داعش والإسلام.. والإعلام الذي يسوقنا
إذا كنت من هواة البحث عن الحقائق، ولا ينطلي عليك ادعاءات الغرب المتكررة بأن داعش هي حركة إسلامية تطبق تعاليم الدين وتقتل باسم الشريعة، وإذا استأتَ يومًا من أكاذيب الإعلام – الدعائي – بأن الإرهاب أصله الإسلام، وأن المتشددين والمتسلطين ورافعي رايات العنف والقتل والإبادة هم في الأصل مسلمون وإن بدا غير ذلك.
كان عليك إذن أن تقرأ لـ”جراهام فولر” نائب الرئيس السابق للمجلس القومي للمخابرات الأمريكية، والمختص بالتنبؤ الإستراتيجي طويل المدى للأحداث، ويعمل حاليًا أستاذًا للتاريخ بجامعة ”سيمون فريز” الكندية؛ كتابه العبقري المعنون بـ”ماذا لو لم يظهر الإسلام؟”.
يرى “فولر” في تركيز الغرب على الإرهاب تحت اسم الإسلام، أمرًا يدل على ضعف الذاكرة؛ فقد استعمل رجالُ العصابات اليهود الإرهابَ ضد البريطانيين في فلسطين، كما استعمل نمور التاميل من الهندوس في سريلانكا الإرهاب، وابتكروا فن الأحزمة الانتحارية، ولجأ الإرهابيون اليونانيون إلى عمليات اغتيال ضد المسئولين الأمريكيين في أثينا، وكان الإرهابيون المقدونيون يثيرون الرعب في كل البلقان عشية الحرب العالمية الأولى، والقائمة طويلة ومرتكب الإرهاب إذن لا يحتاج لأن يكون مسلمًا .
ويورد المؤلف إحصائية حديثة للبوليس الدولي الأوروبي تقول بأنه وقع في دول الاتحاد الأوروبي 498 هجومًا إرهابيًّا في عام 2006م، منها 424 هجمة قامت بها الجماعات الانفصالية، و55 هجمة من متطرفين يساريين، و18 هجمة من مختلف الإرهابيين، ولم تقع سوى هجمة واحدة من إسلاميين .
وهذه الأرقام تكشف المدى الأيديولوجي الواسع للإرهابيين المحتملين في العالم، فهل من الصعب تصور أن العرب سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، الذين يغضبهم عدوان إسرائيل أو الغزوات الاستعمارية المتكررة لبلادهم، وإسقاط حكوماتها والتدخل في شئونهم؛ يقدمون على استخدام عمليات مماثلة من الإرهاب وحروب العصابات؟
وقد يكون السؤال الأدق هو: لماذا لم تبدأ هذه العمليات منذ وقت طويل؟ حيث إن الجماعات المتطرفة تستغل مشاعر الكراهية في عصر العولمة، فلماذا نتوقع ألا تشن هجماتها في قلب العالم الغربي؟.
إذن يعرض لك “فولر” في كتابه هذا بعض العمليات الإرهابية التي يقوم بها غير مسلمين لتتجلى حقيقة واحدة وهي أن ”الإرهاب لا دين له”. والكتاب عبارة عن دراسة نشرت في مجلة السياسة الخارجية الأمريكية منذ فترة، والمؤلف من المهتمين بالشرق الأوسط، ونشر له كتاب ”مستقبل الإسلام السياسي” في عام 2003م، والكتاب من ترجمة أحمد عز العرب وصادر عن مكتبة الشروق الدولية بالقاهرة .
وبعد كل هذه المعلومات التي – استفدت شخصيًّا منها – علينا أن نلوم أنفسنا، لأننا ننساق – دون وعي – خلف إعلام قد يصور لنا أن مقاومة المحتل والمغتصب للأرض (إرهابي)، أو أن الإسلام (دعوة إرهابية)، أو أنه ليس هناك إرهابيون (مسيحيون أو يهود أو هندوس أو غير ذلك)، كل ما أريده منك يا عزيزي أن تقرأ، حتى لا يسوقنا الإعلام مرة أخرى .
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست