اخبار العراق الان

أعماق.. وكالة بمحررين أشباح

أعماق.. وكالة بمحررين أشباح
أعماق.. وكالة بمحررين أشباح

2015-11-26 00:00:00 - المصدر: واي نيوز


وهو يتحدث عمّا يعرف بامارات الساعة، كان صالح الفوزان رجل الدين السلفي المهم والمؤثر في صناعة جيل داعش ومن قبلها القاعدة يتداول أسماء مناطق وردت في أحاديث نبوية، يبدأ أحد هذه الاحاديث التي تشعر بثقة الفوزان فيها بالتالي "لا تقومُ السّاعةُ حتّى تَنْزِلَ الرّومُ بِالأَعْمَاقِ، أو بِدَابِقٍ"، في مكان آخر في الانترنت ستجد صوت ابي مصعب الزرقاوي مؤسس فرع القاعدة في العراق وهو يقول "وها هي الشرارة قد انقدحت في العراق وسيتعاظم أوارها بإذن الله حتى تحرق جيوش الصليب في دابق"، وفي الوقت نفسه تكاد تكون مجلة دابق والتي تصدر باللغة الانجليزية اهم وسيلة اعلام لدى داعش ترافقها وكالة أنباء زئبقية اسمها وكالة أعماق.

 

دابق والأعماق اسمان لمكانين قريبين من بعضهما البعض رغم ان الحدود التركية السورية تفصلهما، يفترض وحسب ما يسمى بروايات الملاحم والفتن والحوادث ان يكونا مكانا لمعركة فاصلة بين اجناس مختلفة تفضي الى انتصار طرف محدد، واستخدام اسميّ هذين المكانين مع تحميلهما بإيديولوجيات نهاية العالم الغيبية يؤتي اكله بالنسبة لتحشيد الرأي العام المتطرف من كل مكان في العالم، حيث استطاعت داعش وعن طريق وكالة أنباء تعتمد مدونات تمبلر ووردبريس وصفحات تويتر ونوافذ يوتيوب أن تخلق شبكة متابعين ومتعاطفين يزيدون من قدرة الوكالة على الانتشار.

 

ليس هناك الكثير من المعلومات عن وكالة أعماق التي توصف من قبل أنصار التنظيم الارهابي بانها "مقربة" وهو تلميح يراد منه افتراض انها شبه مستقلة وان هدفها تغطية الاحداث وليس الترويج لهجمات التنظيم، لكن المتتبع لطريقة صناعة الاخبار السريعة وذات الكلمات القليلة يتأكد له أن أعماق تؤدي اجندة واضحة للتنظيم وانها لا تختلف عن مؤسسات داعش الاعلامية الاخرى مثل "الفرقان" و"أجناد". ويمكن الانتباه الى ان أعماق تختص بنقل الاخبار والصور ومقاطع الفيديو التي يراد منها اثبات تقدم على الارض او ثبات في موقع ما. والوكالة ليست معنية بـ "الإصدارات" والتي تكون رسائل خبرية موسعة وتحتوي على اناشيد واحاديث ولقاءات تختص بها المؤسسات الاخرى، الا انها تساهم بالترويج للإصدارات.

 

يقوم على فتح منافذ لوكالة اعماق في فضاء تويتر المراقب بشدة من قبل ادارة الموقع اعلاميون ينتمون لداعش ولديهم صفات محلية تتبع تقسيمهم للولايات، هؤلاء الاعلاميون يراقبون بعضهم البعض رغم الحذف المتكرر لحساباتهم ولديهم القدرة على تكرار صناعة حسابات مشابهة (من ناحية صورة البروفايل او اسم الحساب) لضمان عودة المتابعين المتعطشين لاخبار الوكالة. شخصيات مثل "أبو إيلاف" و"ترجمان الأساورتي" والذي تحول الى مؤسسة هم الداعمون لعودة وكالة اعماق بعد كل موجة حذف تقوم بها ادارات تويتر ويوتيوب وتمبلر وآسك وغيرها.

 

تتحدث تقارير عالمية عن أماكن رصدت فيها تغريدات أو مدونات تكتب لصالح وكالة أعماق وغالبا ما كانت في تركيا وغزة بشكل يفوق غيرهما من الاماكن، لكن تقارير اخرى تتحدث عن عمل عنكبوتي يبدأ في دولة شرق اوسطية مثل سوريا كمصدر للخبر ولكنه يمر بمراحل عديدة منها دول الخليج واوربا قبل ان ينتشر في الفضاء الالكتروني، لكن مقاطع الفيديو القصيرة والتي تتميز بالدقة العالية ونوعية الكاميرات الفائقة الوضوح والتي يتم التصوير من خلالها تعني بالضرورة اجراء المونتاج في مكان صناعة الخبر لصعوبة انتقاله عبر الانترنت بالنظر لحجمه الالكتروني وشدة المراقبة المخابراتية لمثل هكذا وسائط.

 

غرفة تحرير وكالة أعماق حيث يتم صناعة الخبر والانفوغرافيك هي الكترونية كما يعتقد غالبية المتابعين لهذا الشأن، لكن الامر ليس له علاقة بما نراه نحن من انترنيت، غالبا ما يستخدم اعلاميو التنظيم الارهابي ما يسمى الانترنيت العميق او الخفي Deep Web والذي يمكن الوصول الى جزء يسير منه عن طريق المتصفح tor فيما تختفي مثل هكذا مواقع ومنصات عن غوغل وياهو لانها ببساطة لا تريد ان تظهر وتقوم بصناعة حيل تجعل تصنيفها وفهرستها صعبة ان لم تكن مستحيلة على حد تعبير خبراء هذا العالم المظلم، وتجاور داعش في الانترنت العميق تجار الاعضاء البشرية والمخدرات والقتلة المحترفين وتجار الاسلحة وصناع الافلام الاباحية غير القانونية.

 

ليست الاخبار التي تنشرها وكالة أعماق عسكرية فقط فهناك الكثير من المواضيع المتعلقة بعرض الحياة في مناطق نفوذ التنظيم على انها في احسن حال، وهناك من ينظر بدقة الى احترافية التصوير وفنيته في مقابل رداءة المحتوى المكتوب والتعليقات الصوتية والتي لا تعدو كونها تكرارا واجترارا لما قيل على لسان مختلف التنظيمات الارهابية من قاعدة اسامة وحتى قاعدة الزرقاوي، لكن الاخبار العسكرية والسريعة على طريقة العاجل هي الاكثر انتشارا واثارة للاهتمام، ويبدو ان الوكالة تسعى الى عدم تحريف ما تنشره لذلك تستعين بالتكثيف او مونتاج النص على شكل كارت توضيحي.

 

أكثر ما ينفع داعش من جهة وقنوات طائفية معروفة باسلوبها التحريضي من جهة ان الخبر الذي ينشر في الاخيرة يعود مصدره الى وكالة اعماق وهكذا لا يمكن اعتبار نشر اخبار تنظيم داعش ترويجا له خصوصا ان هذه القنوات قد ذاقت الامرين من التعامل المباشر مع التنظيمات الارهابية بسبب محاكمة كوادرها واستهدافهم المستمر.

 

 

من زاهر موسى