اخبار العراق الان

عاجل

النفط في ظل انهيار الأسواق المالية وسياسات ترمب

النفط في ظل انهيار الأسواق المالية وسياسات ترمب
النفط في ظل انهيار الأسواق المالية وسياسات ترمب

2025-04-08 02:01:37 - المصدر: اندبندنت عربية


الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز المسال في العالم (أ ف ب)

كتب هذا المقال بعد تداول انهيار البورصات الآسيوية وتوقفها عن التداول لأوقات محددة لتهدئة السوق ومنع انهيار كامل، صباح اليوم الإثنين. وقتها استمرت أسعار النفط بالانخفاض، حيث انخفضت بأكثر من ثلاثة في المئة وانخفض سعر خام غرب تكساس تحت 60 دولاراً للبرميل. رد فعل الأسواق السلبية لا يعود إلى الضرائب الجمركية فحسب، وإنما إلى تغيير ترمب للأهداف بصورة مستمرة.

حقيقة الأمر أن انهيار الأسواق المالية لا يؤثر في أساسيات أسواق النفط، ولكن حال الهلع تؤثر في سلوك المضاربين والمستثمرين، فتنخفض الأسعار. ولكن ستتأثر أساسيات السوق إذا تحول الأمر إلى حال من الركود الاقتصادي.

قبل ذلك بأيام قررت مجموعة الثمانية في "أوبك+" التي قامت بالتخفيضات الطوعية، أن تكون الزيادة في الإنتاج في مايو (أيار) ثلاثة أضعاف ما كان مقرراً بحيث يكون مجموع الزيادة 411 ألف برميل يومياً، كما قررت أن تقوم باجتماعات شهرية لإقرار مستويات الإنتاج، معبرة بذلك عن مرونة كاملة بالتعامل مع السوق.

بغض النظر عن الدوافع الحقيقية لزيادة مجموعة الثماني للإنتاج في مايو، وبغض النظر عن آثاره الحقيقية في السوق، رد فعل السوق كان سلبياً على الخبر، ويرى كثر أنه دعم الاتجاه الهابط لأسعار النفط. المجموعة أعلنت رسمياً أنه استجابة لمتطلبات السوق، وهناك فعلاً أدلة على ذلك في ظل زيادة طلب الصين والهند على النفط الخليجي. غالبية المحللين ذهبوا إلى أن قرار المجموعة رسالة إلى العراق وكازاخستان وروسيا بسبب عدم التزامها حصصها الإنتاجية. نظرياً الكلام منطقي، ولكن يمكن نقضه واقعياً بأن الكميات الحقيقية التي يمكن زيادتها تأثيرها ضعيف. ويرى بعض المحللين أنه محاولة لمنع ترمب من فرض ضرائب جمركية على النفط أو ضرائب جمركية عالية على دول "أوبك+"، بينما يرى آخرون أن القرار مرتبط بزيارة ترمب المرتقبة للسعودية. مهما كان السبب، فإن الأسواق لم تنظر للزيادة بإيجابية. ولكن قرار الاجتماعات الشهرية يوحي بأن احتمال وقف الزيادات أكبر من أي وقت مضى.

إنتاج النفط الأميركي

وعد ترمب الناخبين بأنه سيرفع إنتاج النفط الأميركي بكميات كبيرة وإلى مستويات قياسية. ولكن كل الأدلة تشير إلى أنه ليست هناك أي زيادة تذكر في إنتاج النفط الأميركي حتى الآن. انخفاض أسعار النفط الحالية سيؤثر سلباً في خطط الحفر الحالية، لهذا يتوقع انخفاض إنتاج النفط الأميركي لاحقاً هذا العام. لن يؤثر انخفاض أسعار النفط في الإنتاج الأميركي مباشرة لأسباب عدة أهمها أن الأسعار الحالية تخفض الأرباح بشكل كبير للشركات التي لم تتحوط، ولكن لن تحقق خسائر. هذا الانخفاض يجبرها على تخفيض الإنفاق الاستثماري، خصوصاً بعد ارتفاع الكلف بسبب الضرائب الجمركية التي تشمل الحديد والصلب وكثيراً من الموارد التي تحتاج إليها الصناعة. لهذا سنجد انخفاضاً في عمليات الحفر، إلا إذا تراجع ترمب عن كل خطط الضرائب الجمركية في أسرع وقت ممكن. النتيجة الحتمية للتقلبات التي تحصل بسبب تصريحات ترمب المتضاربة وتهديداته المتكررة، ثم الضرائب الجمركية، انخفاض معدلات نمو إنتاج النفط الأميركي إلى مستويات أقل من كل التوقعات الحالية.

هناك شركات كثيرة صغيرة ومتوسطة الحجم لن يتأثر إنتاجها بانخفاض أسعار النفط بسبب عمليات التحوط. مثلاً، بعضها باع غالب إنتاجه في الأسواق الآجلة عندما كانت الأسعار 85 دولاراً للبرميل. الآن السعر 60 دولاراً للبرميل، ولكن هذه الشركات ستتسلم من الطرف الذي وقع معها العقد 85 دولاراً للبرميل حتى نهاية العقد.

الصين

تشير أدلة عدة إلى أن الاقتصاد الصيني لا يزال ضعيفاً، ومن ثم لا يتوقع أن تكون هناك زيادة كبيرة في الطلب على النفط. إلا أن شركة النفط الصينية الوطنية غيرت توقعاتها السلبية إلى إيجابية منذ أيام، حيث تتوقع نمو الطلب على النفط في الصين لهذا العام، رغم أنها وشركات أخرى كانت تتوقع أن يصل الطلب على النفط إلى ذروته. هناك أدلة كثيرة على أن الحكومة الصينية على علم بما سيحصل منذ أشهر، فقررت تجريد الرئيس ترمب من أهم الأوراق في يده، ووضعت خططاً مفصلة للرد. وعندما جاءت ساعة الصفر، كانت الصين مستعدة تماماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أقوى ورقتين في يد ترمب كانتا صادرات الغاز المسال والنفط إلى الصين. الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز المسال في العالم، ومن أكبر مصدري النفط وأكبر مصدر للغاز المسال في العالم. الصين أكبر مستورد للنفط والغاز المسال في العالم، وكانت تستورد كميات كبيرة منها من الولايات المتحدة.

الصين لم ترد على ترمب بفرض ضرائب جمركية على واردات النفط والغاز المسال، بل فعلت أكثر من ذلك بكثير: منذ ثلاثة أشهر، أوقفت واردات الغاز المسال من الولايات المتحدة تماماً، ثم ذهبت إلى أستراليا لتوقيع عقود جديدة بدلاً من الولايات المتحدة. كما خفضت الصين وارداتها من النفط الأميركي إلى مستويات متدنية جداً لدرجة أن وقف ما تبقى يمكن التعويض عنه من المخزون.

ونظراً إلى أن الصين قامت في الأشهر الأخيرة بالسحب من المخزون على حساب استيراد النفط، فإن الانخفاض الكبير في أسعار النفط حالياً يمثل فرصة ذهبية للصين لإعادة ملء المخزون، ويتوقع كاتب هذا المقال أن تشتري الصين نحو 80 مليون برميل هذا العام لملء المخزون. بعبارة أخرى، رغبة ترمب في تخفيض أسعار النفط تحققت، ولكن المستفيد الأكبر هو الصين!

التوقعات

مجموعة الثماني التي قامت بالتخفيضات الطوعية ستجتمع شهرياً بسبب التقلبات الكبيرة في الأسواق. هذه المجموعة لن تغير إنتاجها بناء على تغيرات الأسعار، ولكن بناء على التغيرات في المخزون من جهة، والتغير في الطلب العالمي من جهة أخرى. فإذا بدأت المخزونات بالارتفاع نتيجة انخفاض نمو الطلب على النفط، فإنه يتوقع أن توقف المجموعة الزيادات التي كان مخططاً لها قبل الاجتماع الأخير، أو تقوم بتخفيف مستوى الزيادات. مشكلة "أوبك+" أنه في حال انخفاض كبير في نمو الاقتصاد العالمي أو في حال الركود، فإن مستوى المخزونات سيرتفع بصورة كبيرة، وهذا سيؤثر في توازن الأسواق في العام المقبل: انتهاء الركود الاقتصادي يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، ولكن الأسعار قد لا ترتفع في 2026 إذا قررت الشركات استخدام المخزون الذي لديها بدلاً من استيراد النفط. لهذا فعلى دول "أوبك+" عدم الوقوع في فخ أسعار النفط المنخفضة وبيع كميات كبيرة للصين، والتي ستخزنه لاستخدامه مستقبلاً بشكل يؤثر سلباً في دول "أوبك+". والأمر نفسه ينطبق على الولايات المتحدة إذا وافق الكونغرس الأميركي على تمويل بناء المخزون الاستراتيجي.

النفط في ظل انهيار الأسواق المالية وسياسات ترمب