هل ستكون المحطات العائمة بديلا ناجعا عن الغاز الإيراني؟

العراق ينتج 1500 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي (أ ف ب)
يلمس العراق بصورة تدريجية جدية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في توسيع الخناق على إيران وعدم السماح لها مجدداً باستيراد الغاز من طهران، كما هو معمول به سابقاً وفق السماح الممنوح له في ظل ولاية الرئيس السابق جو بايدن، مما أجبره على الإسراع في إيجاد البدائل.
ولعل إيجاد بدائل عن الغاز الإيراني يعني الاستيراد عن طريق البحر لافتقاد العراق أنابيب نقل الغاز سوى تلك المارة عبر الأراضي الإيرانية، مما يتطلب بناء منشآت خاصة على منفذ العراق البحري على الخليج العربي، مما يستغرق وقتاً وكلفاً إضافية.
يونيو المقبل
وبحسب وزير النفط العراقي حيان عبدالغني "هناك مناقصة مطروحة لإنشاء منصة ثابتة في الفاو ستمكننا من استيراد كميات كبيرة من الغاز"، ونوه إلى أنه "بعد وصول العراق إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتحقيق الفائض من الغاز، سيُصدر عبر المنصة الثابتة". وقال عبدالغني "من المقترح أن تُنصب المنصة العائمة في خور الزبير وهناك مفاوضات مع عدد من الشركات التي تمتلك المنصات العائمة لكي تُنصب المنصة في الخور مع بداية يونيو (حزيران) المقبل".
ويبدو أن العراق استبق الأحداث وحدد الدول التي يستورد منها الغاز لمحطاته الكهربائية ومن ضمنها دول عربية.
كان العراق يستورد بحسب العقد مع إيران 50 مليون متر مكعب من الغاز (أ ف ب)
دول بديلة
وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون الكهرباء عادل كريم إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجه باستيراد الـ’غازويل‘ من دول الجوار وإنجاز المنصة العائمة في خور الزبير التي ستوفر الغاز من قطر والجزائر وإندونيسيا والبرازيل، إلى جانب دول أخرى ضمن السوق العالمية". وبيّن أن حجم الاستيراد عبر المنصة العائمة سيصل إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً (مقمق)، مما يعادل قدرة إنتاجية تراوح ما بين 1500 إلى 2000 ميغاواط من الكهرباء ويعزز استقرار المنظومة الكهربائية.
ويستورد العراق بحدود 500 مليون قدم مكعبة من الغاز من إيران يومياً وهي توفر الوقود لعدد من محطاته الكهربائية العاملة على الغاز، فيما يعتمد على إنجازه المحلي من الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام الذي استثمر منه 68 في المئة لحد الآن.
ويقول العراق إنه سيستثمر جميع الغاز المصاحب بحلول عام 2028، مما يعني توفير غاز إضافي للمحطات الكهربائية ويقلل بالتالي الاعتماد على الغاز المستورد.
البناء يحتاج إلى أعوام
الخبير النفطي حمزة الجواهري رأى أن "إنشاء المنصات العائمة مع ملحقاتها يتطلب أعواماً وأن المنصات العائمة يجب أن تلحقها منشآت ضخمة وخزانات وهي مكلفة جداً وتحتاج إلى مدة طويلة لإكمالها"، موضحاً أن "نقل الغاز يكون بواسطة بواخر خاصة مع توفير درجة حرارة تقارب الـ186 درجة مئوية تحت الصفر مع توافر تقنيات متطورة في نقله".
الشمس هي البديل
واستبعد أن تُنجز تلك المنصات قبل يونيو المقبل، مشيراً إلى بعض البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها العراق لتعويض إمدادات الطاقة، من بينها اعتماد دوائر الدولة على الطاقة الشمسية، لا سيما وهي تعمل أثناء النهار وكذلك الحال بالنسبة إلى المصانع والمزارع، فيما بيّن الجواهري أن نتائج استثمار الغاز الحر العراقي يمكن أن تظهر بعد أعوام.
لا حاجة إلى الخزانات
وأشار المتخصص في الطاقة كوفند شيرواني إلى أن إنشاء المحطات العائمة يمكن إنجازها في وقت حددته وزارة النفط من دون الحاجة إلى بناء خزانات، مؤكداً إمكان توفير إمدادات الغاز لمحطات الطاقة عبر تلك المنصات. وأضاف أن "من الممكن إنشاء تلك المنصات العائمة خلال ثلاثة أشهر إلا أن بناء منشآت ملحقة يستغرق كثيراً من الوقت ونحن لا نحتاج إلى بناء تلك الملحقات بوجود أنابيب جاهزة لنقل الغاز الطبيعي إلى المحطات الكهربائية". واقترح شيرواني إمكان استئجار محطات عائمة لحين إكمال المحطات المقرر أن تبنى في السواحل العراقية، "إلا أن إنشاء المحطات هو الخيار الأفضل لوجود ضرورة لها من أجل استيراد الغاز وتصدير الغاز الطبيعي مستقبلاً"، وأوضح أن العراق لم يبنِ هذه المنصات لأنه لم يكُن يحتاج إليها باعتبار أنه لا يصدر سوى النفط الخام، لذلك غالبية المنشآت الحالية مخصصة للنفط.
شح مصادر الغاز
وأكد شيرواني أن العراق سيواجه مشكلة في الحصول على الغاز الطبيعي مع الطلب المتزايد على الغاز بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية منذ فبراير (شباط) عام 2022 وتضاعف أسعاره بنسبة ثلاث مرات ولأن غالبية الدول المنتجة المصدرة للغاز أصبحت مرتبطة بعقود طويلة الأجل مع عدد من الدول، بالتالي لن يكون من السهل الحصول على كميات كبيرة من الغاز في الوقت الحالي. وخلص شيرواني بالقول إن العراق ينتج 1500 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي، وكان يستورد بحسب العقد مع إيران 50 مليون متر مكعب، وبذلك نحتاج إلى 50 مليون متر مكعب يومياً لسد النقص في إمدادات الغاز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المنصات هي البديل
من جانبه أوضح المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن المنصات العائمة ستكون البديل الأنسب للغاز الإيراني، فيما أكد حاجة البلاد إلى هذه المنصات للتصدير مستقبلاً بعد استثمار الغاز الطبيعي العراقي، قائلاً "يجب الإسراع في تنفيذ هذه المنصات سواء كان من خلال بناء منصات جديدة أو من خلال الاستئجار لغرض تسهيل مهمة استيراد الغاز الطبيعي من دول العالم المختلفة بعيداً من الغاز الإيراني، لا سيما بعد إيقاف استيراده من طهران من قبل الولايات المتحدة الأميركية". وأكد أن هذه المنصات العائمة يمكن الاستفادة منها في عملية تصدير الغاز الطبيعي العراقي مستقبلاً بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتحويل ما تبقى إلى السوق العالمي.
أنابيب نقل الغاز
وخلص قصي بالقول إن هناك مشاريع تكميلية يجري تنفيذها حالياً في موضوع إنشاء أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من البصرة باتجاه بغداد ومن قضاء المحمودية باتجاه محطة بسماية للطاقة إضافة إلى المحطات التي تعمل في بالغاز المصاحب.