مترجم: مباحثات السلام اليمنية قد تنقذ دول الخليج من أنفسها
لن تجلب الأخبار المشجعة حول دخول وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام حيز التنفيذ في اليمن اليوم -في الوقت الذي تُعقد فيه محادثات سلام في سويسرا لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد- الراحة لليمنيين فقط، ولكن أيضًا إلى مجلس التعاون الخليجي. حصلت قوات التحالف الذي تقوده السعودية الذي يقاتل نيابة عن رئيس البلاد، عبد ربه منصور هادي، على نتائج متباينة في أحسن الأحوال. فلن يعزز التدخل العسكري لفترة طويلة هناك الأمن الإقليمي، وسيجعل من الصعب تنسيق السياسات حول سوريا. ولكن تتباين وجهات نظر دول الخليج حول كيفية المضي قدمًا في المشاكل الحادة الأخرى في المنطقة، التي لا يبدو أن أيًّا منها قريب من الحل الدائم.
تشير التجربة الأخيرة إلى أن تحقيق السلام والمصالحة بشكل سريع أمر غير محتمل. فالإرهاق والجمود على أرض المعركة، وليس الالتزام بترتيبات جديدة لتقاسم السلطة، فتحا الباب أمام المحادثات. إن القضايا السياسية الأساسية في اليمن عميقة ولا يمكن حلها بسهولة. واستعادة الوضع السابق الذي لا يأخذ في الاعتبار الانقسامات الجغرافية والديناميات القبلية لن يكون كافيًا لتحقيق الاستقرار الدائم. وبصرف النظر عن الدوافع التي جمعت الأطراف حول طاولة المفاوضات، فإن كلًّا من مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والقوى الإقليمية التي تعهدت بمساعدة اليمن على استعادة النظام، سيكونان مشغولين للغاية.
إلا أنه بالنسبة لبلدان التحالف الذي تقوده السعودية، هناك بعض الاستعجال لإنهاء الحرب. فقد باتت الصورة العسكرية غامضة، وذلك مع تحقيق كل من المتمردين والقوات الموالية للحملة الجوية عدة انتصارات مؤخرًا. ولكن بالنسبة لدول التحالف، ولا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعاني من عشرات الجنود بين القتلى والجرحى، كانت الحرب مكلفة ويمكن أن تولد المخاوف بشأن الاستقرار الداخلي، وذلك على الرغم من الاضطرابات المفتوحة التي يمكن تجنبها في دول مجلس التعاون الخليجي. سيؤدي إنهاء القتال إلى تخفيف الهواجس المحلية المتنامية بشأن الضحايا، وسوف يمنع حدوث أي انقسامات دائمة في دول مجلس التعاون الخليجي حول الإستراتيجيات العسكرية التي لم تكن مدروسة جيدًا.
من الناحية النظرية، فإن حل الصراع في اليمن يوفر أيضًا فرصة لدول مجلس التعاون الخليجي لإعادة تجميع وإعادة تركيز طاقاتها على الأزمات الأخرى، ولا سيما التحدي الأكثر إلحاحًا الخاص بانهيار سوريا كدولة. أذعنت معظم دول مجلس التعاون الخليجي للطلب السعودي لدعمها في اليمن، على الرغم من أن العديد من الخبراء الإقليميين يعتقدون أن سوريا والتهديد الإرهابي الذي تمثله الدولة الإسلامية أكبر. رفضت عمان، التي تقع بين اليمن والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، المشاركة في العمليات العسكرية، لكنها وفرت قناة مفيدة لإشراك الحوثيين في المباحثات خلال الصراع.
لكن تكريس المزيد من الوقت والاهتمام لسوريا وتهديد الدولة الإسلامية لن يسهل من عملية تطوير توافق قوي بين دول مجلس التعاون الخليجي على ما يجب القيام به. في العواصم السنية الرئيسية، تعد المعارضة القوية لبشار الأسد هي المحرك الرئيسي لسياسة تلك الدول اتجاه سوريا، وأولوية هزيمة الدولة الإسلامية ومن ثم التعامل مع الأسد، وهو النهج المتبع الآن عمومًا في العواصم خارج المنطقة، لا يتردد صداه في منطقة الخليج. فهذه الدول تتمنى رؤية الأسد خارج السلطة، ولكنها أقل وضوحًا حول طبيعة التهديد وأفضل إستراتيجية لازمة للتعامل مع تحدي الدولة الإسلامية.
وعلاوة على ذلك، لدى دول الخليج مجموعة متباينة من وجهات النظر حول العلاقة بين الإسلام السياسي اللاعنفي والجماعات المتطرفة مثل الدولة الإسلامية. بالنسبة لبعض الدول، مثل الإمارات العربية المتحدة، فكلاهما جزء من التهديد، في حين أن دولًا أخرى، مثل قطر، تميز بين الإسلاميين الذين يمكن التعامل معهم وبين المتطرفين الذين أوقعوا مثل هذا الضرر على المجتمعات المسلمة المسالمة وشوهوا صورة الإسلام. هذه الاختلافات، جنبًا إلى جنب مع الصراع في اليمن والإحباط إزاء التأخير في وضع الأسد كهدف رئيسي للجهود الدولية، يمكن أن يفسر إحجام الدول الخليجية عن النظر في دعم عسكري أكبر للحملة الدولية ضد الدولة الإسلامية.
حرب اليمن، سواء وضعت أوزارها قريبًا أو استمرت لفترة طويلة، تقدم بالفعل العديد من الدروس لدول مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية ولدولها باعتبارها جهات عسكرية قوية. القرار الذي اتخذته كل من مصر وباكستان، شركاء الأمن السابقين والمستفيدين من السخاء المالي السعودي، للتخطيط للحرب يبين حدود الدبلوماسية الخاصة بالرياض، وسيظهر أيضًا في سياسة المنطقة على نطاق أوسع في المستقبل. أملت السعودية في توسيع القدرة العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي من خلال دعوة مصر بشكل رسمي للانضمام إلى المنظمة الخليجية، ولكن قد تكون تلك الخطط أقل واقعية الآن. وقد أعلنت الرياض اليوم عن تشكيل تحالف عسكري مكون من 34 دولة لمكافحة الإرهاب، ويضم كلًّا من مصر وباكستان، ولكن لا تتوفر سوى تفاصيل قليلة عن هيكل التحالف والعمليات المزمع شنها.
مع مرور الوقت، سيتعين على المخططين العسكريين ومفكري السياسة في دول الخليج استيعاب التجربة اليمنية على عدد من المستويات الأخرى كذلك. فسوف تكون تلك الحرب بمثابة دراسة حالة واقعية حول حدود استخدام القوة الجوية في تحقيق أهداف سياسية. ويجب أن تدفع تلك الحرب نحو التفكير حول كيفية منع سقوط ضحايا من المدنيين عند قصف مناطق مكتظة بالسكان. وينبغي أيضًا أن تحفز إعادة التفكير حول شن عمليات عسكرية قبل بناء تحالف من الدول تتشارك الرأي نفسه، مع قواعد اشتباك متفق عليها. وأخيرًا، يتعين على بعض خبراء الأمن القومي الخليجي أن يكونوا أكثر فهمًا وتعاطفًا مع الأزمة التي تعاني منها أمريكا عندما تنشر قوة عسكرية لحل المشاكل التي هي في الأساس ذات طابع سياسي.
ليس هناك ما يضمن أن مجتمعات الأمن الوطني في دول الخليج ستطلق هذا التدريب بعد انتهاء الحرب، أو أنها سوف تستخلص الاستنتاجات بأن الخبراء العسكريين الغربيين يتعرضون لنفس الظروف. ولكن ذلك سيكون معلمًا مثيرًا للاهتمام على طريق بناء ثقافة أكثر وعيًا وفعالة أمنيًّا في المنطقة.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».