرب البلاد، علماً أن إرهابيي "داعش" محتجزون في مراكز تديرها قوات "سوريا الديمقراطية" شمال شرقي البلاد.

وأول من أعلن الاستنفار الأمني في أفريقيا لملاحقة أية عناصر متطرفة هي سلطات شرق ليبيا خلال الأيام الأولى لإسقاط الأسد، وفي ضوء التطورات المتسارعة التي شهدتها سوريا عقب فتح السجون على مصاريعها والإفراج عن محتجزين من دون التدقيق في هوياتهم، إذ أبدت السلطات تخوفاً من تسلل هؤلاء المسلحين المتشددين إلى البلاد، في وقت لا يزال مقاتلون سوريون استعانت بهم تركيا مستقرين لحد الآن غرب ليبيا، وكانوا قد احتفلوا بنهاية حكم الأسد مثلما أظهرته فيديوهات نشرتها وسائل إعلام ليبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدوره يحذر الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية إدريس أحميد من ظهور الذئاب المنفردة في أفريقيا، مستغلين الأوضاع الأمنية وخصوصاً في مالي وبوركينافاسو في ظل مواجهة هذه الدول صراعات داخلية حول الحكم وتنفيذ عمليات إرهابية، غير أنه استبعد استفادة تنظيم "داعش" من التغييرات الجارية في سوريا لأن نشاطه ومحاولة عودته انطلقت قبل نحو عامين.

ومع ذلك قال أحميد لـ "اندبندنت عربية" إن على القادة الجدد في دمشق بعد سقوط النظام محاربة الجماعات المسلحة بالتوازي مع استمرارهم في تنظيم شؤون البلاد، منبهاً إلى أن تأجيج الصراع الحاصل في سوريا بين الفصائل التابعة لتركيا والفصائل الكردية يعزز تحركات الخلايا الإرهابية ويزعزع استقرار المنطقة.

ماذا سيفعل ترمب؟

ويعود إعلان القضاء إقليمياً على تنظيم "داعش" في العراق وسوريا لعام 2019، ومع ذلك واصل التنظيم هجماته المنفردة، ووفق خريطة نشاط "داعش" الإرهابي في جميع أنحاء العالم التي أعدها الباحث في "معهد واشنطن" آرون زيلين، فإن فروعه في أفريقيا كانت مسؤولة عما يقارب 70 في المئة من جميع الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها العام الماضي، و64 في المئة من جميع الضحايا الذين أعلن مسؤوليته عن قتلهم.

أما مؤشر الإرهاب العالمي (2024) فقد أكد انتقال مركز الإرهاب من الشرق الأوسط إلى منطقة الساحل الأوسط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي تمثل الآن أكثر من نصف جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب، والدول الأربع الأكثر تضرراً هي بوركينا فاسو ثم مالي ونيجيريا والنيجر.

 

وشن متشددو التنظيم في غرب أفريقيا الأسبوع الماضي غارة قبل الفجر على قاعدة عسكرية بولاية برونو شمال نيجيريا مما أسفر عن مقتل ستة جنود، وهو ما أوضحه بيان للجيش النيجيري حين قال إن عدداً غير محدد من إرهابيي "داعش" (جماعة "بوكو حرام") يستقلون دراجات نارية وشاحنات مسلحة اشتبكوا مع القوات المنتشرة في قرية سابون جاري، رداً على مقتل قائدهم ومقاتليهم أخيراً على يد قوات الجيش.

وبحسب موقع "أفريكا ريبورت" الفرنسي فإنه خلال ليلة رأس السنة الجديدة أعلنت قوات الأمن في الصومال أنها صدت هجوماً شنه انتحاريون من تنظيم "داعش" على قاعدة عسكرية في منطقة بونتلاند شمال شرقي البلاد، وهي الحادثة التي جاءت بعد 10 أيام من قيام قوات التحالف الديمقراطي المرتبطة بتنظيم "داعش" بقتل 21 شخصاً في الأقل داخل المنطقة الشرقية الممزقة بالصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي النيجر قُتل 39 شخصاً خلال هجومين منفصلين في ديسمبر الماضي داخل المنطقة الغربية قريباً من الحدود مع بوركينا فاسو.

ومع اقتراب تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهماته رسمياً الأسبوع المقبل، يتجدد النقاش حول مصير التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في حين تواجه الإدارة الجديدة تحدياً خلال المرحلة المقبلة حول طبيعة الإستراتيجية المتبعة مستقبلاً للتعامل مع بؤر انتشار التطرف من سوريا إلى العراق وأفريقيا، ولا سيما أن مواقفه السابقة تشكك في جدوى نشر قوات في الخارج.

رياح سوريا الجديدة تنعش
رياح سوريا الجديدة تنعش
رياح سوريا الجديدة تنعش