«حسن الخميني».. هل يخوض حفيد «الخميني» غمار السياسة في إيران؟
10
Follow @AbdoNasser24للإمام الخميني ولدان، قُتل أحدهما عام 1977 وظلّ الآخر حيًّا حتَّى عام 1995، ولديهِ خمسة عشرَ حفيدًا، لم يتقلَّد أيّ منهم منصبًا سياسيًّا، ولم يدخل معتركَ السياسةَ يومًا. يعرف عن الخُميني، قائد الثورة الإيرانية، أنه كان زاهدًا، استطاع أن يقودَ ثورةً غيَّرت شكل الشرق الأوسط إن لم يكن العالمَ كلِّه، وخرج من هذا كلِّهِ بغرفةٍ صغيرةٍ فيها سرير وبعضُ مستلزماتٍ أخرى، لكنّ خلفَهُ علي خامنئي، المرشد الحالي للثورة، قدرت ثروتُهُ والأموال التي يسيطر بـ 95 مليار دولار، وفقًا لتحقيق استقصائيٍّ أعدَّتهُ رويترز. فهل استفادت عائلة الخميني كما استفادَ أتباعهُ المقرَّبون؟!
في هذا التقرير إطلالة على هذه القضيَّة.
حسن الخميني مع الرئيس روحاني
أحمد الخميني؛ هل قتلتهُ المخابرات الإيرانية بالفعل؟!
لقد أخذ والدي معهُ إلى قبرِهِ أسرارًا خطيرة. *حسن الخميني، متحدِّثًا عن والده أحمد
قُتل مصطفى الخميني، الابن الأكبر للإمام عام 1977 بتدبير من جهاز السافاك التابع للشاه، كما تدعم أغلب الدلائل. بينما تبقَّى أحمد الخميني الابن الأصغر للخميني ليساعدهُ في إدارة شؤون الدولة الإسلامية التي أسسها، ومع وفاة الخميني لم يحظّ أحمد بأي امتيازات، أو مناصب سياسيَّة، بينما استطاع النافذون (أمثال علي خامنئي وهاشمي رفسنجاني وغيرهما) أن يفوزوا بالمناصب العليا في الدولة. ولم يتبقّ لأحمد سوى ضريح والده الذي يؤمُّهُ آلاف الشيعة من العالم ليديرهُ ويدبِّرَ أموره.
ولكنَّ هذا النصيب لم يهنأ بِهِ أيضًا، فبعد وفاة والدهِ الخميني الكبير عام 1989 بستّ سنوات فقط قضى أحمد الخميني بنوبةٍ قلبيَّةٍ عام 1995. لكنّ هذه الوفاة كانت مشبوهةً بالنسبة لأتباعه وولدهِ الأكبر: حسن الخميني. كان أحمد الخميني قد انتقد المرشد الأعلى للثورة الحالي، خليفةَ والده، علي خامنئي، ما جعل وفاتهُ مشكوكًا فيها أيضًا، حيث اتهم أتباعه المخابرات الإيرانية بتصفيتهِ.
أحمد الخميني مع والده
حُجَّةُ الله؛ حسن الخميني، الابن الأكبر لأحمد، وحفيد الخميني الأبرز في إيران خرجَ بتصريحاتٍ كانت مُزلزلة حينها، عام 2000. زعم الخميني، الحفيد، أنه قد أخبره بواسطة رئيس منظَّمة القضاء العسكريّ مُحمَّد نيازي –المكلف بالتحقيق في سلسلة الاغتيالات التي طالت سياسين ومثقفين معارضين عام 1998– أنّ بعض المتهمين الذين جرى التحقيق معهم حول هذا الشأن اعترفوا بأنَّهم قاموا باغتيال والدهِ بالفعل. عبر دسّ السُمّ في الأدوية التي وصفها الأطبَّاء له لتخفيفِ ضَغطِ الدّمّ.
أمام هذه التصريحات خرجَ نيازي في مقابلة صحفيّة –لاستدراج الموقف حينها– ليقول بأنَّهُ درس أقوالَ المتَّهم الذي اعترف بِهذا الاعتراف، ودقَّقَ فيها ولكن ثَبَتَ أنّ الهدف من نشر هذه المزاعم سعي بعض المتهمين لتحريف مسيرة التحقيقات. وقبيل موت حجَّة الإسلام أحمد الخميني بأسابيع قليلة، كان قد ادعى أنّ الإمام الخميني، الجد، كان قد عارضَ استكمال حرب الخليج الأولى (مع العراق) بعد تحرير أراضي إيران من سيطرة صدام حسين، لكنّ رفسنجاني وبعض مسؤولي إدارة الحرب ضغطوا عليه لإكمال الحرب.
حسن الخميني: القادم من الخلف في سكون!
الخبر الأبرز في إيران حاليًا هو أنّ حفيد الإمام الخميني، حجَّةُ الإسلام حسن أحمد الخميني، قد أعلنَ ترشُّحُهُ يوم الجمعة الماضي لعضوية مجلس خبراء القيادة، الانتخابات ستُعقد يوم 26 فبراير المقبل بالتزامن مع الانتخابات التشريعية كذلك. الخميني الصغير أوضح أنَّهُ درس مسألةَ ترشُّحِهِ مع المرشد الحالي علي خامنئي، وفقهاء بارزين عاصروا جدَّه الإمام الخميني، وهاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. جدير بالذكر أنّ مباركة خامنئي للخميني بترشيح نفسهِ جاءت متحفظةً بعض الشيء بعد أن حذرهُ من «الإساءة إلى سُمعةِ جدِّه».
الخميني مع رفسنجاني
مجلس خبراء القيادة: يتألف هذا المجلس من 86 عضوًا يتمّ انتخابهم عن طريق اقتراعٍ شعبيٍّ مباشر، لدورةٍ واحدة مدتها ثماني سنوات. ويتولَّى هذا المجلس الإشراف على أعمال المُرشد، ويقوم أعضاء مجلس الخبراء بدراسة قرارات المرشد وتقييمها. كما يُناط بهذا المجلس مهمة أخطر وأهمّ وهي مهمة تعيين المرشد الجديد.
يُعرف عن الخميني الصغير أنَّهُ متسامح، ومنفتح، وتقدُّمي فيما يخصُّ قضايا الشَّباب والمرأة والحريَّات العامة. ويُتوقَّع أن تزداد شعبيته من فئة الشباب. كما يُتوقَّع كذلك أن تكون لديهِ شعبيَّةٌ جارفة جدًّا بسبب مقام أسرته وجدِّه، ما يجعلهُ بعيدًا بعض الشيء عن انتقادات الأصوليين. كما أنّ حسن الخميني قد ورثَ عن أبيهِ أحمد رعاية مقام والده والمؤسسة الصغيرة التي تُعنى بنشر فكر الإمام الخميني وطبع كتبه وخطبه، وهو بعدٌ آخر هام أيضًا.
مع زعيم كوبا فيديل كاسترو
صراع الأجنحة داخل الدولة
من يزعمون الولاء للإمام الخميني عليهم اتباع أمره بأن يبتعد الجيش عن الحياة السياسية. * من تصريح لحسن الخميني عام 2008
واجَهَ حسن الخميني، عدَّة انتقادات، لكنَّها انتقادات ليست لاذعة كغيره، فقد وجهت جماعة أنصار حزب الله الحارسة للقانون إليهِ تحذيرًا شديد اللهجة من أنه إذا ما توجَّهَ لمحافظة غلستان لإلقاء خطاب كان ينوي إلقاءه فسوف يتمّ الاعتداءَ عليه جسديًّا. سبقت هذه الحادثة حادثة أخرى عام 2010 عندما كان حسن الخميني يلقي خطابًا احتفالًا بذكرى الثورة، فقام مؤيدو الرئيس حينها أحمدي نجاد بالهتاف في محاولة لمقاطعة الرجل صغير السنّ.
لا يُظهر الخميني الجديد مواقفهُ بشكلٍ واضح، بالتحديد لا يظهر ميوله هل هي تجاه التيار الأصوليّ أم التيار الإصلاحي، لكنَّهُ يُشارُ إليهِ دومًا بأنَّهُ إصلاحيّ، فقد انتقدَ بصراحة سياسات أحمدي نجاد عام 2011، كما التقى السجينين علي رضا بهشتي ومحمد رضا جلالي بعد الإفراج عنهما بيومين. فيما نقلت رويترز عن أحد مصادرها أنَّ لعائلة الخميني روابط وثيقة بالإصلاحيين من خلال عدة زيجات. كما ذكرت العلاقة التي تربط حسن الخميني بمحمد خاتمي التي كانت وثيقة لفترة طويلة جدًّا.
لكنّ الرجل الذي يُصرّ على أن يكونَ حياديًّا تجاه التيارين رفض طلب بعض الإصلاحيين أن يترشح للرئاسة عام 2012. يعتقد محللون ومراقبون للشأن الإيرانيّ أنّ دخول الخميني المجلس سيتيح تشكيل تحالفًا ثلاثيًّا قويًّا مكوَّنًا من الرئيس حسن روحاني وهاشمي رفسنجاني والخميني. كان رفسنجاني قد ترشح لرئاسة مجلس خبراء القيادة لكنّ التيار الأصولي اكتسح الترشيح وفاز برئاسة المجلس.
مجتبى خامنئي: أقوى رجل في إيران!
بالوضع في الاعتبار التواجد السياسيّ والعسكريّ القوي والغامض لابن المرشد الحالي مجتبى خامنئي البالغ من العمر 46 عامًا، فقد يكون ضغط الإصلاحيين على حسن الخميني لدخول المعترك السياسي بسبب خوفهم من قوَّة مجتبى. كان لمجتبى دورٌ في الصعود المفاجئ لأحمدي نجاد عام 2005 وإعادة انتخابه عام 2009 كذلك. وقد كوَّن مجتبى شبكة علاقات ومصالح كبيرة جدًّا خلال العشر سنوات السابقة، مع قادة نافذين في الحرس الثوري الإيراني ومع رجال دينيين من التيار الأصولي. وقد تولى الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي سعد جليلي عام 2013. كما يدير شؤون والده المرشد الأعلى ويجمع في يده مهمة دعم حزب الله والتنظيمات الشيعية في العراق وحركة حماس!
هناك معلومات متناثرة بأن لمجتبى فريقًا استشاريًّا، كما يُشاع عنهُ –وفقًا للجزيرة نت– أنَّهُ يتدخَّل بشكلٍ مباشر في اختيار قادة الحرس الثوري وتنصيبهم، كما يُزعم بأنه كذلك من يُحدِّد سياسات النظام من خلال تأثيره ونفوذه على مكتب والده. ما دفع بعض المحللين والمراقبين لوصفهِ بـ«أقوى رجل في إيران حاليًا».
يمكن إذًا القول بأنّ ظُهُور حسن الخميني لم يكن مفاجئًا، خصوصًا أنَّ عائلة الخميني اعتزلت السياسة من بعد وفاته. مع الوضع في الاعتبار دوائر المصالح والعلاقات المتشابكة داخل أجهزة ومجالس النظام الإيراني. شخصٌ نافذ كهاشمي رفسنجاني والذي كان مرشًّحًا لخلافة خامنئي لا يبدو أنه سيستطيعُ ذلك، لذلك اقترح أن يكون هناك مجلس قيادة بدلًا من مرشد واحد، ما جعل قائد الحرس الثوري الإيراني ينتقدهُ بشدَّة.
ومن المعروف أن خامنئي يعاني حالة صحية غير مستقرة، وباتت عملية اختيار مرشد جديد للثورة والجمهوريَّة الإسلامية القضية الحساسة في إيران. ويسعى التيار الإصلاحي لتواجد قوي في مجلس خبراء القيادة ليحاول أن يفرض مرشحه من خلال أعضاء المجلس، كما يسعى التيار الأصوليّ حثيثًا نحو التواجد بقوَّة والسيطرة الشرسة على المجلس ليستطيعوا الدفع بأحد الملالي الكبار والأصوليين لمنصب المرشد، أو ربَّما للدفع بمجتبى، فمن يدري؟
فهل سيُحسم الأمر لتيار خامنئي؟ أم أنّ دخول حسن الخميني معترك السياسة قد يقلب الطاولة على الجميع؟ لنرى ما ستخبرنا به الأيَّام.