15 مليار دولار شراكة اقتصادية بين بريطانيا والعراق
العراق يوقع مذكرة تفاهم مع شركة "بريتيش بتروليوم" لتقييم إمكان إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة (أ ف ب)
كشفت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لندن عن اتفاقات تجارية ونفطية تمثل جسراً اقتصادياً بين البلدين، إذ وقع عدداً من خطط الشراكة بعد أن تواصلت المحادثات حولها أكثر من ثمانية شهور اُتفق خلالها على التفاصيل، بحسب ما أدلى به رئيس الوزراء خلال جلسة خاصة مع نخبة من الإعلاميين في لندن.
وأعلنت السلطات العراقية اليوم الأربعاء أن بغداد وشركة النفط البريطانية العملاقة "بريتيش بتروليوم" تقتربان من التوصل إلى اتفاق نهائي لتطوير أربعة حقول نفطية في كركوك، وهو مشروع ضخم يشمل أيضاً حرق الغاز لتعزيز إنتاج الكهرباء في البلاد.
وقال وزير النفط العراقي حيان عبدالغني لوكالة الصحافة الفرنسية مساء أمس الثلاثاء بعد توقيع مذكرة التفاهم، إن هدف المشروع هو زيادة الإنتاج إلى ما بين 450 و 500 ألف برميل يومياً في حقول الشمال والتي يبلغ إنتاجها حوالى 350 ألف برميل يومياً".
وتهدف مذكرة التفاهم إلى "العمل على إحالة مشروع إعادة تأهيل وتطوير حقول شركة نفط الشمال الأربعة في كركوك إلى شركة "بي بي" من أجل زيادة الإنتاج والوصول إلى أفضل المعدلات الإنتاجية المستهدفة من النفط والغاز"، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي.
وأكد عبد الغني أن "الاتفاق يلزم الطرفين بالتعاقد في الأسبوع الأول من فبراير (شباط) المقبل"، موضحاً "لم نذهب إلى استثمار وزيادة إنتاج النفط فقط وإنما ذهبنا إلى زيادة انتاج النفط واستثمار الغاز، ولا مجال لحرق أية كمية منه".
وإحراق الغاز هو التخلص من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، ويعد مصدراً أساس لتلوث الهواء عبر انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان الخام والكربون الأسود، وتؤكد حكومة بغداد سعيها إلى وقف حرق الغاز المصاحب واستغلاله لتشغيل محطات الطاقة، ما يُقلل اعتمادها على الغاز المستورد من إيران والمستعمل لإنتاج الكهرباء.
وفي الشهر الماضي تعهد مكتب السوداني بوصول مستوى إيقاف حرق الغاز المصاحب في العراق إلى 80 في المئة بنهاية 2025 على أن يتوقف بصورة كاملة بحلول عام 2027.
وأكد الوزير العراقي أن "هناك حاجة أيضاً إلى الغاز الآن، فالعراق يستورد ما يحتاجه من إيران، لكن هناك مساع جدية لإيقاف استيراده".
وكان السوداني التقى أمس نظيره البريطاني كير ستارمر، ووافق الجانبان على "حزمة من الاتفاقات التجارية بقيمة 12.3 مليار جنيه إسترليني (15 مليار دولار)، وهذا يكفي لزيادة التجارة 10 أضعاف مقارنة بالعام الماضي، بحسب "داونينغ ستريت".
وتشمل هذه الاتفاقات عدداً من مشاريع البنية التحتية الضخمة في مجالات الطاقة والاتصالات والدفاع، فضلاً عن توفير مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي.
وفي البعد الاقتصادي حمل اتفاق البلدين محطة إستراتيجية مهمة تعكس التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط الجديد، كما أن الزيارة تحمل أبعاداً عدة، سواء على المستوى السياسي أو الأمني، وتثير تساؤلات حول عودة العراق البريطاني كفاعل رئيس في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي والدولي.
وفي الوقت ذاته كان القطاع النفطي حاضراً خلال المحادثات، إذ تتجه بغداد إلى زيادة إنتاجها من النفط لمواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمتطلبات بعد الظروف الصعبة التي مرت بها، ويؤكد العراق أن ذلك سيكون ضمن "اتفاق أوبك" مع الدول الأعضاء المنتجة، وفي المرحلة الحالية سيزيد الإنتاج مليون برميل يومياً.
مصالح متبادلة
وأعلن رئيسا الوزراء العراقي والبريطاني في بيان أمس أن البلدين اتفقا على حزمة تجارية تصل قيمتها إلى 12.3 مليار جنيه إسترليني (15 مليار دولار)، تعادل أكثر من 10 أضعاف إجمال التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة والعراق في العام الماضي، وتتضمن المشاريع التالية التي ستقودها المملكة المتحدة في العراق.
وفي التفاصيل ستجرى إعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية، إذ سيعيد خبراء من القطاع الخاص البريطاني تأهيل القاعدة العراقية بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني (610 مليون دولار)، بما يوفر للعراق تغطية دفاعية جوية.
وتشمل الاتفاقات كذلك مشروع المياه الشامل، إذ سيقود تحالف شركات بريطانية مشروعاً كبيراً للبنية التحتية للمياه بقيمة تصل إلى 5.3 مليار جنيه إسترليني (6.4 مليار دولار) من صادرات المملكة المتحدة، وسيؤدي ذلك إلى تحسين جودة المياه وري الأراضي الزراعية وتوفير المياه النظيفة في جنوب وغرب العراق، مما يحسن ظروف العيش لملايين العراقيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد جرى الاتفاق على مشروع مياه البصرة وتعيين شركة بريطانية لإنشاء البنية التحتية واسعة النطاق لمحطات تحلية ومعالجة المياه، بما يوافر المياه النظيفة لـ 3 ملايين عراقي في محافظة البصرة بقيمة 3.3 مليار جنيه إسترليني (4 مليارات دولار) من الصادرات البريطانية.
ويسهم التعاون كذلك في تعزيز الربط البيني لشبكة الكهرباء بين العراق والسعودية، إذ ستربط أنظمة نقل الطاقة البريطانية الصنع بين الشبكتين العراقية والسعودية، وهو مشـروع تبلغ قيمته 1.2 مليار جنيه إسترليني (1.47 مليار دولار) في الأقل.
ويهدف العراق إلى إقامة مشروع السكة الحديد العراقية، إذ ستمد شركة بريطانية سكة حديد جديدة في العراق بقيمة 82 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار).
"بي بي" تقيّم إعادة تطوير "حقول كركوك"
ووقع العراق مذكرة تفاهم مع شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية لتقييم إمكان إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك شمال العاصمة بغداد والحقول المجاورة، وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء اليوم في بيان إنه جرت في لندن مراسم توقيع مذكرة تفاهم لتقييم إمكان إعادة التطوير الكامل لحقول كركوك الأربعة للتنفيذ، من أجل زيادة الإنتاج والوصول إلى أفضل المعدلات الإنتاجية المستهدفة من النفط والغاز.
وشدد البيان المشترك على الأهداف المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين وعراق قوي ومزدهر.
الهجرة والجرائم المنظمة
ويلتزم الجانبان في شأن تعزيز التعاون الحيوي في مجال الهجرة بين العراق والمملكة المتحدة نظراً إلى أهمية هذه الشراكة الثنائية الإستراتيجية في مكافحة الهجرة غير النظامية من خلال معالجات جذرية، والعمل الكبير الذي تقوده الحكومة العراقية لتوفير دعم إعادة الإدماج للعائدين، وقد اتفق رئيسا وزراء البلدين على مبادئ اتفاق العودة عبر التزام مشترك بضمان إعادة أولئك الذين ليس لديهم الحق في الوجود داخل المملكة المتحدة بالسرعة الممكنة، كما ناقشا الخطوات العملية المقبلة حول كيفية القيام بذلك بناء على زيارة وزيرة الداخلية البريطاني الأخيرة، والتي وضعت الاتفاقات الرئيسة حول سبل تعزيز البلدين لأمن الحدود والتعاون في إنفاذ القانون للتصدي لعصابات الجريمة المنظمة لتهريب البشر، واتفقا على أن الطبيعة العالمية المتزايدة لجرائم الهجرة المنظمة تؤكد الحاجة إلى منع عصابات التهريب من تعريض كثير من الأرواح للخطر، وأن تعزيز أمن الحدود هو جزء أساس من هذا الجهد.