"مشروع وطني شامل".. مركز حقوقي يدعو لإنصاف ضحايا الانفال

أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، اليوم الاثنين، أن جريمة الأنفال تُعد واحدة من أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ المعاصر، وهي جريمة إبادة جماعية موثقة راح ضحيتها أكثر من 180 ألف مدني كوردي أعزل اغلبهم من الاطفال والنساء، مطالبا بإنصاف ذي الضحايا وتبني مشروع وطني شامل.
وقال الغراوي في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "هذه الجريمة الوحشية نُفذت عبر ثمانية مراحل عسكرية رئيسية بين عامي 1987 و1988، استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية وعمليات الإعدام الجماعي والتهجير القسري والدفن في مقابر جماعية، ونتج عنها تدمير 4000 آلاف قرية كوردية ومحو هوية جماعية لسكان تلك المناطق".
وأضاف أن "جريمة الأنفال لم تكن مجرد حملة عسكرية بل كانت سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، حيث تم فصل العائلات عن بعضها، ونُقل الأطفال قسراً، وتمت عمليات الاعتقال دون محاكمة أو توجيه تهم، في خرق صارخ لكل القيم الأخلاقية والإنسانية، وبانتهاك مباشر للقانون الدولي".
واكد أن "جريمة الأنفال تُعد جريمة إبادة جماعية وفقاً لأحكام اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، كما تم تصنيفها كذلك من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا، ومع ذلك فإن العدالة لا تزال ناقصة، والإنصاف بعيد المنال بالنسبة إلى آلاف العائلات التي ما زالت تنتظر التعويض والكشف عن مصير أحبائها".
وطالب الغراوي، الحكومة العراقية ومجلس النواب، بـ"ضرورة تحمل مسؤولياتهم الوطنية والقانونية تجاه ضحايا الأنفال، والعمل على إعادة فتح هذا الملف من أجل استكمال متطلبات العدالة الانتقالية وتحقيق الإنصاف التام"، مشددا على "أهمية تبنّي مشروع وطني شامل يعيد الاعتبار إلى ضحايا هذه الجريمة، من خلال تعويضهم تعويضاً عادلاً يشمل الأبعاد المادية والمعنوية، ويُؤسس لمرحلة جديدة من الاعتراف الرسمي والوطني بهم، إلى جانب بذل جهود حقيقية على الصعيد الدولي لتدويل قضية الأنفال وتثبيت الاعتراف بها كجريمة إبادة جماعية، بما يضمن حمايتها من النسيان ويفتح المجال لمزيد من المحاسبة الدولية".
ودعا رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، إلى "تضمين فصول خاصة بجريمة الأنفال في المناهج الدراسية العراقية لغرض التوعية والتثقيف، ولترسيخ قيم احترام التنوع ورفض التمييز والعنف ضد المكونات"، مشيراً إلى "ضرورة الاستمرار في فتح المقابر الجماعية والتعرف على هويات الضحايا وتسليم رفاتهم إلى ذويهم ضمن إجراءات رسمية تراعي الكرامة الإنسانية، مع إنشاء قاعدة بيانات وطنية توثق أسماء ومعلومات كل من قضى أو فُقد في تلك الجريمة".
وشدد على ضرورة "إنشاء متحف وطني دائم لجريمة الأنفال يضم الوثائق والشهادات والحقائق المتعلقة بها، ويكون بمثابة مركز توثيقي وإنساني يعكس الذاكرة الوطنية، إلى جانب توفير دعم نفسي واجتماعي متواصل للناجين من الجريمة وأسر الضحايا من خلال برامج تأهيل وتكفل ترعاها مؤسسات الدولة".