الإيكونوميست: كيف يمثل الإخوان المسلمون معضلة لديفيد كاميرون؟
بحسب بيان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في البرلمان البريطاني، فإن الحكومة البريطانية تعلمت “الكثير مما لم تكن تعلمه من قبل” عن جماعة الإخوان المسلمين خلال تحقيقات استمرت لمدة عامين حيث نُشِر مُلخّص هذه التحقيقات منذ أيام. ومن بين الاستنتاجات التي أشار إليها كاميرون أن جماعة الإخوان المسلمين “تتعمد الغموض والسرية. وهي كشبكة وكفكر كانت بداية لبعض الأفراد والجماعات التي شاركت في أعمال عنف فيما بعد. ونتيجة لذلك، فإن الحكومة ستتعامل مع أعضاء وقياديي الإخوان المسلمين على أنهم “مؤشر محتمل للتطرف”.
هذا على الرغم من أن التقرير لم يقترح حظر جماعة الإخوان أو حتى تصنيفها كمنظمة إرهابية، مما قد يكون مخيبًا لحكومتي المملكة العربية السعودية، وبالأخص الإمارات العربية المتحدة التي مارست ضغوطًا قوية على بريطانيا للتحقيق في نشاط الإخوان وحظرهم.
يقدم التقرير الملخص -المكون من 11 صفحة- الذي نشرته الحكومة البريطانية بعض النقاط المثيرة، على الرغم من أن معظم محتوياته لا تبدو مفاجِئة لأي شخص مطّلع على تاريخ السياسة الإسلامية، وبشكل خاص، سياسة المسلمين المغتربين طوال القرن الماضي. لذا، إذا كان هناك أية أفكار أو رؤى جدلية جديدة، فإنها بالتأكيد محفوظة بين الأجزاء التي لم يتم نشرها.
ومع ذلك، تلك الحقائق “المألوفة” التي نصّ عليها الملخص صادمة بما فيه الكفاية، كما تساعد في توضيح لماذا يشكل الإخوان لغزًا محيرًا للحكومات الغربية. كما تشير “النتائج الرئيسية”، تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر على يد حسن البنا، ومنذ بداية نشأتها وهي تمثل مفارقة. كان هدفها على المدى الطويل هو إعادة إقامة دولة الخلافة الإسلامية والعيش في تحت حكم الشريعة الإسلامية. ولكنها كان يجب عليها البدء في العمل من القاع، عن طريق إقناع الأفراد بإصلاح حياتهم، وتدعيم الحركات الاجتماعية التي من شأنها أن تكون أحجار البناء لإقامة دولة ومجتمع إسلاميين. كانت الجماعة شعبوية وديموقراطية في أساليبها، استبدادية في رؤيتها، هذا المزيج الاستثنائي عادة ما يكون علامة مميزة للمنظمات الموالية للإخوان.
أحد أعظم مُنظري الإخوان المسلمين كان المفكر المصري سيد قطب، الذي أُعدِم عام 1966. أثّر فِكره التكفيري في العديد من قادة الإرهاب العالمي، بما فيهم قادة تنظيم القاعدة. بالرغم من أن منظّري الإخوان أدانوا تنظيم القاعدة بشدة (وفي بعض الأحيان حصلوا على القبول من الغرب لقيامهم بذلك) إلا إنهم لا يزالون ينتمون لسيد قطب بشكل كبير، كما يشير التقرير.
في حُكمٍ قاسٍ نسبيًا، أشار السير جون جينكنز –أحد مؤلفي التقرير- إلى الآتي:
«في أغلب الأوقات، كان الإخوان المسلمون يفضلّون التغيير التدريجي غير العنيف على أساس المنفعة، غالبًا من منطلق أن المعارضة السياسية سوف تختفي عندما تكتمل عملية الأسلمة. ولكنهم مستعدون لتأييد العنف –وأحيانًا الإرهاب- عندما يكون التدرج غير فعال».
ولكن أحد مؤلفي التقرير الآخرين وهو تشارلز فار قدّم وجهة نظر أكثر تساهلًا مع الجماعات المستوحاة من الإخوان التي تعمل في بريطانيا، ووجد أن “مثل هذه الجماعات كانت تؤمن بإمكانية إقامة دولة إسلامية هنا في بريطانيا مثلها مثل أي بلد آخر، وكان لديهم الطموح لذلك في الماضي. ولكن ليس هناك ما يدل على أن الإخوان المسلمين لا يزالون يحملون هذه الرؤية أو على الأقل هم لا يقومون بالترويج علنًا لإقامة دولة إسلامية هنا.”
هذا يترك الحكومة البريطانية (والعديد من الحكومات الغربية) في مأزق، فهي دائمًا ما تحرص على إيجاد المحاورين المسلمين المنظمين الذين يمكن أن يكونوا بمثابة القناة بين السلطات الرسمية والمسلمين العاديين. ولكن من بين الجماعات الأكثر استعدادًا للاستجابة لدعوة الحكومة هم منظمات موالية للإخوان، بعقيدتهم البراغماتية فهم يستخدمون جميع القنوات المتاحة بما في ذلك السياسة المجتمعية والمنافسة الانتخابية. هذه المنظمات دائمًا ما تقول بأنها تحترم سيادة القانون والنظام السياسي الديموقراطي، إلا إن هذه المزاعم من المستحيل إثباتها أو نفيها، نظرًا لأنه يستحيل أن نتأكد من الأهداف بعيدة المدى لأي شخص أو جماعة.
في ظل هذا الوضع، من الخطأ التعامل مع الإخوان المسلمين والجماعات المشابهة لها على أنها مثل تنظيم القاعدة. ولكن الصواب أن نتعامل مع هذه الجماعات بحذر لأننا لا نعلم أهدافهم الحقيقية، ولعل نشر هذا التقرير هو خطوة نحو التوصل إلى هذا التوازن.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».