كردستان «على شفا الإدارتين».. ولا مؤشرات على توقف حركة الاحتجاج
0000-00-00 00:00:00 - المصدر: العالم
السليمانية - دانا أسعد وعلي السراي حاول الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، إعادة الأزمة السياسية الراهنة في إقليم كردستان إلى الحرب الداخلية، حين أغلق مكاتب قنوات فضائية من دهوك وأربيل واقتاد كوادرها إلى خط التماس "التاريخي" لقتاله مع الاتحاد الوطني الكردستاني، في تسعينات القرن الماضي. وتتصاعد موجة الاحتجاجات في محافظة السليمانية، التي انطلقت منذ أشهر، للمطالبة بصرف الرواتب المتوقفة وحل الأزمة السياسية التي نشبت على خلفية حسم ملف رئاسة الإقليم، وسط تكهنات بإمكانية أن تقود الى تقسيم إقليم كردستان إلى إدارتين. وجاء قرار إغلاق مكاتب لفضائيات كردية من مدينتي دهوك وأربيل وطرد العاملين فيها، بعد أن تعرضت مقرات للحزب الديمقراطي الكردستاني للحرق من قبل محتجين في عدد من مدن محافظة السليمانية، خلال الأيام القليلة الماضية. وأغلقت قوة أمنية كردية تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، ليلة أمس الأول، مكاتب تابعة لقناة "كي أن أن" الفضائية في محافظتي أربيل ودهوك، كما اقتحمت مكتب قناة "إن أر تي" في أربيل ودهوك قبل أن تقوم بغلقه، ورحلت موظفيها مع معداتهم إلى السليمانية. وقال كاوه عبد القادر، مدير مكتب "إن أر تي" في أربيل، إن "القوة الأمنية اقتادت الصحفيين، بعد أن استحوذت على أجهزة التصوير والاتصال، إلى منطقة ديگله (جنوب شرق) أربيل". وأضاف عبد القادر، الذي تعرض إلى الضرب من قبل عناصر القوة الأمنية، في تصريح لـ "العالم"، إن "القوة الأمنية اجتازت نقطة التفتيش في ديگله، ووضعت الصحفيين في الطريق العام وسلمتهم معداتهم، قبل أن تبلغهم بالعودة إلى السليمانية، وأنهم ممنوعون من دخول أربيل". وتعد منطقة "ديگله"، آخر نقطة "تاريخية" لنفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني، ليبدأ بعدها نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني وصولاً إلى السليمانية. وشهدت "ديگله" مواجهات دموية خلال الحرب الداخلية الكردية بين الحزبين الكرديين، بين عامي ٩٤ و٩٨، حيث سقط فيها المئات من ضحايا القتال بين الطرفين. وتحولت "ديگله"، خلال تلك السنوات إلى "خط تماس" للنزاع بين الطرفين، وصارت المنطقة الفاصلة بين النفوذ الأصفر (الديمقراطي الكردستاني) والأخضر (الاتحاد الوطني). ونشطت قناة "إن أر تي"، التابعة لشركة "ناليا" الاستثمارية، و"كي أن أن" التابعة لحركة التغيير، بزعامة نوشيروان مصطفى، في تغطية الاحتجاجات منذ اندلاعها في مدن إقليم كردستان، لا سيما محافظة السيلمانية. وتفاقمت حدة الاحتجاج، بعد اجتماع هو التاسع للأحزاب الخمسة في فندق "شاري جوان" في السليمانية، الخميس الماضي، لحسم أزمة رئاسة الإقليم. واستمر الاجتماع لأكثر من ثماني ساعات من دون التواصل إلى نتائج، وقررت الأحزاب الأربعة "إيقاف المفاوضات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني". ومنذ بدأت ازمة رئاسة الاقليم، عقدت الاحزاب الرئيسة الخمسة في البرلمان الكردي (الديمقراطي، التغيير، الوطني، الاتحاد الاسلامي، التجمع الاسلامي) 9 اجتماعات. وخلال الاجتماع الأخير، قام عدد من النشطاء المدنيين بنقل موقع التجمع الاحتجاجي الى الساحة المواجهة للفندق بهدف الضغط على الأحزاب السياسية الرئيسة في الاقليم للخروج بحلول سريعة ونهائية للازمة السياسية. وبدأ التجمع يستقطب المزيد من المحتجين الشباب، ما دفع السلطات إلى استقدام عجلات وقوات لمكافحة الشغب، لمنع شباب غاضبين من اقتحام الفندق، سيما بعد تسرب معلومات عن فشل الاجتماع. واندلعت مواجهات بين محتجين استعملوا الحجارة، والقوات الأمنية التي ردت عليهم بخراطيم المياه والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن سقوط نحو ٢٠ جريح. بالتزامن، اندلعت تظاهرات في مدن اخرى في محافظة السليمانية، تأييدا لمتظاهري فندق "شاري جوان"، فيما أعربت رئاسة البرلمان الكردي عن طريق بيان عن تضامنها مع مطالب المتظاهرين، ومناشدة الأجهزة الامنية عدم استخدام النار الحي لتفريقهم. وبدأت الاحتجاجات تأخد طابعاً مختلفاً حيث هاجم متظاهرون مقرات للحزب الديمقراطي الكردستاني في مناطق مختلفة من محافظة السليمانية. ويلقي طيف واسع من المحتجين في السليمانية باللوم على الحزب الديمقراطي الكردستاني بأنه يقف وراء الأزمة السياسية والاقتصادية في الإقليم، فيما يتهم حزب بارزاني خصومه السياسيين بـ"التآمر عليه"، بينما طالب البرلمان الكردستاني بالموافقة على إجراء استفتاء لحسم أزمة الرئاسة، لكن مفوضية الانتخابات رفضت الطلب لـ"ضيق الوقت". وفي ٩ تشرين الأول الحالي، تظاهر المئات من المدنيين أمام المقرات الحكومية في مدينة قلعة دزه (جنوب السليمانية)، ولاحقاً توجهوا نحو مقر الحزب الديمقراطي وبدأوا بإلقاء الحجارة، فيما رد عليهم حراس المقر بالرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل متظاهرين اثنين، وأصابة ١٧ آخرين. وقضى طفل في قلعة دزه حرقاً حين حوصر بالنيران التي نشبت في مقر الحزب الديمقراطي. وفي اليوم التالي، أجبر المتظاهرون مسؤولي جميع مقرات الأحزاب السياسية في "قلعة دزه" على إنزال إعلامهم ولافتات التعريف. وقلعة دزة، مركز قضاء بشدر التابع لمحافظة السليمانية، تبعد 140 كم من مركز مدينة السليمانية. وتعرضت المدينة عام 1974 إلى التدمير من قبل حزب البعث وقصفت المدينة بالاسلحة الثقيلة، وفي 1982 تم تدمير المدينة مرة اخرى من قبل الحكومة العراقية وتم ترحيل سكانها الى مناطق اخرى. وانطلقت من قلعة دزة القريبة من جبال قنديل، شرارة الانتفاضة الكردية عام 1991، كما اندلعت منها الحرب الداخلية بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي 1994 والتي استمرت 4 سنوات راح ضحيتها عشرات الالف من البيشمركة والمدنيين من الجانبين. وانتشرت أعمال الشغب ضد مقرات الأحزاب السياسية، خلال الأيام الماضية، خصوصاً الديمقراطي الكردستاني في مناطق أخرى محيطة بقلعة دزه. وهاجم المتظاهرون مقرات حزب بارزاني في مدن "زاراوة، كلار، حلبجة، حاجي اوا، سيد صادق، رانية، بينجوين، حلبجة الجديدة" ومدن أخرى في السليمانية، وكويسنجق، طق طق في أربيل، وجميعها مناطق تابعة لنفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني. وبلغت الحصيلة الأولية لأعمال الشغب في مدن محافظة السليمانية، وأجزاء من محافظة أربيل، خمسة قتلى ومئات الجرحى. وفي وقت لاحق، قال فرحان جوهر عضو برلمان كردستان عن الحزب الديمقراطي، في تصريحات صحفية، "من حقنا إطلاق النار الحي ضد من يهاجم مقراتنا"، فيما اتهم المكتب السياسي لحزب بارزاني "جهة سياسية" من دون الإفصاح عنها بالوقوف وراء الهجمات، وفي بيان لاحق، قال المكتب إن "نوشيروان مصطفى هو من يقف وراء تلك الهجمات". وقالت حركة التغيير، في بيان صحفي، إنها "ضد أعمال الشغب والعنف"، وبالتزامن طالبت حكومة إقليم كردستان، بـ "المحافظ