إنجاز ايران وإنجاز العرب (1) /طاهر مسلم البكاء
لماذا نقارن ،لاننا عرب شبعنا قهر وذل من قادتنا على امتداد أرض العرب ولزمن طويل ،فجارتنا المسلمة تجلدت وخاضت كفاح طويل ممزوج بين السياسة والصبر ،متسلح بالأعتماد على الذات في الصناعة والبناء والأعمار ،ورغم انها دولة نفطية فأنها لم تعتمد بالأساس على الثروة النفطية كما تفعل دول النفط العربية ،وبنت قوة ذاتية كانت كافية للردع رغم الحصار المفروض عليها من امريكا والغرب وهي اليوم بأتفاقها النووي تقطف ثمار جدها واجتهادها . لقد أثبتت ايران قدرتها على خوض الصراعات الكبيرة الواسعة ، وقد خاضت المنازلة بصبر متجاوزه الأستفزازات الموجهة لها وخاصة قتل علمائها ومحاولة الغرب أذكاء الفتنة بداخلها . أما امريكا والغرب فثبت لهم عدم قدرتهم على التعامل مع الثورة الأيرانية ،والتي أصبح عمرها الأن أكثر من خمسة وثلاثون عام ،وتنازلوا عن حلمهم بأعادة ايران الى الحضن الأمريكي والغربي كما كانت أيام الشاه الغابرة ، اما الصهاينة فأنهم بذلوا كل ما في وسعهم، بما فيها دسائس اليهود وخبث صهيون من أجل اندلاع حرب أمريكية – ايرانية ،وكانوا يفضلون أن يكونوا متفرجين منتظرين أشتراكهم في الغنائم وحصاد النتائج كما حصل في العراق ،ومما يثير هياجهم أنهم تصوروا أن كل الأمور قد مهدت لهم وأنهم حصدوا كل ما خططوا له في المنطقة والعالم ،وأن جميع البلاد العربية والأسلامية ودول العالم الأخرى قد أصبحت طوع بنانهم ، كما خطط حكماء صهيون في بروتوكولاتهم، غير أن ظهور أيران كقوة أسلامية بارزة ليس في المنطقة فحسب بل في العالم ، وفوق كل ذلك فأنها تدعم المقاومة التي برزت على حدود اسرائيل وفي قلبها وخاصرتها ،كل هذا زاد من هياج الصهاينة الذين بدئوا ينظرّون لضرورة الحرب على ايران وبدئوا بدسائسهم ، والمعروفين بقدرتهم على اجادتها ،هادفين الى تخويف المواطن الأمريكي الساكن في أمريكا ، من مثل ( أن أيران قد طورت صواريخ قادرة على ضرب العمق الأمريكي )وهم يعيدون نفس الســيناريو الذي اجــادوا لعبه مع العراق ولكن لم يســتمع أحــد لهم هذه المرة وباءوا بانتكاسة وفشل ذريع ،وسقطت جميع الخيارات من أيديهم ،فهم لايستطيعون ضرب ايران كما فعلوا مع العراق ،فقد كانت قوة الردع كافية لأخافتهم . فشل العرب في البناء والحرب والتفاوض : لقد اثبت العرب فشلا ًذريعا ًفي البناء ولم يشار بالبنان لهم كبناة حقيقيون بمايقابل الثروات التي امتلكوها وفرص ارتفاع اسعار النفط الخيالية وتهافت الشركات العالمية على الأستثمار في ارضهم ،اذا مااستثنينا امثلة لاتمثل الا نسب بسيطة من مجموع العرب كدبي مثلا ً ، وهذا يجعل المتتبع يصفهم بغياب الرؤية المستقبلية وانشغالهم بأمور تافهة كالعصبيات والمشاكل مع بعضهم البعض والتقاتل للحفاظ على كرسي الحكم بأي ثمن لغياب النظم الديمقراطية والممارسات السياسية السلمية ،فنجدهم بين الفينة والفينة وقد هدموا وخربوا مابنوه بالأمس ! اما في مجال الحرب ومجالدت ومواجهة الأعداء فحدث ولا حرج حيث تلاحقهم الهزائم تلو الهزائم طيلة تاريخهم الحديث ،فدويلة مصطنعة مثل اسرائيل قد استلبت ارضهم ومقدساتهم ومن ثم هدت كيانهم كعرب موحدين والى الأبد ،فجعلت منهم شعوبا ً وقبائل ومذاهب وقوميات تستأسد بعضها على البعض الآخر ،وقد وصل بهم الأمر انهم نسوا نهائيا ً ان لهم ارض محتلة .وكانت الدول الكبرى تنظر الى فرقتهم وتقزمهم وفشلهم في السياسة والحفاظ على مصالحهم فيتصاغرون في عينها ،وهي لاتعترف بالتاريخ ،الذي يتغنى به العرب ، ولاتريد الرجوع الى الوراء فهي لاتريد الأعتراف بالحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني فالماثل امامها اليوم في فلسطين هو الصهيوني القوي المدجج بالسلاح النووي والتقليدي . في مجال التفاوض : وفي مجال التفاوض باعوا كل شئ مقابل البقاء على كراسي الحكم ،ففي اتفاقية كامب ديفيد : التي تمت في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن بعد 12 يوما من المفاوضات في المنتجع الرئاسي كامب ديفيد في ولاية ميريلاند القريب من عاصمة الولايات المتحدة واشنطن، حيث كانت المفاوضات والتوقيع على الاتفاقية تحت إشراف الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. ونتج عن هذه الاتفاقية حدوث تغييرات على سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر، وتم تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989 و لم تُعرض على البرلمان المصري،واستقال وزير الخارجية المصري محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وسماها مذبحة التنازلات، وكتب مقال كامل في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد" المنشور في بداية الثمانينيات أن "ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل"، وانتقد كل اتفاقات كامب ديفيد لكونها لم تشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطـاع غـزة والضفة الغـربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره . وقد قتل الســادات بعـد فترة وجيزة من صلحـه مـع الصهاينة . وللأختصار فان بيجن استغل الأيام التي تلت كامب ديفيد مباشرة للإعلان عن عزمه على إقامة مستوطنات في الأراضي المحتلة، ثم بلغت ذروة تصريحاته عام 1981م عندما أقسم أنه لن يترك أي جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان والقدس،وهذا ما حصل بعد ذلك ولايعرف على وجه اليقين الأسباب المؤدية لحصول السادات وبيجن على جائزة نوبل للسلام . taherbakaa@yahoo.com